بلدي نيوز- (متابعات)
نشر موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مقالا تحليليا للصحفية اللبنانية حنين غدار، ناقشت فيه موقف حزب الله وإيران من المطالب التركية بسحب مقاتليه من سوريا، باعتباره قوة أجنبية، مشيرة إلى أن الحزب لن يغير دوره في سوريا، خاصة بعد اتفاق الهدنة الذي أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتعاون مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وتقول غدار في مقالها، إن "روسيا أعلنت في منتصف كانون الأول/ ديسمبر، بعد الهجوم النهائي على حلب إلى جانب قوات النظام السوري أن المدينة أصبحت خالية من المعارضة، وبعد أسبوع وقعت موسكو وتركيا اتفاق وقف إطلاق النار، وعلى ما يبدو فإن روسيا راغبة بأن تبدأ عهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بجهود جديدة، والتوصل لحل سياسي ونهاية للحرب" من خلال محادثات سلام بين المعارضة السورية والنظام في العاصمة الكازاخية الأستانة، حسب موقع عربي 21.
وتستدرك الكاتبة بأن "وقف إطلاق النار تعرض لتهديد بعد أيام من بدء تطبيقه، حيث قام حزب الله وقوات رئيس النظام السوري بشار الأسد قتالا في ضواحي العاصمة دمشق في كل من وادي بردى والغوطة الشرقية، ولهذا هددت عشرة فصائل بمقاطعة محادثات أستانة حتى يتم الالتزام بالاتفاق.. ويقوم حزب الله، وبتوجيهات من إيران، بتقوية سيطرته على هذه المناطق، وذلك كجزء من خطة واسعة لإنشاء ممر خال من السنة يربط إيران بلبنان عبر كل من العراق وسوريا، وتتضمن هذه الخطة على تأمين دمشق بصفتها عاصمة علوية، وعلى رأس الحكم فيها بشار الأسد، ويأمل الحزب بالانتهاء من إنشاء هذا الممر قبل بدء التفاوض على تقاسم السلطة في سوريا، ولهذا يخرق وقف إطلاق النار".
وتشير غدار إلى أن "روسيا، من جهتها راغبة بنجاح الهدنة، على الأقل لحين بدء محادثات الأستانة، إلا إن إيران لا تقوم بجهد كبير لمساعدة موسكو، وهو ما يشير إلى أن كلا من موسكو وطهران لديهما أولويات مختلفة في سوريا".
وتلاحظ الكاتبة أن "دور إيران في اتفاق وقف إطلاق النار كان محدودا، فهي وإن أرسلت وفدا للقاء الأخير في موسكو، إلا أن الاتفاق تم التوصل إليه بتعاون روسي تركي، وهذا لا يعني أن إيران والمليشيات الشيعية ستخرج من سوريا في وقت قريب، فإن هذا أمر مستبعد، ولا يزال الداعمين للأسد كلهم بحاجة لبعضهم، فحتى لو حافظ النظام والمعارضة على وقف إطلاق النار بشكل يفتح المجال أمام حل سياسي، فإن أفعال حزب الله تؤشر إلى خلافات محتملة بين روسيا وإيران في المستقبل".
وتبين غدار أن "موسكو تفضل الحل السياسي، الذي يضمن تأثيرا روسيا على مؤسسات الدولة السورية، التي استثمرت فيها الكثير عبر السنين، أما إيران والجماعات الوكيلة لها فتفضل الحل العسكري، الذي يؤدي إلى ثمار ديمغرافية سريعة؛ بهدف تقوية (الهلال الشيعي) الذي تعمل من أجله منذ عقود".
وتلفت الكاتبة إلى أن "التحالف الإيراني الروسي كان دائما مؤقتا، فهما وإن اتفقتا على الحرب إلا أنهما تختلفان على السلم، فعادة ما تتعامل إيران مع جيش الأسد على أنه واحدة من المليشيات التابعة لها في سوريا، لكن على أنه مليشيا ضعيفة، وهي لا تثق بالجيش السوري كي يقوم بتأمين (الممر الشيعي)، ولهذا فهي تعتمد على حزب الله والمليشيات الشيعية الأخرى من أجل تغيير ديمغرافيا المدن الواقعة تحت سيطرة النظام، ويؤمن الحرس الثوري، الذي يقوم بالإشراف على معظم النشاطات العسكرية الموالية للأسد، بأن أي حل في المستقبل يجب أن يقوم على قاعدة طائفية، وبناء عليه، فإن إيران تفضل خطة تقسيم تضمن دويلة شيعية تحت سيطرتها، وتريد أيضا أن تجعل من دمشق وكيلا كاملا لها، ولكن بمؤسسات ضعيفة لا تستطيع اتخاذ قرارات مستقلة بالطريقة ذاتها التي فعلتها في لبنان، ومن بين الأشياء التي تريدها أيضا الحصول على معابر قريبة من حدود إسرائيل الشمالية في الجولان، بشكل توسع فيه تأثيرها من جنوب لبنان إلى الجولان".
