بلدي نيوز –(خالد وليد)
بدأ الغزو الروسي لسوريا قبل عام بالتمام والكمال من اليوم، الأمر الذي ترافق بحالة من النفي بداية وعدم التصديق انتابت الكثيرين من السوريين على المستويين الشعبي والاعلامي .
فحالة الانهيار المتوقعة للنظام خلال الفترة التي سبقت التدخل الروسي، جعلت من التدخل الروسي بمثابة المنقذ الذي منع سقوط النظام والذي أعطاه دفعة جديدة من الحياة إلى حين.
لتبدأ بعدها حالة من التعاطي مع العدوان الروسي، كجزء لا يتجزأ من حرب النظام على الشعب، حيث أصبح هناك الكثير من الخلط بين جيش النظام والقوات الروسية والميليشيات الشيعية، والتي استطاعت بسبب الدعم الروسي الكبير منع سقوط النظام، وتحقيق بعض المكاسب على الأرض .
هجوم إعلامي
تعرض العمل الاعلامي المرافق للثورة السورية، لهجمة حقيقية من روسيا عبر الوسائل الإعلامية التي تديرها في المنطقة، سواء القنوات الايرانية أو قنوات النظام، أو عدد من القنوات التي تتحكم في مفاصلها عبر عدة طرق .
حيث وجهت هذه القنوات عدداً كبيراً من الهجمات الإعلامية، التي استهدفت الثورة نفسها وأشخاصها وفصائلها، وأهدافها وداعميها، بداية من الاتهامات بالإرهاب والظلامية، مروراً بتلفيق أخبار واختراع قصص ليس لها أساس من الصحة، عن "جرائم وفظائع" ينفذها الثوار، وصولاً إلى تشويه الحقائق، وتلفيق الروايات المختلفة التي تحاول بها روسيا تشويه حقيقة الوضع في سوريا، وحقيقة الحرب ككل .
ولعل آخر تلك الروايات أن الثوار هم من قصفوا قافلة المساعدات، أو أنها ربما تكون تعرضت لحريق، وأن الثوار كانوا يرافقونها بعربات محملة بالمدافع وربما انفجر أحدها بالقافلة، إضافة لغيرها من الروايات التي تخلو من أبسط متطلبات الطرح المنطقي.
إضافة للكثير من الأكاذيب والتلفيقات، وبالأخص الأمور التي تتعلق بمواقع انتشار الفصائل التي تتهمها روسيا وأمريكا "بالإرهاب"، تمهيداً لقصفها، عدا عن نفي الروس لأي استهداف للمدنيين، وأن أسلحتهم فائقة الدقة.
أسلحة ذكية!
استخدم الروس وسائلهم الإعلامية لشن حرب نفسية من نوع آخر، تختلف في مضمونها وطريقتها عما استخدمه النظام خلال سنوات الحرب، والتي تمثلت بإظهار "تفوق" الأسلحة الروسية والتي وصلت في الدعاية الروسية لدرجة أنها لا تخطئ ولا تنحرف عن أهدافها أبداً، وتميز بين المدنيين و"الارهابيين".
إضافة لاستعراض العضلات الذي مارسه الروس، والذي تمثل بنشرهم أخباراً عن احتمالية استخدام الأسلحة النووية والأسلحة القريبة من النووية، والتي تدمر مساحات واسعة من الأرض بدون أي فرصة للنجاة منها.
كما استخدم الروس إعلامهم لإظهار جنودهم بمظهر الأشخاص الودودين المحبين للسلام، الذين قطعوا ألاف الكيلومترات فقط لدعم السلام، ولحماية المدنيين، الذين تبطش بهم قوى الظلام، وعملوا كثيراً على إظهار الجانب الانساني والإغاثي لقواتهم، بالأخص عمليات توصيل المساعدات الاغاثية لمناطق النظام التي لا تحتاجها أصلاً.
ثلاثة مستويات
الحملة الإعلامية الروسية تعمل على ثلاثة مستويات ضد الثوار، المستوى الأول المستوى الداخلي في روسيا، والذي أظهروا خلاله بطولات قواتهم، وأن وجودهم في سوريا ضروري لحماية روسيا من "الارهابيين" وأنهم في سوريا لتدمير الجهاديين هناك وعدم السماح بنقل المعركة إلى الأراضي الروسية، المستوى الثاني موجه للعالم العربي، والذي عملوا على العبث بالتفاصيل وخلط الأمور واختلاق القصص والروايات، والسعي لإظهار أنهم أشخاص يدافعون عن النظام حامي المقاومة والممانعة، ضد التكفيريين المدعومين من الغرب وإسرائيل، والذين يريدون أن يقضوا على آخر نظام يدافع عن المقاومة ضد إسرائيل.
أما المحور الثالث فهو المحور الدولي، والذي روجوا خلاله للقوة الروسية، وحاولوا القول أنهم قوة عظمى عائدة بقوة إلى الساحة، وبخاصة خلال إعلانهم عن الطريق الذي كانت تسلكه قاذفاتهم الاستراتيجية، وإطلاق الصواريخ الطوافة من بحر قزوين، التي مرت بمحاذاة أوروبا عشرات المرات، ما يعتبر رسالة إعلامية لأوروبا قبل الجميع.
رماح متفرقة
التعاطي الاعلامي في سوريا من قبل الوسائل الاعلامية الثورية شابته العديد من العيوب والتناقضات، على الرغم من العديد من مواضع القوة والشجاعة والعمل الاحترافي.
فبسبب عدم وجود عمل إعلامي متكامل، فلم يكن بالإمكان الرد على الهجوم الروسي الاعلامي بشكل كافي، وبالأخص على المستوى داخل روسيا والمستوى العالمي.
وهذا يوجد له العديد من المسببات، منها ما هو منطقي ومنها ما هو غير مقبول، حتى أنه وصلت الأمور في بعض الأحيان لمرحلة المشاركة (بشكل غير مقصود) في الحرب النفسية التي تشنها روسيا إعلامياً، عبر نشر الأخبار التي تريد روسيا والنظام ترويجها، مثل موضوع القنابل الارتجاجية، وموضوع القنابل الفراغية الضخمة، التي تمسح مناطق واسعة.
إضافة للمشاركة في نشر وتضخيم مواصفات وقدرات الجيش الروسي والعتاد الروسي، وقدرات روسيا اللامتناهية، بسبب الاعتماد على المصادر الروسية ذاتها في نقل الأخبار في الكثير من الأحيان، والقصور في النشر بلغات عالمية، وعدم وجود أي إعلام موجه باتجاه روسيا والشعب الروسي .
لكن على الرغم من ذلك، برزت الكثير من النقاط المضيئة في المعركة الإعلامية، ولعل أهمها التوثيق المنهجي للجرائم الروسية في سوريا، والعمل الدؤوب لكشفها أمام الجمهور العربي وفي الغرب، بهدف إظهار حقيقة الدور الروسي والإجرام الروسي في سوريا.