بلدي نيوز - (خاص)
استخدم النظام أمس الثلاثاء في قصف خان شيخون غاز السارين، الذي يعتبر أحد أكثر الغازات فتكاً وخطورة ضمن عوامل الحرب الكيميائية المعروفة في العالم، فتأثير غاز السارين سريع وفوري، وتكفي كمية قليلة منه لإحداث أثر كبير ومباشر وقاتل، وباعتبار أنه أثقل من الهواء فهو يستهدف الملاجئ والمناطق التي يميل المدنيون للاحتماء فيها، ما يسمح بزيادة الخسائر.
أول استخدام له في سوريا حصل خلال مجزرة الغوطة صيف 2013، والتي استخدم هذا الغاز عبر صواريخ معدلة حملت بخزانات كبيرة لتحمل الغاز، وتسبب بسقوط قرابة 1450 مدنيا من الشهداء حسب الحصيلة المؤكدة، لكن العديد من المصادر تتحدث عن عدد أكبر من الشهداء.
لماذا غاز السارين؟
يعتبر غاز السارين من العوامل الكيميائية العصبية، فهو يهاجم الجهاز العصبي المركزي ويشل عمله، ما يتسبب بتوقف عمل القلب والرئتين والموت السريع.
يعود استخدام غاز السارين من قبل النظام لأكثر من سبب، أولها الفعالية الكبيرة والحاجة لكميات قليلة منه لإحداث الأثر المطلوب، فحسب مصادر من المنطقة، ألقت الطائرة ثلاث قنابل فقط محملة بالغاز (بعضها تحدث عن قنبلة واحدة)، ما تسبب بسقوط هذا العدد الكبير من الضحايا والجرحى، فلو استخدم أي غاز مختلف (من عائلة غازات مختلفة)، لكان من الضروري استخدام كميات أكبر من الغاز، وبخاصة في حال استخدم غاز الخردل أو غيره.
كما يتميز غاز السارين بكون من يقضون به لا تبدو عليهم أي آثار للموت أو الاصابة، بل يبدون كأنهم نائمون، ما يساهم في تخفيف ردة الفعل الدولية في حالة انتشار الصورة والفيديوهات للمجزرة، والتي سيعتقد الكثيرون أن ضحاياها نائمون (أو يمثلون)، أو أنهم في أتعس الأحوال قضوا غرقاً، ما يسمح للنظام بتجاوز أي ردة فعل شعبية غربية على العمل، فهو قتل المدنيين بطريقة "حضارية".
فلو استخدم غاز الخردل مثلا، لكانت النتائج قبيحة، ولحصل الثوار على الفرصة لإظهار صور الضحايا المشوهين بشكل مرعب، حيث يتسبب غاز الخردل في تشوهات هائلة ومرعبة للأشخاص الذين يتعرضون له، ولكان ذلك مناسبا لإثارة الرأي العام الغربي، خصوصاً أن لديهم تاريخاً مؤلماً معه خلال الحرب العالمية الأولى (هذا هو أحد أسباب الترويج لاستخدام تنظيم الدولة لغاز الخردل).
هل سلم النظام كل ما لديه من أسلحة كيميائية؟
الجواب قطعيا "لا"، السبب وراء ذلك أن النظام سلم ما أعلن عن امتلاكه، ولم يسلم كل ما يملكه، ولم تحدث عمليات تفتيش حقيقية للمنشآت العسكرية التي يمتلكها النظام لإزالة مخزونه ووسائط تصنيعه ونشره، كما لم تشمل عمليات الإتلاف أي من الرؤوس الكيماوية للصواريخ الباليستية التي طورها النظام لنشر العوامل الكيميائية، ولم تشمل حواضن النشر الجوي للعوامل الكيميائية التي يمتلكها النظام، ولم تشمل الكثير من النقاط المفتاحية في قدرات النظام على تصنيع وتخزين الأسلحة الكيميائية، بل كل ما حصل هو إتلاف قسم من المخزون الذي اعترف النظام عن امتلاكه.
فعلى عكس العراق قبل الغزو، لم تشاهد أي عمليات تفتيش حقيقية للمناطق العسكرية للنظام، ولا للمستودعات العسكرية الرئيسية، ولا للقصور الرئاسية التي يمتلكها، وتركزت عمليات "النزع" وليس التفتيش، على عدد من مواقع التخزين العلنية التي يعرفها القاصي والداني، علماً أن تخزين عدة أطنان من السلاح الكيماوي ممكن في كل وحدة من وحدات جيش النظام، خصوصاً أنه يمتلك البنية التحتية والتجهيزات اللازمة لذلك، والتي تتمثل في تجهيزات التبريد والعزل، والأقبية المحصنة وتجهيزات التوليد الكهربائي، وغيرها.
كذلك يعرف أن النظام يملك مشروعاً للحرب البيولوجية، لم يتم التطرق له أو ذكره خلال الأمور التي سلمها النظام، فهو يمتلك مشروعا لإنتاج العديد من العوامل الجرثومية، وخصوصاً "الجمرة الخبيثة"، وغيرها من العوامل الجرثومية عالية الفعالية، التي لم يعترف النظام بإنتاجها أو تخزينها، ما يجعلها سلاحه الأخير والأشد فتكاً ضد المدنيين، والذي تفوق فاعليته فاعلية السلاح الكيماوي بأشواط.