مرتزقة "فاغنر" وقود روسيا في حربها البرية بسوريا - It's Over 9000!

مرتزقة "فاغنر" وقود روسيا في حربها البرية بسوريا

بلدي نيوز – (متابعات)
دفع العدد المتزايد من المقاتلين الروس القتلى في سوريا، مجموعة المحققين المستقلين في النزاعات المسلحة (Conflict Intelligence Team)، إلى التحقق من هويات عشرات القتلى من العناصر غير التابعة للجيش الروسي، إذ اعتادت المجموعة رصد سقوط قتيل أو قتيلين شهرياً، قبل أن يزداد العدد إلى ما بين خمسة وعشرة قتلى شهريا خلال الفترة من فبراير/شباط الماضي وحتى إبريل/نيسان الماضي.
وحسب تقرير لصحفية "العربي الجديد"، فإن رئيس المجموعة، رسلان ليفييف، رجح انتماء هذه العناصر إلى شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة وغير المسجلة رسميا في روسيا.
وتمكنت المجموعة من التأكد من أسماء 15 قتيلا من عناصر "فاغنر" بحسب ليفييف، والذي يرى أن وقوع قتلى خارج صفوف الجيش يعد دليلا على استعانة روسيا بكيانات غير نظامية للمشاركة في العمليات البرية في سوريا.
وعمدت المجموعة وهي من المحققين المستقلين، إلى رصد أنباء سقوط القتلى الروس في سورية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومن ثم التواصل مع ذويهم ومعارفهم وتوثيق معلومات تكشف ما إذا كانوا مقاتلين في الجيش الروسي أم لا، إذ يعد حجم الخسائر البشرية العسكرية في أوقات السلم سرا من أسرار الدولة منذ وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما قبل ثلاثة أشهر من بدء روسيا عملياتها في سورية، بحسب إفادة رئيس المجموعة.
وتلخيص المهمة الرئيسية لمرتزقة "فاغنر" في سوريا بالمشاركة في العمليات الهجومية عالية المخاطر مثل عملية السيطرة على تدمر، كما يقول رسلان ليفييف، مفسرا الأمر بحرص السلطات الروسية على تفادي الضغط الاجتماعي في حال ازداد عدد القتلى في صفوف قوات الجيش، إذ لم تعترف وزارة الدفاع سوى بسقوط 34 قتيلا في صفوفها منذ بداية التدخل الروسي في أيلول/سبتمبر 2015.
وتضمن شركة فاغنر سرية المعلومات حول نشاطها عبر توقيع المقاتل على إقرار بعدم الإفصاح عن المعلومات، حتى أن أسرته لا تعلم بنشاطه في بعض الأحيان، وفق ما وثقته مجموعة المحققين المستقلين، إذ يجري ربط صرف تعويضات القتل، والتي تصل إلى ما بين 50 ألف دولار و80 ألفا، لمصلحة ذوي المقاتلين بالالتزام بسرية المعلومات، خاصة أن الشركة غير مسجلة تحت اسم "فاغنر"، والذي يعد اسم شهرة قائدها ضابط الاحتياط دميتري أوتكين.
وتوازي قيمة التعويض السابقة ما يحصل عليه ذوو جنود الجيش الروسي من مبالغ تصل إلى 50 ألف دولار لأسرة كل قتيل، بحسب القانون الروسي.
ويشير ليفييف إلى أن الفرق بين وضع شركة "فاغنر" ومثيلاتها الغربية يكمن في أن "فاغنر" تخضع للدولة بشكل مباشر، إذ تعامل على أنها وحدة خاصة وليست شركة تستهدف الربح، وهو ما يوافقه عليه الضابط السابق في الشرطة والصحافي الاستقصائي دينيس كوروتكوف والذي كتب مقالة في آذار/مارس عن المرتزقة في الحروب الروسية نشرها في موقع "فونتانكا" الإخباري المستقل، أكد فيها مقتل عشرات من أفراد الشركة أثناء عملية "تحرير تدمر"، قائلا للعربي الجديد "هذا الكيان ليس شركة بالمعنى الحرفي للكلمة، لأنه لا يستهدف الربح، بل ينفذ أوامر من الدولة".
وقدرت صحيفة "إر بي كا" الخاصة نفقات روسيا على مشاركة المرتزقة في العمليات بسورية منذ بدايتها وحتى تاريخه بما يزيد على 150 مليون دولار في مقالة نشرتها في أيلول 2016.
وتبدأ أجور عناصر "فاغنر" من حوالي 1500 دولار أثناء التدريب بقاعدة "مولكينو" جنوب روسيا وتصل إلى 5 آلاف دولار أثناء المشاركة بالعمليات في سوريا، بحسب الصحافي كوروتكوف، والذي يؤكد أن أي شخص له علاقة بالقوات الخاصة، يكفيه "اتصالان هاتفيان" لإيجاد طريقه للالتحاق بـ"فاغنر".
