The New York Times – ترجمة بلدي نيوز
لم يلحظ أحد الرجل الذي كان يحمل صواني الكاب كيك، فقد كان مجرد والد آخر في مهمة هنا في سوبرماركت "كروجر" لشراء "الكاب كيك" من أجل عطلة الفصل الدراسي في مدرسة "راي كي" الابتدائية حيث يدرس أطفاله.
الرجل الذي يلبس سترة مخططة عليها شعار التمساح لماركة لاكوست، يضع في حديقته الأمامية شجرة عيد ميلاد صغيرة اشتراها من وول مارت، وفي سيارته "الاس يو في" يوجد سلسلة معلقة لسجائر التدخين "وينستون".
الأب وهو سوري يبلغ من العمر 33 عاماً، لاجئ جديد نسبياً هنا، بعد أن استقر في هيوستن في كانون الثاني مع زوجته وأولاده، وطلب عدم نشر اسمه ومناداته فقط باسمه الأول، كمال، لأنه يخشى على سلامة أقاربه في سورية من النظام السوري.
يعيش كمال بما وصفه بعالم متناقض، وسط جدل أمريكي وطني حول عملية فرز اللاجئين السوريين، وهو يعتنق هويته الجديدة من تكساس ويشعر بأنه مقبول من قبل الجيران، لكنه شهد معركة المسؤولين في الدولة لمنع دخول المزيد من اللاجئين مثله، حيث يقاتل المسؤولون في ولاية تكساس في المحكمة الاتحادية لمنع توطين اللاجئين السوريين هنا بعد هجمات باريس، بسبب "المخاوف الأمنية الكبيرة التي تأتي من وجود اللاجئين السوريين".
وقد قام "سيد ميلر"، مفوض الزراعة في ولاية تكساس، بمقارنة اللاجئين السوريين بالثعابين، متسائلاً: "هل تستطيع أن تخبرني أن أي من هذه الأفاعي لن تلدغك؟"، فيما قال حاكم الولاية "غريغ ابوت" للصحفيين: "لا نستطيع السماح بإعطاء المساعدات الخيرية لبعض الناس فيما نعرض سلامة الجميع للخطر".
ولكن، بعد يوم من رفع النائب العام في تكساس الدعوى القضائية للدولة، كان كمال وعائلته المسلمة، قد اتجهوا إلى ساحة البلدة في ضواحي هيوستن – شوجر لاند لأنه أراد أن يستمتع أولاده - ابنه 11، وبناته الثلاث اللواتي تبلغن من العمر 9 و 8 وأصغرهن في الشهر الثاني من عمرها، بالشجرة المضاءة في عيد الميلاد في الساحة والتي سمع عنها في الفيس بوك، ومن ثم تناولوا عشاءهم في ماكدونالدز.
يقول كمال: "نحن بشر، لسنا بكلاب، ولا بثعابين، نحن لسنا بحيوانات، نحن بشر".
كمال عبر عن غضبه من محاولات الولاية منع السوريين من دخولها، لكن قال أن ذلك لا يؤثر على حياته اليومية، مضيفاً أنه لم يشهد مشاعر مضادة للاجئين أو معادية للسوريين في هيوستن، وأن لديه علاقات ودية مع معظم جيرانه المسيحيين، ومن ثم قال بكل فخر واعتزاز أن أصغر بناته والتي ولدت في هيوستن، مواطنة أمريكية.
وأردف: "لماذا أحضرتمونا إلى هنا، ومن ثم جعلتم الشعب الأمريكي يكرهننا؟ طلبتم منا الاندماج مع المجتمع ومن ثم قلتم لذات المجتمع أننا إرهابيون ويجب أن يخافونا، هذا ليس بمنطقي".
كمال هو نقيض الصورة النمطية للمهاجر المتواضع، هو فقط خجول بعض الشيء من لغته الانكليزية، ولكن هذا كل شيء، فقد انضم إلى اجتماع ضم قادة سوريين ووأمريكيين بالإضافة إلى وزير الأمن الداخلي، وقدم نفسه الى الوزير والمسؤولين آخرين، ووجه نداء للمساعدة لجلب والدته التي لا تزال في سورية إلى الولايات المتحدة، والتي أصيبت في هجوم بقذائف الهاون.
وضع كمال كلاجئ تحيط به السرية، ولكن تحت سترته يوجد ندبة وعلى فخذه الأيمن آثار قديمة تظهر سجله في "الحرب الأهلية" في سورية.
في عام 2011، كان كمال شيف يمتلك شركة خدمات مطاعم في دمشق، عاصمة سورية، وانضم إلى المظاهرات ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، ومن ثم ألقي القبض عليه واعتقل من قبل القوات العسكرية، وقضى 14 شهراً في السجن تحت التعذيب، والصدمات الكهربائية، وإزالة الكلى والتي تركت أثراً على جسده، حيث قام أطباء بعملية جراحية عليه أثناء احتجازه دون أسباب واضحة.
يقول كمال: "لقد اخذوا كليتي، كعقاب على معارضة الحكومة ... لقد فقدت جزءاً من إنسانيتي هناك".
وحتى الآن يعاني كمال من مشاكل صحية ولا يستطيع الوقوف لفترة طويلة، ولديه مشاكل مع جهازه العصبي والرقبة والظهر ويعاني من صعوبة في التركيز.
وقد استغرق منه سنتين ونصف للوصول إلى أمريكا، من الوقت الذي قدم به على برنامج الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى وصوله إلى هيوستن.
وفي مصر، استجوبه مسؤولي الأمن الداخلي، في تحقيق استمر أكثر من خمس ساعات وسألوه إن كان لديه مشاكل مع حكومة الأسد، ولما لم يهرب إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، يقول كمال أجبتهم: "بأنني أشرب في بعض الأحيان وارتدي الجينز وزوجتي تلبس حجاباً عادياً، وإن ذهبنا إلى التنظيم سيذبحنا قبل الأسد".
كمال كان قد وصل هيوستن في 15 كانون الثاني على الرغم من مقاومة كبار المسؤولين في الولاية، وهو يعمل الآن في إدخال البيانات ولكنه قريباً سيبدأ عمل جديد، كطاهي في مطعم الشرق الأوسط، حلمه أن يمتلك مطعماً، ولديه الاسم ولكن لا يملك المكان "لؤلؤة الشرق"، مع قائمة طعام من المطبخ الدمشقي، الفرنسي والإيطالي.