بلدي نيوز - (عمر حاج حسين)
يسعى العديد من السوريين لمتابعة دراستهم رغم ظروف الحرب التي شنها نظام الأسد عليهم، فمع منعهم من الحصول على أوراقهم الدراسية، وشطب السجلات الدراسية للكثير منهم من جامعات النظام ومدارسه بعد اتهامهم بالإرهاب، وعدم وجود الكثير من الفرص للحصول على مقعد جامعي في جامعات المناطق المحررة، والتي يزيد تعقيد أوضاعها كونها بدون أي اعتراف لحد الآن، أصبح التسجيل في الجامعات، والحصول على درجة جامعية ومتابعة الدراسة الأكاديمية أمراً متعذراً على عشرات الآلاف من طلاب الجامعات السوريين المنقطعين عن الدراسة، بسبب ملاحقتهم من قبل نظام الأسد.
الكثير من الطلاب السوريين في الداخل السوري وفي دول اللجوء، ممن عجزوا عن الحصول على مقعد جامعي، وبخاصة في الدول العربية كالأردن ولبنان، وجدوا في موضوع الدراسة عبر الانترنت مخرجاً ما من هذه الحالة، ومحاولة لتغطية هذا النقص، والحافز الكبير الذي يدفعهم للسعي لتحقيق ذواتهم.
(مازن) طالب حقوق سوري من ديرالزور، خرج من سوريا إلى الأردن هرباً من نظام الأسد، وبسبب عجزه عن الحصول على مقعد جامعي في الأردن بسبب عدم قدرته على الحصول على أي من أوراقه الثبوتية، فقد لجأ لطريقة أخرى في التحصيل العلمي، وهو موقع يقدم أحياناً شهادات لمقررات معتبرة في القانون وتاريخ القانون والقانون الدولي هو موقع (coursera)، والذي قدم مؤخراً منحة للطلاب السوريين في بلدان اللجوء، لدراسة بعض المقررات مجاناً، كما أنه يلجأ لمواقع أخرى تقدم شهادات لمساقات من جامعات كبرى، سواء عربية أو باللغة الإنكليزية، معظمها مجاني أو بمبالغ رمزية.
يقول(مازن) "استفدت من المنحة وسجلت عدة مقررات، المميز فيها أنني سأحصل على شهادة في هذه المقررات من جامعات مهمة، في أمريكا وبريطانيا وكندا، لم أكن أتخيل أنني يوما ما قد أحصل على أي شيء منها، وإضافة للفائدة العلمية، فإنني أسعى للتواصل مع هذه الجامعات بهدف الحصول على منحة ما بحكم وضعي كلاجئ، ومستواي الجيد في الدروس، التي أتابعها عبر الانترنت واقدم الامتحانات فيها عبر الانترنت"، ويضيف: "سعيت للتسجيل على جامعة عبر الانترنت، أكثر من مرة لكنني لم أستطع توفير القسط السنوي الذي يتجاوز قدراتي، إضافة لكوني أعمل لقرابة 12 ساعة يومياً في مطعم".
بالنسبة إلى (عبد الرؤوف) وهو طالب لغة عربية من جسر الشغور، فقد سعى للتسجيل في أكثر من جامعة لكنه عجز عن التسجيل بسبب وضعه المادي وعدم قدرته على الخروج من إدلب باتجاه إي مكان أخر، فقد قرر اقتراض بعض المال، بهدف التسجيل في جامعة "أونلاين" جربها بعض من أصدقائه ممن يعيشون في تركيا والسودان، تؤمن له إمكانية التسجيل والاستكمال، ويحصل على شهادة حقيقية معترف بها من أكثر من دولة، يقول (عبد الرؤوف) لبلدي نيوز: "الفصل الدراسي يكلف قرابة 700 دولار في هذه الجامعة، وهو مبلغ كبير جدا، لكنني حصلت على بعض الدعم من الأقارب والعائلة وعدة أشخاص، إضافة لاقتراضي الباقي، وسوف أسجل لفصلين، وهي المدة التي أحتاجها للتخرج، فقد أنهيت العام الثالث في كلية الآداب بجامعة حلب، عندما بدأت الثورة في سوريا، وأصبحت مطلوبا ً للنظام".
ويضيف (عبدالرؤوف) " لم يتبق أي باب أمامي سوى هذا، الجيد أن الوضع القانوني لهذه الجامعة التي مقرها في أوروبا وتدرس باللغة العربية عبر الانترنت جيد، وإلا لما كنت سجلت فيها، بسبب انتشار الجامعات الوهمية، التي تسرق المال، وليس لها اعتراف قانوني، سوف أسعى للحصول على مقعد للماجستير في حال تخرجت من هذه الجامعة".
موضوع الاعتراف القانوني وأهميته للجامعات يؤكده (مناف) وهو طالب أدب إنجليزي من ريف دمشق، حصل على شهادة في الأدب الانجليزي من إحدى الجامعات عبر الانترنت، وعندما حاول التسجيل على الماستر، اكتشف أن هذه الجامعة لا تمتلك أي اعتراف حقيقي في أي دولة، رغم أنه جرب التسجيل في جامعات عدة دول، ولكنه لم يستطع ذلك، يقول (مناف) "خسرت عامين من عمري ومبلغاً من المال يتجاوز أربعة ألاف دولار، عدا الجهد المبذول، لا أعرف ماذا يجب أن أفعل، يجب على البداية من جديد، لقد تعرضت للخداع، المسؤول الأول عن هذا هو نظام الأسد، الذي يمنعنا من الحصول على أبسط حقوقنا".
نظام الأسد بجملة أفعاله وحرمانه للسوريين من جميع حقوقهم، يبدو أنه يقوم بإعادة تفعيل كل طاقاتهم ومواهبهم الكامنة، التي منعهم من استخدامها، ووصلت معه المرحلة إلى السعي لحرمانهم حتى من الحلم، لكن ما يحدث مع السوريين عبر القارات الخمس، وسرعة تأقلمهم مع الوضع وإيجاد الحلول السريعة والذكية جداً لكل ما يصادفهم من عقبات، تؤكد أن ما فعله الأسد سوف يرتد عليه، وأن الشعب السوري سوف يتابع التعلم والتعليم، والحصول على الشهادات والدرجات العلمية، التي تؤكد يوماً بعد يوم أن نظام الأسد هو جوهر المشكلة في سوريا، وزواله هو حلها.