مع ازدياد النزيف السوري.. العالم يزداد عماء! - It's Over 9000!

مع ازدياد النزيف السوري.. العالم يزداد عماء!

CBCNEWS – (ترجمة بلدي نيوز)  
صيف عميق، نجلس فيه على أسطح بيوتنا المطلّة على البحيرة، وندندن مطمئنين من الراديو الذي يصدح في الخلفية، أو على التراسات في المدينة، نحتسي مشروبنا المفضّل، وإذا كنا نعمل، فنحن بعيداً في مكاتبنا، بينما فتات شطيرتنا يقع على لوحة المفاتيح، وتعلو أصوات هتافات المشجعين من مكان قريب، تحارب حرارة الصيف الشديدة، وفي تلك المناسبات النادرة عندما لا نكون على سطوح منازلنا، قد نرغب بمواجهة العالم من حولنا، مقلّبين بأقنية التلفزة أو شاشة الكمبيوتر، نرى مذيعي وكالات أخبارنا وهم مشغولون بإحصاء عدد الميداليات الأولمبية.
لكن وفي سوريا البعيدة، لا يزالون مشغولين بإحصاء عدد قتلاهم، تلك الحصيلة اليومية الخاصة بهم من تلك الحرب التي عصفت في البلاد لمدة خمس سنوات، ما بين قوات نظام الأسد وحلفائه، ومعارضي هذا النظام.
هذا الأسبوع، نرى حصار حلب، ونفاد الماء لأكثر من 300000 مدني سوريّ يعيش في تلك المناطق التي يسيطر عليها الثوار في المدينة المحطمة، بينما تشير التقارير إلى أن الأسلحة الكيميائية ولمرة أخرى تم استخدامها، الصور ولمرة أخرى، لأولئك الأطفال الخائفين، ذوي العيون المتفرّسة المذعورة، والذين يتمّ نقلهم نحو ما يشبه الأكواخ المقصوفة والتي هي بقايا من مستشفياتهم، إن ذلك وللأسف الشديد أصبح بالكاد يلامس قلوبنا.
"رائحة لا تطاق من الموت والموت"
"حلب تحتضر ولكن أين هو الغضب العالميّ لها؟" يتساءل الصحافي اللبناني هشام ملحم في وقت سابق من هذا الأسبوع، "أين هو الغضب في معظم الدول العربية والإسلامية؟ في أوروبا، والذي يجب أن يتأثر بشكل مباشر بتلك المأساة السورية؟ أين هو الغضب في أمريكا؟ هل أصبحنا وللأسف مخَدّرين جداً بسبب رائحة الموت التي لا تطاق والمنبعثة من الشرق الأوسط؟"

