بلدي نيوز- (ميرفت محمد)
الوضع في سوريا عقب الضربة العسكرية الأمريكية لمطار الشعيرات رداً على قصف النظام لمنطقة خان شيخون بغاز السارين، ليس كما قبل هذه الضربة.
فرغم أن وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) قال قبل ساعات: "لا نعلق آمالنا على الأسد أو أي شخص آخر في سوريا، وروسيا تريد عملية سياسية سلمية"، وهو يدلل على تمسك روسيا بالخيار السياسي دون التوجه للصدام المباشر مع واشنطن، إلا أنه قال أيضًا: "لا يحق لأي قوة خارجية أن تقرر مصير السوريين بدلا عنهم"، وفي المحصلة تتجه المعادلة السياسية نحو مزيد من التعقيد.
"بلدي نيوز" في التقرير التالي يتساءل عن خيارات كل من إيران وروسيا لإبقاء النظام السوري الذي ظل بقاؤه شرطاً لهؤلاء الحلفاء.
خيارات سياسية مفتوحة
تتمثل الخيارات المتاحة حاليًا للأسد وحلفائه من الروس والإيرانيين في البحث عن سيطرة أكبر على الأرض، وعن انتصارات ميدانية هامة، كما يقول المحلل السياسي (فراس ديبة)، لكن هناك أساليب أخرى ممكن اللجوء إليها "كاللعب بملفات خارجية غير الملف السوري، حيث يمكن للروس أن يلعبوا بالملف الأوكراني، ويمكن للإيرانيين طرح مساومات في ملفات أخرى كالملف اليمني أو اللبناني، فالمنطقة مفتوحة على بعضها والمصالح تتداخل أيضًا"، حسب (ديبة) الذي يضيف لـ"بلدي نيوز": "الخيارات العسكرية ستكون معتمدة على الخيار الأمريكي العسكري، ففي حالة وجود هذا الخيار سيتم تحديد الخيارات العسكرية للأسد وحلفائه، ولأنه لا يمكن للأسد مواجهة أمريكا عسكريًا بشكل مباشر، ومن المتوقع أن تتجنب أمريكا المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا، فاللعبة العسكرية ستكون معقدة جدًا"، ولذلك يعتقد (ديبة) أنه من الممكن أن تضرب أمريكا مقرات قيادية للنظام السوري وأهداف إستراتيجية مثل مقرات الفرقة الرابعة والقصر الجمهوري، لكن لا يمكن لها أن تشتبك بشكل مباشر مع القوات الروسية.
ويتابع القول: "هناك أحاديث عن نقل أعداد من طائرات النظام وقواته من مطار حماة ومطارات أخرى، تجاه مطار حميم الذي يمثل القاعدة الرئيسية للقوات الروسية في سوريا، ورغم ذلك أصر على القول أن "أمر المواجهة العسكرية أمر معقد"، مستدركًا: "لكن المواجهة الحقيقية في رأيي ستكون مواجهة سياسية وليست مواجهة عسكرية مباشرة، لأنه لا يمكن حسم الملف السوري الآن عسكريًا، فهناك خيارات عسكرية محدودة مقابل خيارات سياسية مفتوحة".
روسيا نحو تسليح النظام
بعد الضربة الأمريكية لمطار الشعيرات، تعهدت روسيا للنظام بتعزيز الدفاعات السورية المضادة للطائرات، وأكدت أن قاعدتي اللاذقية وطرطوس محميتان بنظامي إس-300 وإس-400.
يرى مدير مركز (ميسان) للدراسات العربية والإيرانية، (محمد المذحجي) أن الضربة الأمريكية لقاعدة الشعيرات وما تلاها من التلاسن الإعلامي وتبادل التصريحات بين موسكو وواشنطن، هي غطاء لتدشين مرحلة جديدة في الإقليم لفرض استقرار كامل وإنهاء الأزمات في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط للاستيلاء على المصادر الهائلة للغاز في هذه المنطقة.
