بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
كتب مسؤول سوري كبير في المعارضة في صفحته الرسمية على "تويتر": بشار الأسد تحت حماية القوات الروسية خارج دمشق وحركتُه باتت مقيَّدة".
الخبر تناقلته وسائل إعلام عالمية وعربية ومحلية، وبدأ من الصحافة الأمريكية التي قالت –بعد ضربة الشعيرات- إن ثلاث خطط وُضعت على طاولة الرئيس الأمريكي ترمب، إحداها سُميت "قطع الرأس"، وتهدف إلى توجيه ضربة مباشرة إلى رأس النظام بشار الأسد لقتله، وهو ما لم يوافق عليه ترمب، واختار الخطة الأكثر محدودية والتي تم تنفيذها بالفعل باستهداف قاعدة انطلاق الهجوم الكيماوي الوحشي على خان شيخون.
"هافيننغتون بوست عربي"، أحد أشهر المواقع الإلكترونية العالمية، عنون تقريره الرئيسي اليوم بالتالي: "مخبأ الأسد المذعور.. ملجأ سري تحت الأرض ملاذ الرئيس السوري لتجنب ضربات ترامب.. من الآن فصاعداً حياته تتغير".
ولكن العارف بالعقلية العربية السياسية، يدرك أن الذي سيتغير ليس حياة بشار الكيماوي، وإنما نظرة كثير من الرماديين الذين كانوا يقفون على الحياد من القضية السورية، إذ أن أي شخصية مستهدفة من الولايات المتحدة، تصبح بشكل آلي وبلا تفكير أو تفكيك، شخصية عظيمة وصاحبها "بطل قومي"، حتى إن كثيراً من الزعماء العرب كانوا "يشترون" هذه الصفة ويستثمرون فيها أكبر استثمار ويتخذونها ذريعة لحكم شعوبهم بالحديد والنار، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا في الواقع العربي، وحتى غير العربي.
وبعدما كان ظهور بشار الكيماوي، أمراً عاديا ولا يحظى باهتمام ومتابعة تُذكر، سيتحول ظهوره الآن في أي مكان وأية مناسبة إلى حالة من البطولة والتحدي، وهنا نتذكر الحالة والهالة التي أحاطت بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، عندما كان يتجول في شوارع بغداد قبل وأثناء الغزو الأمريكي لها عام 2003، وهي الحالة التي ما زال يستذكرها مناصروه من ذلك المشهد الذي حفل بأحداث كبرى أهم واقعيا وسياسيا من تلك الظاهرة بكثير.
ولأن الدائرة المحيطة ببشار تدرك ذلك، فإنهم سيدفعونه –ولاشك- لظهور متكرر ليس في قصره حيث يستقبل الصحفيين، وحسب، بل سيدفعون به للظهور في مواقع آمنة تماما في دمشق وربما ريفها، وهي مسألة ليست معقدة ولا خطرة أمنيا، إذا ما قسناها بتجاربه السابقة القريبة على هذا الصعيد، فما الذي يمنعه من الظهور مجددا في "داريا" أو "وادي بردى" أو وسط دمشق، حيث تُحكم الميليشيات سيطرتها وتتولى حمايته بشكل تام! وهو يعلم وهم يعلمون أن ترمب لن يلجأ إلى خطة "قطع الرأس"، لأن ضرباته ذات أبعاد سياسية لإعادة التوازن إلى الملف السوري، ولأن ترمب أيضاً لم يجد البديل وما زال يبحث ويسأل عنه، فهو لا يثق في أي طرف سوري، كما عبّر بكل وضوح أثناء حملته الانتخابية، فالمعارضة "الإسلامية" هي عدو كبير له ويريد اجتثاثها، والمعارضة المعتدلة "لا يعرف من هم"، كما قال حرفيا في وقت سابق.
ولذا فإنه من غير الناضج التورط بإظهار أن بشار الكيماوي قد أصبح شخصيا على لائحة الاستهداف الأمريكي، إذ أن الحقيقة غير ذلك، فهو على لائحة الاستهداف الأخلاقي والوجداني والقانوني للعالم بأسره، وهو مطلوب لأنه أخطر وأبشع مجرم عرفه التاريخ الحديث، ولأنه وحش يكره الأطفال ويستمتع بقتلهم، ولأنه عدو الإنسانية والخطر الأكبر عليها في هذا القرن. ويجدر التذكير أيضاً بأن نظام بشار الكيماوي هو المطلوب وليس شخص بشار فحسب، فما هو إلا واحد من نظام متكامل قائم على القتل وتغذية الأحقاد الطائفية والدينية والعرقية. والحقيقة الأولى والأخيرة أن بشار الكيماوي ونظامه مطلوبون للعدالة من قبل الشعب السوري، الذي سينتصر عليهم بإرادته ومواصلة تضحياته وسعيه النهائي للحرية والكرامة، وإن أي طرف يسبق إلى تنفيذ العدالة، يكون قد نفذ إرادة الشعب السوري، تلك الإرادة التي دفع ثمنها ما لم تدفعه أمة من قبل، وربما، ولا من بعد.