بلدي نيوز – (كنان سلطان)
تقول روسيا "من يريد استخدام ساحة سوتشي، من أجل رفع شعارات حول عدم مقبولية بقاء الأسد في السلطة، فإنه لا مكان لهم هناك"، في إشارة للمعارضة التي تشترط رحيل النظام .
روسا أعلنت "النصر" في سوريا، وأقرت احتلالها باتفاقية من نظام الأسد، وأكدت بقاءها نصف قرن وربما أزيد، ونجحت في القفز على كل ما سبق من مؤتمرات، وأعطت لهذا النظام الوقت الكافي للإيغال أكثر في دم السوريين، وها هي ذاهبة إلى "سوتشي" آخذة معها من قيل إنهم يمثلون من ظلموا، ونكل بهم، لإقرار الحل الروسي في سوريا.
"روبرت فورد" السفير الأمريكي الأسبق لدى سوريا، قال في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط "هل يعتقد أحد أن نظام الأسد وأجهزة الاستخبارات التابعة له، سيتلقيان الأوامر من الأمم المتحدة بشأن الانتخابات كي تتمكن الحكومة السورية الجديدة في خاتمة المطاف من الحد من سلطاتهم ومساءلتهم عن جرائمهم؟".
ويضيف "الأمم المتحدة عاجزة الآن عن مجرد توصيل المساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية، رغم الوعود الروسية بذلك؟، كيف سيتسنى لها فرض قوائم الناخبين الصحيحة، وقبول تسجيلات الأحزاب والمرشحين، والشروع في الحملات الانتخابية المنفتحة والمنصفة، وإتاحة الوصول إلى مختلف وسائل الإعلام السورية من دون التدخل والاعتقال والملاحقة من قبل أجهزة الاستخبارات التابعة بشار الأسد؟".
ويرى فورد أن"الخطة الروسية المعنية بالحوار الموسع، وإجراء الانتخابات الجديدة، ليست إلا قصة مثيرة لكل من السخافة والسخرية، وهي قصة ساخرة؛ نظرًا لأن النظام أبدًا لن يقدم أي تنازلات على أي صعيد".
الناشط المدني (محمد الحاج صالح) يقول "مؤتمر سوتشي هو بالأساس مبني على حصيلة شغل (بوتين) إثر الاتفاق الشفهي، وربما المكتوب سراً، بين (أوباما وبوتين)، الذي كان يقضي أن يتدخل الروس بعنف واسع ضد (الإرهابيين)، بعد أن شملوا الجيش الحر في قائمة الإرهابيين، والحفاظ على (الدولة) السورية تحت حكم الأسد، والإبقاء على أجهزة المخابرات والجيش، مع ترضية للمعارضة، لا ترقى إلى أن تكون ذات قيمة، والآن يدفع الروس بأن تكون وجوه معارضة لا تمثل شيئاً ذا بال إلى الواجهة".
أما الناشط السياسي (حمد الطلاع) فيرى أن "مؤتمر سوتشي ليس نتاجاً روسياً صرفاً، بل هو نتاج دولي وإقليمي متدرج، مرتبط ارتباطا وثيقا بحقيقة الموقف العالمي من النظام الأسدي، ومن جوهر الثورة السورية التي انطلقت في عام ٢٠١١".
ويضيف (الطلاع) في حديثه لبلدي نيوز "هذا الموقف الذي عبر عن رفضه للثورة التي هدفت إلى إزالة النظام، الذي وجد منذ عقود لهدفين رئيسيين؛ أولاً تحقيق الأمن لإسرائيل على حدودها الشمالية، وثانيا منع قيام دولة ديمقراطية، يحكمها القانون الذي إذا ساد، فإنه سيمكن أكثرية الشعب السوري من بناء دولة تستطيع مقاومة الأجندات الدولية في المنطقة، وتستطيع أن تشكل تهديدا للكيان الغاصب لفلسطين".
ويردف (الطلاع): "وبالتالي تم العمل على الشق السياسي للثورة، بالتوازي مع الشق العسكري منذ بواكيرها الأولى، فعسكريا تم تسليمها تدريجيا للتنظيمات المتطرفة، كي تمنح المجتمع الدولي ونظام الأسد مشروعية قمعها بالقوة، وسياسيا تم تجريدها من القيادات الثورية والوطنية تدريجيا، بهدف تنصيب أشخاص عليها، بعضهم أقرب لنظام الأسد رؤية وسلوكا، وبعضهم جزء أساسي من مخابرات الأسد".
ويؤكد "الوصول إلى قيادة سياسية باسم الثورة تقبل بالمصالحة مع نظام الأسد وإعادة إنتاجه، بشرعية شعبية، لا تضع المجتمع الدولي الذي يتبجح بحقوق الإنسان في حرج، بعد كل ما مورس على الشعب السوري من حرب إبادة".
من جهته المعارض السوري (وليد البني) يقول "بالنسبة لنا كسوريين أصبحنا كالأيتام على مائدة اللئام، سوتشي كما جنيف وآستانا لا أجد فرقا بينهم، جميعها تعكس موازين القوى العسكرية والسياسية على الأرض".
ويؤكد (البني) لبلدي نيوز أن "الروس وبتحالفهم مع الإيرانيين والأتراك هم القوى الأكثر تأثيرا على مسار الأحداث في سوريا، والولايات المتحدة لم تتخذ قرارا حاسما بعد، في المشاركة الفعالة في الحل السياسي في سوريا، وهي تقريبا أعطت تفويضا للروس في الملف السوري، إلى إشعار آخر".
ويشدد (البني) على أن السوريين وحيدين في مواجهة كل ذلك، ويقول "علينا أن ننظر إلى الأمور من زاوية المصلحة الوطنية، إذا قدم الروس ما يغري بالحضور، فيجب أن نحضر، وإذا لم يقدموا شيئا غير تمتين هيمنتهم على سوريا، وإعادة تأهيل نظام (مافيا الأسد)، لمواصلة التحكم بسوريا وشعبها، بنفس الطريقة السابقة، فيجب مقاطعة المؤتمر".
ويختم (البني) حديثه بالقول "يجب الانتظار وممارسة كل ما نملك من الحنكة السياسية والبراغماتية، ونؤجل قرار الحضور من عدمه، لنرى ما الذي سنحصل عليه من الحضور، وما سنخسره من عدم الحضور، لا يزال هناك متسع من الوقت لنكتشف صحة ذلك من خطئه".