ويحظر القانون الجنائي الروسي تجنيد المرتزقة، إذ تنص الفقرة الأولى من المادة 359 من القانون الجنائي الروسي على أن: "تجنيد أو تدريب أو تمويل أو أي دعم مالي آخر للمرتزقة واستخدامهم في نزاع مسلح أو أعمال عسكرية، يعاقب عليه بالسجن من أربع إلى ثمان سنوات"، كما تنص الفقرة الثالثة من المادة ذاتها على أن "مشاركة المرتزقة في نزاع مسلح أو أعمال عسكرية، يعاقب عليه بالسجن من ثلاث إلى سبع سنوات"، لكن مع زيادة ضلوع روسيا في الحرب السورية، تتجلى مؤشرات توسع نشاط الشركات الروسية الأمنية الخاصة، إذ ذكر موقع "فونتانكا" في يونيو/حزيران الماضي أن شركة "يورو بوليس" الروسية ذات صلة برجل الأعمال المقرب من الكرملين، يفغيني بريغوجين، والتي قد تتولى تحرير حقول ومصافي النفط في سورية من قبضة تنظيم "الدولة"، مقابل حصولها على ربع الإنتاج بالإضافة إلى تعويض نفقات القتال.
ونشرت الصحيفة الإلكترونية ما قالت إنه مستخرج رسمي من السجل الحكومي الموحد للشخصيات الاعتبارية لـ"يورو بوليس"، يبيّن أن لها فرعاً في دمشق، إلا أن رسلان ليفييف يرى أن "يورو بوليس" ليست سوى امتداد لـ"فاغنر"، وتم تسجيلها بشكل رسمي بواسطة شخصية اعتبارية أخرى لإجراء تعاملات مصرفية دولية.
ولم يرد ذكر شركة "فاغنر" في أي قناة تلفزيونية حكومية منذ بدء العملية العسكرية الروسية بسورية، ويقتصر تناول أنبائها على الصحف ذات التوجهات الليبرالية مثل "إر بي كا" و"فونتانكا" و"نوفايا غازيتا"، وعلى صعيد رسمي، ولم يصدر غير اعتراف واحد على لسان الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، الذي أكد شخصية ضابط الاحتياط، دميتري أوتكين، وحضوره استقبال "أبطال الوطن" في الكرملين في نهاية العام الماضي، لكن دون تأكيد قيادته مجموعة "فاغنر" في سورية.
ويؤكد ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن أي مواطنين روس يقاتلون مع القوات الحكومية في سورية عبارة عن متطوعين ولا علاقة لوزارة الدفاع الروسية بهم.
ولا تمتلك الدولة الروسية خبرة في استخدام الشركات العسكرية الخاصة، على عكس البلدان الغربية، بحسب ما يراه الخبير بمركز المتغيرات الاستراتيجية بموسكو، فلاديمير نييلوف، والذي يؤكد وجود شركات عسكرية خاصة روسية، قائلا "هذا ليس سراً"، ويتم تسجيل الشركات المماثلة في روسيا باعتبارها شركات حراسة خاصة.
وتدفن السلطات الروسية القتلى من المرتزقة في مقبرة عسكرية جديدة تخضع لحراسة مشددة خارج موسكو ويتعين على زوارها إبراز جوازات سفرهم ويُسألون عند المدخل عن القبر الذي يريدون زيارته حسبما قال بافل بيكوف، صديق وزميل جينادي برفيلييف اللفتنانت كولونيل بالجيش الروسي والبالغ من العمر 51 عاما والذي عمل مستشارا عسكريا في سوريا، وقتل في قصف خلال رحلة استطلاعية في الثامن من أبريل/نيسان حسبما قاله زملاء سابقون له في مدرسة شيليابينسك العسكرية العليا لقيادة الدبابات، لرويترز، ولم يظهر اسمه في الإخطارات الرسمية لوزارة الدفاع عن القتلى العسكريين في سورية، وعلى شاهد قبر برفيلييف كانت صورته تغطي اسمه وتاريخ وفاته.
لا ينظم القانون الروسي عمل الشركات العسكرية الخاصة بأي شكل من الأشكال، إذ تحظر المادة 359 من القانون الجنائي تجنيد المرتزقة ومشاركتهم في النزاعات المسلحة بالخارج، لكن منذ عام 2012 تتصاعد نقاشات تدعو إلى تقنين عمل الشركات العسكرية الخاصة في روسيا، وفق ما يقوله نييلوف والذي أكد على إطلاق عدة مبادرات لتمرير قوانين تنظم عمل الشركات العسكرية دون أن ترى النور في نهاية المطاف.
ويقلل نييلوف من فرص تقنين أوضاع الشركات العسكرية الخاصة في روسيا خلال السنوات المقبلة نظرا لاعتراض الدولة الروسية على إمكانية امتلاك عدد كبير من الشركات قوة كبيرة.
وفي ظل غموض آفاق تقنين الشركات العسكرية الخاصة، أدخلت روسيا تعديلات على قانون الخدمة العسكرية نهاية العام الماضي، أتاح لأصحاب الخبرة العسكرية إبرام عقود قصيرة المدى مع وزارة الدفاع وسط توجه موسكو نحو تعزيز حضورها العسكري في سورية وإطالة أمده، ما قد يعد بداية لتقنين عمل الشركات العسكرية الخاصة في روسيا، بحسب ما يراه مراقبون.

مقالات ذات صلة

الحكومة الإيطالية تقنع الاتحاد الأوربي بتعيين مبعوث له في سوريا

محافظ اللاذقية: بعض الحرائق التي حدثت مفتعلة

النظام يحدد موعد انتخابات لتعويض الأعضاء المفصولين من مجلس الشعب

خسائر لقوات "قسد" بقصف تركي على الحسكة

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي