تايم – (ترجمة بلدي نيوز)
كثفت إدارة ترامب من تورط أمريكا في الحرب البرية في سوريا، بعد أن أعلنت يوم 9 أذار عن نيتها إرسال 400 جنديا إضافيا للانضمام الى القتال ضد تنظيم الدولة هناك.
وانتشر عناصر من مشاة البحرية (المارينز) الخاصة المزودين بالمدرعات بالقرب من بلدة تقع شمال غربي الرقة، وهو ما يثير تساؤلات جديدة حول النطاق والجدول الزمني لمهمة الولايات المتحدة في سوريا، حيث يقترب عدد القوات الأميركية إلى نحو ألف (هذا ولم تكشف واشنطن عن العدد الدقيق).
كما أرسلت الولايات المتحدة أيضاً 2500 جنديا إضافيا إلى قاعدة عسكرية في الكويت، في انتظار احتمال نشرهم في العراق أو سوريا.
وكشفت تصريحات أخيرة من مسؤولين أمريكيين أن بقاء الجيش الأمريكي في سورية سيستمر إلى ما هو أبعد من هزيمة تنظيم الدولة، ففي شهادته أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم 9 آذار، قال الجنرال جوزيف فوتيل أنه قد تكون هناك حاجة إلى نشر قوات إضافية في المستقبل للمساعدة في "الاستقرار وغيرها من جوانب العمليات".
ووفقاً لصحيفة واشنطن بوست، ينظر البنتاغون أيضاً في رفع سقف عدد الجنود الأمريكيين على الأراضي السورية رغم القيود التي فرضها الرئيس السابق باراك أوباما على ذلك.
وتشير مضاعفة الانتشار العسكري الأمريكي في شرق سوريا، بالإضافة إلى تصريحات فوتيل، إلى التحول الأمريكي نحو التزام عسكري مفتوح في سوريا وهو أمر مشابه للوجود العسكري المطول للولايات المتحدة في العراق أو أفغانستان!
ولكن هذا التصعيد دفع أيضاً لدعوات لتحديد أهداف البعثة على المدى الطويل من أجل تجنب احتلال مكلف سواء من حيث الأرواح أو الموارد. ويقول فريد هوف وهو مستشار خاص سابق لإدارة أوباما "سيكون هناك حتماً ضحايا أمريكيين، ولذلك لا بد من وجود خطة قابلة للتنفيذ في مرحلة ما بعد الصراع والتي ستحافظ على نظام الأسد -السبب الرئيسي للتطرف العنيف في سوريا- بعيداً عن المناطق المحررة من تنظيم الدولة".
وقال هوف في رسالة بالبريد الالكتروني لمجلة التايم "يجب أن لا تتخذ القوات الأمريكية دور المحتل، ويتطلب عملها التخطيط الدقيق والدبلوماسية المكثفة لتجنب الانزلاق إلى شيء غير مقصود".
وتزعم الولايات المتحدة أن قواتها في سوريا لمساعدة الميليشيات الكردية في استعادة السيطرة على مدينة الرقة، العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة الإسلامية، وتنتشر قوات مشاة البحرية الأمريكية بالفعل بالقرب من الرقة، ويستخدمون المدفعية لدعم هذه الحملة.
ويشابه النهج الحالي في سوريا -المعركة التي تدعمها الولايات المتحدة ضد التنظيم في العراق- حيث تلعب القوة الجوية الأميركية وقوات العمليات الخاصة، والجيش الأمريكي وقوات المارينز دوراً مسانداً لائتلاف من عشرات آلاف القوات العراقية.
وينتشر أكثر من 5000 عسكري أمريكي حالياً في العراق لدعم جنود حكومة العراق والشرطة وجماعات الميليشيات المتحالفة معها، والقوات الكردية العراقية.
ويدخل النهج الحالي القوات الامريكية في صراع سياسي متقلب ومتعدد الجوانب، ففي سورية يقاتل الأمريكيون إلى جانب الميليشيات المثيرة للجدل، والتي يهيمن عليها الأكراد والمعروفة باسم القوى الديمقراطية السورية (SDF).
وتشمل تلك القوات تواجداً كثيفاً للميليشيات المعروفة باسم وحدات الحماية الشعبية (YPG)، التي تسيطر على جزء كبير من شمال وشرق سوريا. -وهذه القوات هي مجموعات كردية ثورية علمانية تربطها علاقات عميقة مع المتمردين الأكراد الذين يقاتلون الدولة التركية والمسؤولون عن التفجيرات وغيرها من الهجمات داخل تركيا- ونتيجة لذلك، تعتبرهم الحكومة التركية منظمة إرهابية وتهديداً وجوديا لها مماثل لتنظيم الدولة.
ويُغضب دعم الولايات المتحدة للميليشيات الكردية المسؤولين الأتراك، كما أنه ينفر العرب في سوريا والذين ينظرون لهذه الميليشيات كقوة محتلة، فقد وثقت جماعات حقوق الإنسان ما قامت به هذه الميلشيات من هدم القرى وإجبار السوريين العرب على الفرار.
ويخطط المسئولون الأمريكيون إلى إرسال وحدات عربية من قوات "SDF" إلى الرقة، ولكن مسؤولين أتراك ونشطاء من المعارضة السورية غير مقتنعين بأنها خطة سليمة.
ففي مقابلة عام 2016، قال عبد العزيز الحمزة، المؤسس والمتحدث باسم "الرقة تذبح بصمت" وهي (جماعة ناشطة توثق انتهاكات تنظيم الدولة)، في إشارة إلى الميليشيات الكردية: "ليس هناك مدنيين الآن في تل أبيض لأن هذه المجموعات قد خطفت وقتلت واعتقلت وقامت بجميع انتهاكات حقوق الإنسان كما فعل تنظيم داعش في الرقة، وستقوم هذه الميليشيات بنفس الجرائم في الرقة".
وتنتشر القوات الأمريكية حالياً في بلدة منبج، من أجل الفصل بين القوات التركية وبين الأكراد، وكلاهما حليفين للولايات المتحدة بطرق مختلفة، في حين تم نشر القوات الحكومية الروسية والسورية في مكان قريب، مما يؤكد خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع.
وحذر عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين خلال جلسة الاستماع يوم الخميس، إلى أن المسؤولين الاميركيين لم يستوعبوا عمق الاعتراضات التركية ، قائلاً "أعتقد أن هناك إمكانية لصراع وشيك بين تركيا والأكراد".
وفي الحرب متعددة الأقطاب في سوريا، تمثل الرقة الجائزة لكل قوة كبرى في الصراع، وقد طرح مسؤولون أتراك إمكانية استخدام القوى الثورية السورية المدعومة من تركيا في السيطرة على المدينة، كما كان الحال في حملة استعادة مدينة الباب من التنظيم، كما قال بشار الأسد الأسبوع الماضي أن قواته المدعومة من ايران وروسيا والخاصة تقترب من معقل تنظيم الدولة.
أما بالنسبة لواشنطن، فإن ولا واحدة من هذه الخيارات تبدو مستساغة- وحملة بقيادة قوات الدفاع الذاتي الكردية والمدعومة من قبل واشنطن تقدم نفسها على أنها السيناريو الأقل سوءاً.
وبغض النظر عن ذلك، فإن الزيادة في الانتشار العسكري الأمريكي في سوريا يثير مخاوف من أن النهج الجديد العدواني لإدارة ترامب سيؤدي حتماً بأمريكا إلى المستنقع السوري.