بلدي نيوز - (شحود جدوع)
تقع ناحية عقيربات إلى الشرق من مدينة حماة بحوالي سبعين كيلومترا، ويقطن المنطقة سكان من عشائر البادية السورية ويغلب عليها الطابع القَبَلي، وتعتبر بوابة البادية السورية، ويتبع لها ٧١ قرية أهمها "جروح، والقسطل، والنعيمة، وحمادة عمر، والحانوتة"، وبلغ عدد سكانها بحسب آخر إحصائية لعام ٢٠١٠ حوالي ٥٥ ألف نسمة.
وشهدت ناحية عقيربات في بداية الثورة حراكاً سلمياً ومظاهرات ضد نظام الأسد، واقتحمها جيشه وشبيحته في الشهر العاشر من عام ٢٠١٢، ثم تم تحريرها من قبل الجيش الحر في منتصف الشهر السابع عام ٢٠١٣ ضمن معركة "قادمون يا حمص"، بعد عدة معارك واقتحامات لنظام الأسد طالت الناحية وقراها.
ومع بداية عام ٢٠١٤، سيطر تنظيم "الدولة" على منطقة ريف حماة الشرقي وجبل البلعاس بشكل كامل، بعد هجومه على مقار الجيش الحر وسلبهم أسلحتهم وطردهم من المنطقة.
ومع سيطرة التنظيم على عقيربات بالكامل، مارس التنظيم التضييق على ناشطي المنطقة، واعتقل معظمهم وأجبر الآخرين على الهجرة والهرب من ظلمه، كما مارس على مدنييها ما مارسه على معظم الشعب السوري في المناطق التي استولى عليها بقوة السلاح والترهيب متذرعا بتطبيق الشريعة.
وتعرضت ناحية عقيربات وقراها إلى آلاف الغارات الجوية من طيران النظام والطيران الحربي، وارتكبت فيها عشرات المجازر والتي كان أضخمها بتاريخ ١٢/١٢/٢٠١٦، حيث تعرضت قراها إلى عدة غارات جوية من طيران النظام الحربي الذي استخدم الغازات السامة والتي تسببت باستشهاد ١٠١ مدنيا جلهم أطفال ونساء، وساعده التنظيم في التعتيم على الجريمة وإخفاء معالمها وإظهار فيديو خجول عبر وكالة "أعماق" يوثق فيه بعض من ضحايا المجزرة ولا يتجاوز طول الفيديو العشرة ثواني.
وبعد اتفاق "خفض التصعيد" المبرم ربيع العام الحالي، تفرغ النظام وحوّل معظم قواته وميليشياته إلى البادية السورية وتدمر وشرق السلمية للتماهي مع موضة القرن التي تعيد له أهليته، وبحجة "محاربة الإرهاب " التي يلعب فيها على وتر المطالب الدولية، وذلك باختلاق صراع مع التنظيم الذي شارك بصناعته، ويشرف على القضاء عليه ليعيد شرعيته بأنه عراب الحرب على الإرهاب بالشرق الأوسط بالتزامن مع شيطنة بقية أطراف الثورة.
وبعد سيطرة النظام على مدينتي تدمر والسخنة وانحسار أجزاء واسعة من ريفي حلب الجنوبي والشرقي والرقة الغربي، أصبحت منطقة عقيربات بين فكي كماشة، تمكن النظام والميليشيات من السيطرة منطقة جبل الفاسدة عبر التقدم من أثريا باتجاه الجنوب وشاعر باتجاه الشمال وقطع الطريق البري الوحيد الذي كان يستخدمه المدنيون للنزوح منها، حيث نزح حوالي ثلثي المنطقة وبقي حوالي ١٠ آلاف مدني في منطقة محاصرة، ويتعرضون لقصف جوي مكثف من قبل طيران الأسد والطيران الروسي ، حيث ارتكبا عدة مجازر كان آخرها قصف تجمع للمدنيين في قرية الرويضة بالقنابل العنقودية ما تسبب بإصابة واستشهاد عشرات المدنيين.
ويواصل نظام الأسد والميليشيات الهجوم على معظم محاور عقيربات في ظل التصدي الخجول لعناصر التنظيم وعناصر لواء الاقصى الذين انضموا له بعد مجزرة الخزانات، وخسروا عدة قرى كـ"صلبا، وجنى العلباوي، وحسو العلباوي، وجنى العلباوي، وخربة المارينا" وغيرها من القرى المتاخمة لطريق أثريا الرصافة.
ويعاني مدنيو المنطقة من حصار خانق وانعدام بعظم مقومات الحياة وانقطاع تام لمعظم أوليات المعيشة والأدوية والطعام ونقص في المياه، يترافق مع حظر قسري للتجوال بسبب استهداف أي تحرك على الأرض من قبل الطيران الروسي.
وكان نشطاء من ريف حماة، أطلقوا عدة نداءات عبر صفحاتهم الشخصية لتحريض الفصائل الداخلية وتنبيههم إلى المذبحة الذي قد يتعرض لها ما يزيد عن عشرة آلاف مدني في المنطقة بإطلاقهم حملات الكترونية وأوسمة وهاشتاغات وصور تعبيرية للضغط على "هيئة تحرير الشام" وفتح معبر بري عن طريق فتح ثغرة بين أثريا والسعن، وإخراج المدنيين عبرها، وذلك بعد أن فقدوا ثقتهم بالجهود الدولية التي التزمت الصمت المطبق حيال جرائم سابقة من حصار للمدنيين وارتكاب المذابح الجماعية.