وكما يبدو، فإن ملحم، وعلى غرار عدد من المعلقين في الأسبوع الماضي، أشار بأصابع الاتهام إلى رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما لتلك اللامبالاة الكبيرة من العالم اتجاه الصراع السوري، وبأنه سيكون الإرث الحقيقي لأوباما بالنسبة لما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات الأمريكية كما يقول، وليس ذلك الاتفاق النووي الذي توصل إليه مع إيران.
كما كتب ملحم، "يجب أن نكتب أنه عندما جاء الموت إلى حلب، فإن عدداً قليلاً جداً من الأشخاص تأثروا بصدق بتلك المأساة، على عكس جيل سابق من الأمريكيين، عندما قام الكثير منهم وغيرهم في أوروبا، والذين كانوا مذهولين من جرّاء المجازر ضدّ المدنيّين في البوسنة، حيث صاحوا حينها "أبداً لمرّة أخرى"، مجبرين الرئيس الأمريكي المتردّد حينها، على فعل الشيء الصحيح لوقف تلك المذبحة".
لقد كانت هنالك مؤخّراً انتقادات حادة بصفة خاصة، بالتزامن مع تلك الادعاءات التي ظهرت هذا الأسبوع بأن الأسد كان وراء الهجوم الأخير لغاز الكلورين، حيث تفيد التقارير بأن قوات الأسد قامت بإلقاء غاز الكلورين بشكل قنابل برميلية من طائرات الهليكوبتر الخاصة بقوات نظامه، وبينما ينفي نظام الأسد هذه المزاعم، فإن مبعوث الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يعتبرون التقارير موثوقة بما فيه الكفاية للمطالبة بفتح تحقيق حقيقي.
لم تتصرّف الولايات المتّحدة عندما تمّ تجاوز "الخطّ الأحمر"
ومما لا شك فيه، بأن تلك كانت رسالة تذكير غير مريحة بالنسبة للبيت الأبيض، لخط أوباما "الأحمر" والذي قام بخطّه، قبل أربع سنوات حول استخدام الأسلحة الكيميائية ببيانه التالي:
"لقد كنا واضحين جداً لنظام الأسد، وأيضاً للاعبين آخرين على الأرض، بأن الخط الأحمر بالنسبة لنا هو أن نبدأ برؤية مجموعة كاملة من الأسلحة الكيميائية التي تنقل أو يجري استخدامها"، ولكن وبعد عام من ذلك التصريح، وتحديداً في آب من عام 2013، وبعد هجوم بغاز السارين منسوب إلى قوات الأسد، والذي راح ضحيته ما يقارب من 1400 مدني في ضاحية الغوطة الدمشقية، فإن أوباما لم يقم بالتصرف، بينما تلاشى خطّه بعيداً وبهت.
لقد تضرّرت سمعة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، وفقاً لكبار المطّلعين، وقد وصف وزير الدفاع السابق روبرت غيتس الولايات المتحدة بأنها ارتكبت "خطأ فادحاً" سيضرّ بمصداقيّتها.
يقول المدافعون عن أوباما بأن تلك الحلقة لم تكن فشلاً ولكن نجاحاً للولايات المتحدة، كما يشيرون إلى الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في نهاية المطاف، مع مساعدة روسيا، مما اضطرّ دمشق على الموافقة على تدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية، كما يقولون أيضاً بأنها قدّمت نهجاً أكثر واقعية للادعاءات التي تقول بأن واشنطن تلعب دور "الشرطي العالمي".
لقد كان أوباما يعول على الدعم الذي لم يتحقق من بعض حلفائه، حيث أن مقامرة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المضللة في وقت سابق من هذا العام في الاعتقاد بأنه سيتمكن من الفوز بالاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، أطاحت بأحد الرهانات السياسية الكبيرة الأخرى لأوباما والتي انتهت بالفشل.
إن وجود الدعم البريطاني الموعود للولايات المتحدة في أي اجراءات انتقامية بشأن قضية استخدام الأسلحة الكيماوية، تمّ التصويت لها من قبل أعضاء البرلمان البريطاني، رافضين هذا الاقتراح في أغسطس في عام 2013، حيث تقول واشنطن بأن جهات التدخل يجب أن تتدخل بمفردها وتجادل في أنه لم يفت الأوان بعد للتحرك في سوريا بطريقة لا يلزم بها أن تكون تكراراً لحرب العراق عام 2003.
وفي مقابلة له مع هيئة الإذاعة البريطانية هذا الأسبوع، كرّر وكيل الخارجية الأمريكية الأسبق للشؤون السياسية، نيكولاس بيرنز دعوته التي قام بها في فبراير، في مقال شارك في كتابته مع سفير الولايات المتحدة السابق لدى العراق جيمس جيفري، حاثّاً إدارة أوباما على النظر في فرض منطقة حظر طيران شمال سوريا، وإنشاء ممرات إنسانية.
حيث كتب بأن "الرئيس على حق بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى توخي الحذر بشأن التدخل في الشرق الأوسط، ولكنّه كان بعيداً جداً في رد فعله وغير مستعد لتأكيد قيادة الولايات المتحدة في سوريا على مدى السنوات الخمس الماضية، كما أننا نعتقد بأن مخاطر عدم التحرك ستكون أكبر من مخاطر القيام بمبادرة أمريكية قوية لحماية المدنيين، وإذا فشلنا في التصرّف، فإن الحرب في سوريا ستنمو بالتأكيد بشكل أسوأ".
تزايد حدّة النزاع

لقدتحققت تلك النبوءة، حيث أن التحولات الجيوسياسية في المنطقة أصبحت مذهلة أكثر من أي وقت مضى، بينما اندمج مقاتلو المعارضة السورية مع الإسلاميين المتشددين في غمار يأسهم لكسر الحصار المفروض على أراضيهم في مدينة حلب، وتتواصل الغارات الجوية الروسية لمساندة نظام الأسد في سوريا، بينما تسعى واشنطن لعقد اتفاق التعاون مع موسكو في ضرباتها ضد تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا، كما برز التنظيم في ليبيا، حيث تمكنت ميليشيات التنظيم من السيطرة على امتداد أكثر من 180 كيلومترا من الساحل، وأصبح يجتذب الانتباه الآن بعيداً عن سوريا، وقد وصف أوباما سابقاً فشله في الاستعداد بشكل أفضل لعالم ما بعد القذافي باعتباره أحد أكبر أخطائه السياسية.
إن المعتدلين السوريين والذي يعولون على دعم الولايات المتحدة، يخشون من أن واشنطن نسيت بأن صراعهم ليس فقط حول محاربة تنظيم الدولة، بل وعن إزالة الأسد من السلطة.
وكما تتأرجح متاهات الحرب السورية بتدفقاتها، فإن أحشاء سوريا، شقت وأخرجت، وتدمر البلاد في خضم التزايد المستمر للامبالاة العالمية، حتى محنة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر اليونان خلال العام الماضي، قد انحسر الوعي العالمي اتجاههم، حيث تم فقط نقل 3000 لاجئ من اليونان إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، على الرغم من وعد الاتحاد الأوروبي بنقل 160،000 منهم.
الحث على التصرف الإنساني
لقد وصل أحد أكثر الخطابات واقعية من سوريا في هذا الأسبوع على شكل رسالة إلى أوباما، مرسلة من عدد قليل من الأطباء المتبقّين العاملين في الأحياء المحاصرة في مدينة حلب، حيث كتبوا "لا تكونوا استراتيجيين، أو تقلقوا إزاء تنظيم الدولة، أو القاعدة، أو الأسد، ينبغي عليكم أن تنظروا للأمر بطريقة إنسانية".
كما أضافوا "لمدة خمس سنوات، ونحن نواجه الموت من فوق رؤوسنا بصورة يومية، من نيران قاذفات وطائرات الجيش الروسي والطيران الأسدي، ولكننا نواجه الآن الموت من كل حدب وصوب، لمدة خمس سنوات كنا فيها شاهدين على عدد لا يعدّ ولا يحصى من المصابين، والأصدقاء والزملاء الذين تعرضوا لشتّى أنواع العنف، والوفيات إثر عمليات التّعذيب الممنهج، لمدة خمس سنوات وقف العالم جانباً، مُعَلِّقاً كيف أن الوضع في سوريا 'مُعَقّد'، بينما لم يُفعَل أي شيءٍ يذكر لحمايتنا، في حين بدا العرض الأخير للنظام الأسدي وروسيا بإخلاء المدينة، كتهديدٍ مُبَطَّنٍ للمقيمين في المدينة- إمّا الفرار الآن أو مواجهة الابادة المُحَتَّمة!
إن نداءهم يستدعي إلى الأذهان العبارة الافتراضية والتي غالباً ما تستخدم من قبل الصحفيين الذين يغطون منطقة الشرق الأوسط وصراعاته التي لا تعد ولا تحصى، عندما تصبح الظروف ساحقة جداً، ميؤوس منها، وغير مفهومة، حيث يقولون: "إن دوامة العنف لا زالت مستمرة"!
كما لو أن تلك الدوامة لا تستطيع أو لا تريد أن تنقطع استمرارية دورتها، وكأنها آلة للغسيل والتي لن تسمح لك بفتح بابها بمجرد بدء الغسيل، ولكن لا أحد بعد الآن يحاول حقاً فتح ذلك الباب، في حين أن الولايات المتحدة تركز الآن على قبضة دورتها الخاصة، دورتها السياسية التي ستشهد تمرير الصراع السوري إلى الإدارة الأمريكية القادمة، للأفضل أو للأسوأ..

مقالات ذات صلة

مقتل أكثر من عشرين لاجئاً سورياً في الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان

السويداء تحتفل.. عام على الحراك السلمي

السويداء تواصل مظاهراتها ضد نظام الأسد

لاجئون سوريون يشتكون من الإجراءات في قبرص

بعد أحداث الأمس.. "الهيئة" تسحب عناصرها من الشوارع

"الأمم المتحدة" تكشف عدد اللاجئين العائدين من الأردن إلى سوريا