بلدي نيوز – (منى علي)
قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن الساعات الطويلة التي قضاها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون مع لافروف ثم مع الرئيس فلاديمير بوتين، أثناء زيارته الأسبوع الماضي لموسكو، لم تكن كافية لأن تصل إلى الروس الرسالة الأساسية. وتابع أن روسيا "لا تفهم حتى الآن رؤية الإدارة الأميركية الجديدة، وعملية تشكيل هذه الإدارة لم تنتهِ بعد... بوتين صبور بما فيه الكفاية، لذلك هو مستعد للانتظار، حتى اتضاح هذه الرؤية". وأن "الملفات الإقليمية وعلى رأسها سوريا مستعدة للانتظار".
هذا الانتظار السوري سيكون طويلا جدا وفق الخطة الروسية، فالأمر يتعلق باعتراف واشنطن والغرب بالتخلي عن فكرة قيادة العالم، والإقرار بتعدد الأقطاب، واعتبار موسكو شريكا رئيسا وحاسما في الملفات الدولية، وفق إفادة لوزير الخارجية لافروف أمام دبلوماسيين روس.
وبالتالي فإن الأمر يعني إعادة رسم خرائط العالم السياسية والاقتصادية من جديد، وحل مشاكل شبه جزيرة القرم والعقوبات المفروضة على روسيا وإعادتها إلى منتدى الثمانية الكبار، وتقاسم النفوذ عالميا، وإلى ذلك الوقت يجب أن ينتظر السوريون على فوهة البركان!
وكي تكون روسيا متفردة بإدارة الملف السوري، حجمت -منذ تدخلها العسكري المباشر في أيلول 2015- قوة الحلفاء والمناوئين لها، بمن فيهم إيران، واخترعت مفاوضات وهمية في "أستانا" بغية تمرير الوقت وتشتيت المعارضة، ولخلق مسار تفاوضي موازٍ لمفاوضات جنيف، ينسفه إذا شذ عن الطوق الروسي.
فهل ستترك واشنطن والغرب والدول الإقليمية المنشغلة بالملف السوري، لروسيا حرية التحرك والمماطلة في الملف السوري؟ وهل سيستطيع السوريون بجميع أطيافهم تحمل فاتورة مفتوحة من الدم والتشرد والتشظي؟
الكاتب والسياسي السوري "خطيب بدلة" يجيب بالقول إن "القضية السورية بالنسبة لأمريكا والمجتمع الدولي قد أخذت أبعادها، ولم يعد لديهم مصلحة باستمرار هذا الصراع، سواء كانت مصلحة سياسية أو اقتصادية أو استراتيجية، لذلك بدأنا نلاحظ سير الأميركان باتجاه إيجاد ترسيم للملف السوري، وترامب لديه تقريبا تصور لإيجاد مناطق آمنة وإعادة اللاجئين، أو عدد كبير منهم إليها. والمرجح أن يكون مؤيداً لإقامة منطقة حكم ذاتي كردية ومناطق نفوذ مختلفة. ولكنه، أيضاً، يريد إخراج إيران و"حزب الله" والموالين لهم من سوريا، وهذا لأجل أجندتين: إسرائيلية وأمريكية".
وعن اللاعب الروسي واستخدام سوريا كورقة في أجنداته الدولية، يضيف الكاتب السياسي "خطيب بدلة" في حديث لبلدي نيوز: "بالنسبة لروسيا ما تزال أميركا والأوربيون متريثين تجاهها، ويفضلون بقاءها في النادي العالمي وذلك بسبب المصالح المتبادلة. وهناك فكرة يعتقد أن تيلرسون حملها إلى بوتين وهي التخلي عن الأسد مقابل إعادة روسيا لنادي الثمانية الكبار.
وكذلك أعتقد أن القضية السورية سيتم إيجاد تسوية لها، ربما لا تكون لصالح السوريين بشكل كامل، ولكن يمكن أن تشمل على أكبر قدر ممكن من المصالح، وخاصة للأطراف القوية كأمريكا وأوروبا وروسيا".
ولفت الكاتب "بدلة" إلى أن إيران "ستكون الخاسر الأكبر في هذه الصفقة، وستكون معيقة لأي تسوية، وستستخدم إمكانياتها ونفوذها ضد أمريكا في سوريا والعراق".