ويقول (المذحجي) لـ"بلدي نيوز": "ستوظف روسيا الضربة الأمريكية لتسليح سوريا بمنظومات الدفاع الصاروخي المتطورة تمهيداً لخروجها من المحور الذي يسمى محور المقاومة وابتعادها عن إيران"، ويتابع: "بدأ ذلك فعلياً على الأرض من خلال التواجد العسكري الأمريكي في سوريا وصمت دمشق الرسمي مقابل ذلك، وأثار ذلك قلق موالي إيران في العراق وأدى إلى مطالبة مقتدى الصدر بتنحي الأسد. "
ومن جانب آخر، يرى (المذحجي) أن بعض الدول الإقليمية مثل تركيا والأردن وإسرائيل والسعودية فضلاً على بريطانيا وألمانيا وفرنسا، تحاول الاستثمار في نتائج هذا الضربة من خلال التصعيد العسكري في الساحة السورية بدعم بعض فصائل المعارضة في درعا وفي إدلب وأطراف حلب، وإفساد سياسة الشراكة الأمريكية الروسية لتقاسم حوزات النفوذ في سوريا. ويقول (المذحجي) إن ضربة أمريكا لسوريا هي الإعلان الفعلي لعودتها عسكرياً للإقليم، خاصة أن طلائع الجيش الصيني وصلت لأفغانستان بحجة محاربة الإرهاب، مضيفًا: "تبعد إيران خطوة واحدة فقط عن انزلاقها في المحور الصيني بسبب إفساد الاتفاق النووي من قبل ترامب ومحاولة واشنطن لفرض عقوبات جديدة عليها ووضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب".
ويعتقد (المذحجي) أنه إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من فرض هذه الترتيبات وفي حال ذهاب طهران تجاه بكين، سينزلق معها العراق وبعده سوريا تجاه الصين، وختم بالقول: "من هذه النقطة واشنطن بحاجة ماسة لفصل بغداد عن طهران وتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة خاصة العراق وسوريا".
إيران وتحريك الميلشيات
"حكم عائلة الأسد يقترب من النهاية... على روسيا أن تختار بين التحالف مع الولايات المتحدة أو البقاء مع الأسد وإيران وحزب الله"، جزء مما قاله وزير الخارجية الأمريكي (ريكس تيلرسون) في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة دول السبع الكبرى.
عن نتائج اجتماع مجموعة السبع التي يتوقع أن تفرض عزلة على بشار الأسد ومن يدعمونه، يعقب المحلل السياسي (جميل عمار) بالقول: "اجتماع الدولة السبع سيخلص لنتيجة أنه انتهى عصر حكم عائلة الأسد، وربما قد تكون لنهاية السطوة الطائفية التي يمثلها بشار الأسد"، وفيما يتعلق بخيارات حلفاء النظام لإبقائه يقول (عمار): "الموضوع محصور في إيران، أما روسيا فليس لديها قدرة أو رغبة على مواجهة أمريكا، وفيما يخص إيران فالوضع مختلف لحد ما، إيران إذا ما واجهت أمريكا ستقرر خلق نوع من الإشكاليات من خلال الزج بالميليشيات التي لا تخضع لسياسة دولة معينة، قد يكون هناك محاولة أخيرة لتحريك هذه الميلشيات بشكل أو بآخر لخلط الأوراق في الملعب السوري".
ويتابع حديثه لـ"بلدي نيوز": "روسيا كدولة عظمى تستطيع أن يكون لها وجود في دولة ما، من خلال مصانع الأسلحة والنفط وما شابه، أما إيران فلا يمكنها أن تتواجد في أي الدولة من خلال ثقل الدولة أو الثقل العسكري المباشر، إنما من خلال تواجد ميلشيات مثل حزب الله والحشد الشعبي، لذلك عملية إخراجها تأخذ وقتاً، أما روسيا ممكن إخراجها باتفاق واحد".
ويوضح (عمار) أنه لم يعد مقبول في هذا العصر أن تكون ممارسة دكتاتورية على هذا النحو، ويضيف: "لقد بدأنا في إنهاء دكتاتورية الحكام، تبقى دكتاتورية واحدة هي دكتاتورية روسيا كونها دولة عظمى، لكن يظهر في المستقبل القريب ربيع في موسكو يقلب الطاولة على بوتين في الكرملين، فالحكام أمام شعوبها في وضع مخزٍ جدا إذا استمرت بالصمت والسكوت".