بلدي نيوز- (محمد وليد جبس)
دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الأسر السورية في ريف إدلب، للعمل في مهن تعينهم على تأمين مستلزمات الحياة، في محاولة منهم لسد حاجتهم، فلم يكن أمام تلك الأسر أي سبيل سوى البحث في القمامة للبحث عن قوتهم.
فبالإضافة إلى الأزمة الأمنية والفوضى، وسوء الخدمات وقلة تواجد منظمات المجتمع المدني المُهتمة بأمور النازحين، يبرز ملف مكب النفايات والتي أصبحت في الآونة الأخيرة بشتى محتوياتها مصدر رزق لبعض العائلات في ريف إدلب.
وعلى الرغم من قول البعض إن "تدوير النفايات" هو مشروع صديق للبيئة، وأن المهنة موجودة في أكبر الدول المتقدمة، إلا أنها في إدلب لا تخضع للشروط الصحية أو القانونية، كما أن عمالة الأطفال بها تثير مخاوف عدة.
أحمد غانم المصطفى، نازح من ريف حماه إلى ريف إدلب الغربي يقول لبلدي نيوز:" في ظل السنوات الماضية قبيل اندلاع الثورة في سوريا، كُنت طالبًا في علم الاجتماع في جامعة حلب، وكانت أحوالي المادية ميسورة قدر الإمكان، وكان لدي بقالية صغيرة أعمل بها لتكون مصدر رزق لي ولعائلتي، وبعد اندلاع الثورة بثلاث سنوات، أجبرت على أن أقطع دراستي نتيجة الظروف الصعبة التي تمر على شبّان البلد، نتيجة احتجازهم واعتقالهم على الحواجز الأمنية التابعة لقوات النظام، وخوفي أن أقع ضحية بين أيديهم".
وتابع "المصطفى": "تقدمت مرارا وتكرارا إلى منظمات ومؤسسات المجتمع المدني لكن دون جدوى، حينها يئست من المنظمات وأصبحت يوميًا أبحث عن عمل في إحدى المحلات التجارية في المدينة وجوارها أيضًا دون جدوى، فالعمال في المحلات التجارية أصبحوا كالعبيد بين أيادي التجار، ويتحكمون في الكلفة التشغيلية للعامل، حينها لم يكن أمامي سوى النفايات.. فالفقر والحاجة هي التي أجبرتني لأبحث في مكب النفايات على لقمة عيش أسرتي المكونة من سبعة أشخاص، رغم روائح النفايات الكريهة وتعرضي للأمراض."
وأوضح المصطفى، أنه في كُل صباحٍ يذهب إلى مكب النفايات في المدينة، باحثًا عن العلب البلاستيكية والمعدنية كـالحديد والألمنيوم والنحاس، "لأبيعها وأردها على عائلتي، فاليوم كيلو الحديد يبلغ من السعر ما يقارب 140 ليرة سورية، وفي اليوم الواحد أجمع ما يقارب الـ 7 كيلو حديد، و10 كيلو بلاستيك، لآتي للمنزل وبحوزتي ما يقارب الثلاثة آلاف ليرة سورية مؤمنًا لقمة العيش لعائلتي".
جميل أبو محمد، نازح من ريف حلب قال لبلدي نيوز "نزحت إلى ريف إدلب الغربي، هربًا من قصفِ طائرات النظام وبحثت على عمل لأُعيل أسرتي المكونة من ستة أشخاص، والآن أعمل لدى تاجر الحطب في ريف إدلب الغربي بتقطيع الأشجار لتحويلها إلى مواد تدفئة بأجور مادية يومية 700 ليرة سورية، دون أن يكون لها زيادة، وتصل ساعات عملي يوميًا ما يقارب السبع ساعات، علمًا أنني بحثت عن عمل يريحني ويوفر لي المزيد من الدخل لكن دون جدوى، فلم يكن أمامي سوى هذا العمل الذي سيجلب لي أمراض العظام مثل الديسك وغيره".
وتابع "أبو محمد": "إن الأجر الذي آخذه من تاجر الحطب لا يكفي لتعيش أسرتي، فمعدل المعيشة شهريًا يصل للأسرة المكونة من خمسة أشخاص إلى 75 ألف ليرة سورية، فغلاء المواد الغذائية أصبح وبالًا على الفقراء وفرص العمل أصبحت نادرة، فالحل الوحيد في ظل هذه الأيام العصيبة ولكسب مصدر العيش هو النبش في القمامة، فالقمامة اليوم أعلى شأنًا من احتكار التجار، وأصحاب المصانع، للعمال أمثالي".