وتقول غدار إنه "مقارنة مع الطموحات الإيرانية، فإن روسيا ليست مهتمة بالتغييرات الديمغرافية أو التقسيمات الطائفية في سوريا، ولا يريد بوتين أن يتم اغتصاب سلطة الأسد من خلف الأبواب من قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وهو يفضل بدلا من ذلك حلا سياسيا يقود إلى عملية نقل تدريجية للسلطة، وتعد مؤسسات الدولة السورية أهم لروسيا من الأسد وعائلته".
وتجد الكاتبة أنه "في حال حقق بوتين تسوية سلمية في سوريا، فإنه سيكون قادرا على ممارسة النفوذ من خلال هذه المؤسسات، وربما قوى من موضعه التفاوضي مع أوروبا فيما يتعلق بعدد من المصالح الأخرى، ومع ذلك، فإن الخلافات بين روسيا وإيران ليست جذرية، فقد لا يمانع بوتين إنشاء ممر إيراني طالما لم تحاول طهران تجاوز سلطته في سوريا، وتعرف إيران أنها بحاجة إليه، خاصة ان الرئيس الأمريكي المقبل ترامب هدد بإلغاء الاتفاق النووي".
وتنوه غدار إلى أن "هناك عقبة تظل أمام أي حل، وهي العلاقات التركية الإيرانية، فما يقلق طهران حول الاتفاق الأخير هو الدور البارز لتركيا فيه، وتحتاج موسكو أنقرة لتساعد في إقناع الشارع السني في سوريا، وفي الوقت ذاته تحتاج تركيا روسيا لحماية حدودها ضد القوى الكردية، لكن تركيا وإيران ليستا متفقتين، ومع أن تركيا أبدت مؤشرات عن تخليها عن إصرارها على الإطاحة بالأسد، إلا أن لديها قضايا خلافية مع وكلاء إيران".
وتشير الكاتبة إلى تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، التي قال فيها أمام الصحافيين: "على القوى الأجنبية كلها مغادرة سوريا، وعلى حزب الله العودة إلى لبنان"، وأضاف أن تركيا ستضمن التزام المعارضة بالاتفاق، وروسيا تضمن التزام النظام، أما إيران فستضمن حزب الله وقوات النظام، لافتة إلى أن حزب الله رد بعد يوم بسلسلة من التصريحات، منها ما قاله مدير المكتب السياسي في الحزب إبراهيم الأمين السيد، الذي أعلن أن الحزب لن يغادر سوريا باتفاق أو دون اتفاق، ونقل الإعلام اللبناني عن قيادي عسكري في الحزب، قوله إن المقاتلين في سوريا لمحاربة الإرهاب، وهذا لم ينته بعد، وأضاف أن حزب الله دخل سوريا باتفاق مع النظام، ولن يخرج إلا باتفاق مماثل. وحمل المعارضة مسؤولية خرق اتفاق وقف النار في وادي بردى.
وتقول الكاتبة إن "روسيا بحاجة لإقناع كل من السعودية وقطر، الداعمتين المهمتين للمعارضة، ولن تقبل هاتان الدولتان بالمشاركة طالما ظل الأسد الرئيس المعترف به، بل إنهما عبرتا عن قلق من محاولات إيران تقوية الهلال الشيعي في المنطقة".
وتورد غدار أن "من المعوقات الأخرى التي ستواجه روسيا هي الاتفاقيات مع المقاتلين في مناطق معينة خاصة حول دمشق، وتضمن هذه الاتفاقيات بقاءهم في بلداتهم لو احترموا وقف إطلاق النار، لكن إيران تريد إخراج السنة كلهم من هذه المناطق ولأغراض ديمغرافية، ولديها القدرة على تحقيق هذا بعدما أعلنت مليشياتها الانتصار في حلب، والسؤال هو: لماذا وقعت روسيا هذه الاتفاقيات وهي تعرف أن إيران ستحاول خرقها؟ والجواب أن روسيا ربما حاولت حفظ ماء وجهها مع المعارضة والغالبية السنية، ويمكن لتركيا المساعدة، لكن دورها يعتمد على رد فعل كل من السعودية وقطر، اللتين قدمتا ردا غامضا حتى الآن".
وتذهب الكاتبة إلى أن "روسيا وإيران قد تجدان طرقا للتغلب على خلافاتها، على الأقل في الوقت الحالي، إلا أن هناك عددا من القضايا التي لم تحل بعد، منها مصير الأسد، وستقوم الأطراف المجتمعة في أستانة بصياغة تفاهمات حول مصيره، بالإضافة إلى عدد آخر من الموضوعات، بما فيها وجود المليشيات الشيعية في سوريا، ومن سيقوم بإعادة إعمار سوريا حتى يعود اللاجئون، كما لم توجه الدعوة للقوى الخليجية ذات العلاقة، وليس من الواضح كيف سترد على أي قرارات ستتخذ".
وتخلص الكاتبة إلى القول إنه "من هنا، فإن مبادرة أستانة لن تخرج بقرارات حاسمة، وبالنسبة للولايات المتحدة فقد كانت غائبة عن الاتفاق، ولم تحصل على معلومات حول العملية، إلا أن ترامب سيدخل البيت الأبيض قبل اجتماع أستانة، ولا يزال هناك مكان للولايات المتحدة على طاولة المفاوضات، رغم توقيت الاجتماع".