بلدي نيوز – (متابعات)
كشف محلل عسكري وخبير في العلاقات بالشرق الأوسط، تفاصيل الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل في سوريا، ضد المفاعل النووي الذي ساعدت فيه بيونغ يانغ دمشق في إنشائه مطلع عام 2000.
وقال مارسيل سير، الخبير في السياسات الأمنية الإسرائيلية في مقال بمجلة "ناشيونال انترست" الأميركية الخميس الماضي، إن مع عام 2006 رصدت الاستخبارات الإسرائيلية منشأة مريبة في منطقة نائية شمال شرقي سوريا على مقربة من نهر الفرات تبعد 30 كيلومتراً عن مدينة دير الزور؛ وكانت تلك المنشأة مغطاة بسقف ضخم حالَ دون وضوح الرؤية من الأعلى، حسب موقع هاف بوست عربي.
وبحسب الكاتب، تأكد الشك بشكل سريع على نحو غير متوقع من مصدر إيراني رفيع هو الجنرال علي رضا عسكري، الذي كان المستشار الأمني لرئيس إيران السابق محمد خاتمي ثم تولى منصب نائب وزير الدفاع لعدة سنوات، لكنه بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد عام 2005 بات من المغضوب عليهم، فانشق وفر إلى الولايات المتحدة في فبراير/شباط 2007.
وهناك باح "عسكري" بما لديه وقدم معلومات شديدة الأهمية، منها إدلائه بتفاصيل حول البرنامج السوري النووي الذي مولته إيران وبناه الكوريون الشماليون، حيث كانت المنشأة لمفاعل ذي مهدئ غرافيتي تحت اسم "الكبر" قادر حسب المفترض على إنتاج البلوتونيوم للأسلحة النووية، وقدمت الولايات المتحدة تلك المعلومات لإسرائيل.
وتعود الاتصالات ما بين بشار الأسد وكوريا الشمالية إلى يونيو/حزيران من عام 2000 بشأن إنشاء مفاعل نووي؛ فالتعاون المسلح بين نظام الأسد وبيونغ يانغ هو تقليد وثيق العرى، ذلك أن النظام الشيوعي المستبد في كوريا الشمالية سبق له في الماضي أن ساعد سوريا على تطوير أسلحة كيميائية.
وفي عام 2002 وصلت طلائع المواد الأولية الكورية الشمالية إلى سوريا، يصحبها فريق من التقنيين والعلماء؛ باشرت أعمال البناء في تشييد الموقع.
بغية التأكد من التقارير المقلقة عمد الموساد الإسرائيلي إلى تفتيش غرفة إبراهيم عثمان، مدير هيئة الطاقة الذرية السورية، التي نزل فيها في فندق بفيينا في مارس/آذار 2007. عن إهمال، ترك عثمان جهاز حاسوبه المحمول (اللابتوب) في غرفته، فكان سهلاً على العملاء الإسرائيليين نسخ محتويات قرصه الصلب.
وبحسب سير المفاجأة التي فاقت التوقعات كانت في البيانات المنسوخة التي حصل عليها الموساد، فقد عثروا على عشرات الصور الملونة التي تظهر داخل البناء، ما قطع الشك باليقين وأكد أن السوريين يبنون مفاعلاً نووياً بمساعدة كوريا الشمالية، حيث ظهر في إحدى الصور تشون تشيبو، الخبير النووي الرائد والبارز في كوريا الشمالية.
واعتقد الموساد واقتنع أن الهدف الوحيد من وراء برنامج سوريا النووي هو تطوير الأسلحة النووية، وكذلك أظهرت الصور أن المفاعل لا تفصله سوى أشهر قلائل عن مرحلة الجاهزية للعمل؛ لكن في حال دخل المفاعل مرحلة العمل، سيكون من الصعب تنفيذ ضربة جوية بسبب المواد النووية وغبارها. لهذا كان لزاماً على إسرائيل أن تتحرك بسرعة.
بمجرد أن تأكدت تل أبيب من أن سوريا على وشك تنشيط مفاعل نووي، ناقشت إسرائيل الخطوات التالية مع واشنطن، فوافى عمير بيريتس وزير الدفاع الإسرائيلي نظيره الأميركي روبرت غيتس في الـ18 من نيسان/ أبريل بالنتائج التي اكتشفها الموساد.
لكن الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش، كان حذراً، فبعد الكارثة الإعلامية في العراق ومزاعم حيازة العراق لأسلحة دمار شامل لم يعثر لها على أثر، أرادت إدارة بوش أن تتلافى الوقوع في غلطة أخرى مهما كلفها الأمر، بحسب المقال.
لكن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA تحققت من المعلومات التي عثرت عليها إسرائيل ووافقت إسرائيلَ في تأويلها لها، مع ذلك ظل الشك يساور بعض كبار المسؤولين في إدارة بوش خشية تصعيد جديد في منطقة الشرق الأوسط دون سيطرة.
ويتابع الكاتب "ثم في الـ5 من أيلول/ سبتمبر وبعد أسابيع من جولات الجدل والمناقشات السياسية السرية في مجلس الأمن الإسرائيلي حصلت القوات الجوية الإسرائيلية على الضوء الأخضر لتنفيذ "عملية البستان"، وليلتها أقلعت 10 مقاتلات F-15 و F-16 من قاعدة رامات ديفيد الجوية الإسرائيلية".
وأضاف "في البداية حلقت الطائرات شمالاً على طول ساحل المتوسط، ثم فجأة انعطفت شرقاً على طول الحدود السورية التركية، وقامت بتشويش إلكتروني لأنظمة الدفاع الجوي السورية ودمرت محطة رادار، وبذلك نجحت بدخول المجال الجوي السوري".
وأردف "ثم حوالي الساعة 12:45 فجراً أبلغ الطيارون عن تنفيذ مهمتهم بنجاح، وتم تدمير المفاعل النووي السوري حتى قبل أن يتسرب الخبر ويتناقله الإنترنت، وعادت الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها سالمة، بحسب المجلة الأميركية".
في اليوم التالي ذكرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء خبراً مفاده أن مقاتلات جوية إسرائيلية اقتحمت المجال الجوي السوري، وبعدما رصدتها أنظمة الدفاع السورية ألقت المقاتلات بذخائرها وسط الصحراء ثم انكفأت راجعة دون أن تحدث أي أذى. في الواقع إن الدفاع الجوي السوري لم يطلق صاروخاً واحداً.
بعد الضربة التزمت إسرائيل الصمت، فالأسد حفظ ماء وجهه بنفي وجود برنامج نووي أصلاً، متلافياً بذلك الرد بتوجيه هجوم مضاد.
بعدما نفذت مهمتها قامت وحدة شايطيت 13 (وحدة كوماندوز بحرية التابعة للبحرية الإسرائيلية) -وهي نظيرة قوات نافي سيلز الأميركية- باغتيال العميد محمد سليمان في الأول من أغسطس/آب 2008 على يد قناص أطلق رصاصة من بندقيته بينما كان العميد على مائدة العشاء في فيلا مطلة على البحر؛ حيث كان العميد الآمر الناهي في برنامج سوريا النووي كما كان هو همزة الوصل مع الكوريين الشماليين.