بلدي نيوز- (متابعات)
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته أمس الاثنين، إن القوات الأمريكية، على ما يبدو، لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين في الغارة المنفذّة يوم 16 آذار/ مارس 2017 في قرية الجينة بريف حلب.
وحسب تقرير المنظمة المعنون باسم "الهجوم على مسجد عمر بن الخطاب: السلطات الأمريكية لم تتخذ الاحتياطات الكافية"، فأن تصريحات السلطات العسكرية الأمريكية بعد الهجوم تشير إلى عدم معرفتها أن المبنى المستهدف كان مسجدا، وأن الصلاة كانت على وشك البدء فيه، وأنه كانت هناك محاضرة دينية وقت الهجوم، معتبرة أنه لو حُلّل الهدف بشكل سليم، لاكتُشف بعض ما سبق على الأقل".
وشدد التقرير على أنه لم يجد أدلة تدعم الادعاء أن أعضاء تنظيم "القاعدة" أو أي جماعة مسلحة أخرى كانوا مجتمعين في المسجد.
واعترف المسؤولون الأمريكيون بوجود مسجد قريب من الغارة الأمريكية التي استهدفت قرية الجينة، وزعموا أن المبنى المستهدف كان قاعة اجتماعات مبنية جزئيا، لكن تُبيّن المعلومات والصور ولقطات الفيديو للمبنى الواردة من السكان المحليين قبل الهجوم وبعده أن المبنى المستهدف كان مسجدا أيضا.
ونقلت "رايس ووتش " عن سكان محليين قولهم إن المسجد معروف جيدا ويستخدمه سكان المنطقة على نطاق واسع، ويتجمع فيه العشرات، إن لم يكن المئات، وقت الصلاة. مشيرة إنه ليس في المسجد مئذنة أو قبة، إلا أنه من المفترض أن تظهر المراقبة الجوية تجمع الناس فيه، و من المرجح أن أي محاولة للتحقق من نوع البناء، بسؤال من يعرفون المنطقة، كانت لتظهر أن المبنى كان مسجدا.
وقالت السلطات الأمريكية إنها ستحقق في مقتل مدنيين في الهجوم، وإن كان المبنى المقصوف جزءا من مجمّع مسجد، على الحكومة الأمريكية الإعلان عن النتائج التفصيلية للتحقيقات، وتقديم التعويض المناسب للضحايا المدنيين أو أسرهم، ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم.
ويبدو أن السلطات الأمريكية لم تفهم على نحو كافٍ نمط الحياة في المنطقة، حيث قال مسؤول أمريكي إن الهجوم وقع بعد انتهاء "صلاة المغرب"، ملمحا إلى مغادرة المدنيين المكان، و لم يوضح أي صلاة يعنيها وإذا كانت صلاة المغرب أو العشاء، تُظهر التصريحات الأمريكية أن الهجوم وقع حوالي الساعة 6:55 مساء، أي قبل 15 دقيقة فقط من صلاة العشاء ذلك اليوم. حتى لو كانت السلطات الأمريكية تعتقد أن المبنى المستهدف قاعة يستخدمها المجتمع المحلي، كان من المهم معرفة أن الصلاة كانت على وشك البدء لمعرفتها بوجود مسجد آخر قريب. يمكن الوصول لمعلومات عن أوقات الصلاة بسهولة عبر الإنترنت، وكان على السلطات الأمريكية معرفة ذلك.
وشدد سكان محليون على إن سكان المنطقة يعرفون جيدا أن الجماعة الدينية المسؤولة عن المسجد تعقد محاضرات دينية في المبنى المستهدف كل يوم خميس بين صلاتيّ المغرب والعشاء، وقت الهجوم تقريبا، وبالتالي فأي محاولة لجمع معلومات عن المبنى المستهدف من أشخاص يعرفون المنطقة كانت ستنبّه السلطات الأمريكية إلى هذه الحقائق.
ولفتت "رايتس ووتش" أنها لم تجد أدلة تدعم الادعاء باجتماع أعضاء تنظيم القاعدة أو أي جماعة مسلحة أخرى في المسجد، حيث قال المسعفون إن القتلى والمصابين كانوا يرتدون ملابس مدنية، كما لم يروا أي أسلحة في الموقع. لم تنشر السلطات الأمريكية معلومات تدعم ادعاءاتها عن تواجد أفراد جماعات مسلحة في المسجد.
ونوهت المنظمة إلى أنه حتى لو تواجد أعضاء "مجموعة مسلحة" في المسجد، فإن فهم طبيعة المبنى المستهدف ونمط الحياة حوله أمر أساسي لتقييم الخطر على المدنيين واتخاذ الاحتياطات اللازمة للحد من أعداد الضحايا. قصف مسجد قبل الصلاة مباشرة ثم مهاجمة من يحاولون الفرار دون معرفة إن كانوا مدنيين أو مقاتلين قد يشكل هجوما غير متناسب أو عشوائيا.
وكانت منظمة "الدفاع المدني السوري"، قالت إنها انتشلت 38 جثة من الموقع. نشرت المنظمة أسماء 28 جثة تعرّف عليها أقاربهم، بينهم 5 أطفال. أشارت المنظمة إلى وجود 10 جثث لم يتم التعرف عليها.
واشارت المنظمة إلى أن قوانين الحرب تحظر بشدة الهجمات التي تستهدف المدنيين أو الأعيان المدنية، بما فيها المساجد، ما لم تكن تُستخدم لأغراض عسكرية. كما تحظر قوانين الحرب الهجمات العشوائية التي لا تميّز بين الأهداف العسكرية والمدنية، والهجمات غير المتناسبة التي تكون فيها الخسائر المدنية أو الأضرار اللاحقة بالمباني المدنية أكبر من الميزة العسكرية المكتسبة، مطالبة جميع أطراف النزاع اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب أي خسائر عرضية في أرواح المدنيين وإصابتهم والإضرار بالأعيان المدنية، وعليها الحد من ذلك في كل الحالات.