بلدي نيوز – حلب (حسام محمد)
غالبية المتابعين للشأن السوري في عمومه وخاصة في حلب، لا يملكون رؤية كاملة عن التفاصيل المعاشة في أزقة حلب وبلداتها، من معارك ضخمة يواجه فيها ثوار تلك المناطق دولاً وجيوش إقليمية وعالمية، تستخدم أعتى أصناف الأسلحة المدمرة والتي من المفترض بأنها وضعت على قائمة الأسلحة المحرمة دولياً، ولكن حلب تؤكد بأن كل محرم بات حلالاً طالما الهدف الدولي هو قهر الشعب السوري لرده عن حقوقه المشروعة بإسقاط الأسد ونظامه.
يظهر صمود الثوار وشجاعتهم في بعض التفاصيل الخاصة حول معارك حلب الأخيرة ونتائجها، فمثلاً عدد الميليشيات التي تقاتل أهل حلب وثوارها يتجاوز تعدادها 35 ميليشيا من محلية تابعة للنظام، وإقليمية صناعة طهران والضاحية الجنوبية، ودولية جندتها موسكو كمرتزقة مأجورين، كما فعل الأمريكان من قبل في حربهم ضد العراق.
تعداد القوات المهاجمة على أحياء حلب المحاصرة، تجاوز بحسب عدة مصادر حاجز الـ 35 ألف عنصر، نسبة السوريين الموالين للأسد منهم لا تتجاوز العشرين بالمئة، والبقية من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان وغيرهم.
المعارك الأخيرة التي سيطرت فيها هذه القوات على عدة أحياء في مدينة حلب، كلفت النظام وإيران أكثر من 400 قتيل، كان لطهران وقم والأفغان النسبة الأعلى منهم، يليهم ميليشيا حزب الله، ومن ثم قوات الأسد، أما تعداد الجرحى لتلك القوات فقد بلغ ألفاً ويزيد، بحسب مصادر متعددة.
وأن نسبة الدمار الكلي في بعض المناطق تجاوزت كافة التوقعات، فهنالك أحياء أبيدت بالكامل بالذخائر الجوية الفراغية والعنقودية التي كان مصدرها الطائرات الروسية، وطائرات الأسد، أما على الأرض فرغم كل الأسلحة الروسية المتطورة المستخدمة في المعارك، فقد نجح الثوار بصد الهجمات لأيام طوال، ولكن التواجد المدني كان له مضاعفات سلبية، وحدد في أوقات كثيرة إمكانية التوسع في الحركة.
كل ذلك يواجه الثوار والأهالي بالصبر بداية، ورغم ذلك أثبتت المعارك بأن دماء السوريين مُرة في الحياة وفي الموت، ولا راد لمطالبهم في إسقاط الأسد وطرد الغزاة مهما كلف الثمن.
يروي الصحفي (أحمد حميدو) من داخل حلب بعضاً من التفاصيل المروعة عن الحياة اليومية في حلب، حيث تبقى جثث الشهداء أربعة أيام موضوعة أمام المشفى قبل أن يتسنى دفنها، ويقتل شاب بقصف الطائرات ويأتي أهله إلى المشفى يذرفون الدمع ويصرخون ألما ثم يتركون الشهيد ولا يأخذونه لأنهم عاجزون عن نقل الجثة أو الدفن.
ويولد طفل ويوضع في مشفى الأطفال ثم بعد أيام يغيب أهله، ولا يُعرف مصيرهم هل قتلوا أم هربوا وهل يجب أن تنقل الفتاة من المشفى إلى دار الأيتام، وأن ترى أبا قد حمل ثلاثة أطفال صغار قد فتت القصف أجسادهم الصغيرة وعجز عن حمل البقية مع أم قد تكسرت أطرافها والدمع يملأ وجهه.
أما النساء فقد مزق الصاروخ أجسادهن، وكذلك يلقاك شاب تعرفه بين الركام وحلب كلها ركام يقول لك قتل أبي وأخي وأصيبت عائلتي كلها ولا أدري أأسعف الجريح أم أدفن الميت، وليس عندي ما أنقلهم، وأن تقف عند مدخل مشفى لتحرس جثث الشهداء من أن تأكلهم القطط، هذه بعض من ساعات أيام حلب .