بلدي نيوز - (عمر حاج حسين)
تتصدر أحداث محافظة درعا (جنوبي سوريا)، المشهد السوري، كما تتربع على قوائم البحث في مواقع التواصل الاجتماعي، لما تشهده من جولة جديدة من القتال، إثر محاولة تنظيم "داعش" التقاط أنفاسه، وتنفيذ تفجيرات واغتيالات، وسط إجراءات أمنية، تتخذها فصائل معارضة، لمواجهة تمدد التنظيم وتجدد نشاطه، سواء في مدينة درعا أو في أريافها.
"جاسم" شرارة القتال
وشهدت محافظة درعا منذ مطلع شهر تموز/يوليو، سلسلة اغتيالات وتفجيرات، نُسبت في معظمها إلى تنظيم "داعش"، وتركزت تحديداً في مدينة جاسم.
وبدأت فصائل التسويات المحلية في "جاسم" حملة ضد تنظيم "داعش"، انتهت بتاريخ 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وأسفرت عن مقتل المدعو "عبد الرحمن العراقي"، وهو أحد قادة تنظيم "داعش" في الجنوب السوري، مع عنصرين كانا برفقته ضمن أحد منازل مدينة جاسم.
"اليادودة" الهدف الثاني
عقب انتهاء حملة "جاسم" بأسبوع واحد فقط، توجه رئيس فرع الأمن العسكري بقوات النظام "لؤي العلي" إلى بلدة "اليادودة"، واجتمع مع وجهاء البلدة، وطالبهم بإخراج مجموعات تابعة لتنظيم داعش، مدعيا أنهم داخل البلدة، لتقوم عقبها قوات النظام بإرسال تعزيزات عسكرية، في 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلى محيط بلدة اليادودة غربي درعا، ووصلت تحديداً إلى حاجز المفطرة في محيط البلدة، شملت 3 دبابات تابعة للفرقة 15، بالإضافة إلى مليشيات محلية يتزعمها القيادي السابق في الجيش الحر "مصطفى المسالمة"، الملقب بـ"الكسم"، وتزامن ذلك أيضاً مع لصق مناشير في مدينة طفس وبلدة تل شهاب، تم عنونتها بـ"بيان صادر عن القوى والفعاليات الثورية في الجنوب السوري"، تهدد كل من يساعد أحد عناصر داعش، وأنه سيُعامل كشريك له.
هجوم انتحاري
في 29 أكتوبر الجاري، شهدت مدينة "درعا البلد" تفجيرا، إذ أقدم انتحاري على تفجير حزام ناسف، كان يرتديه في منزل القيادي المحلي السابق "غسان أبازيد"، بدرعا البلد، ما أدّى إلى مقتله ومقتل كل من "مالك السامي، ومالك أبازيد، وياسين فالوجي (أبو فيصل)، وهم من أبناء درعا البلد، وإصابة آخرين بجروح.
هذه الحادثة دفعت المجموعات المحلية في درعا البلد، إلى إطلاق عملية عسكرية على مجموعة عناصر تتهمهم بالانضمام إلى تنظيم داعش في منطقة حي "طريق السد"، لتندلع اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، صباح الاثنين 31 أكتوبر، الجاري في حي طريق السد، ما أدى إلى مقتل اثنين من العناصر المحسوبين على تنظيم "داعش".
وترافقت العملية بانفجار عبوتين ناسفتين، قام بتفجيرهما عناصر التنظيم في منطقة "خانوق الثور"، بالقرب من حي طريق السد، ما أسفر عن وقوع جرحى في صفوف المدنيين.
المتهمون
قال المتحدث الإعلامي لتجمع أحرار حوران المدعو "أبو محمود" لبلدي نيوز، إن "المجموعات المحلية في درعا البلد، تتهم كلاً من محمد المسالمة الملقب (هفّو)، و"مؤيد حرفوش" الملقب (أبو طعجة)، بالوقوف خلف العديد من عمليات الاغتيال السابقة، التي طالت قادة وعناصر في الجيش الحر لم ينخرطوا ضمن تشكيلات النظام الأمنية أو الميليشيات التابعة لإيران".
وأوضح أن مجموعتي "الحرفوش" و"هفّو"، تُتهمان بإيواء قادة من تنظيم داعش، على رأسهم القيادي "يوسف النابلسي" المكنّى بـ(أبو البراء)، وهو المسؤول عن الوقوف وراء عمليات الاغتيال لصالح فروع النظام الأمنية، والميليشيات الإيرانية في المنطقة.
وكشف "أبو محمود" لأول مرة خلال حديثه لبلدي نيوز، أن الهجوم الانتحاري الذي وقع في "درعا البلد"، قبل أيام نفذه عنصر يدعى "أبو حمزة سبينة".
وأكّد "أبو محمود" أن النظام هو من سمح لقادة وعناصر التنظيم بالدخول مؤخراً إلى مدينة جاسم، ليوفر ذريعةً لاجتياح المنطقة، وأن الذي يقاتل التنظيم في محافظة درعا، هم أبناء المدينة من عناصر الجيش الحر سابقاً، الذين رفضوا الانضمام لأجهزة النظام، عقب تسوية تموز 2018، نافياً مشاركة قوات النظام في قتال
التنظيم بجاسم.
لعبة النظام
يقول "يوسف المصلح" وهو عضو "تجمع أحرار حوران" لبلدي نيوز، إن "شخصا يٌدعى يوسف النابلسي، ويلقب بـ(الجحش)، كان أحد عناصر تنظيم "داعش" مسبقاً، في الريف الغربي لدرعا، ثم خرج هذا الشخص من ريف درعا الغربي إلى مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في الرقة، وهناك تدرج بالعمل مع التنظيم إلى حين انتهى التنظيم، في تلك المنطقة فعاد إلى درعا، وفي عام 2018 اعتقله النظام، لكن سرعان ما أفرج عنه بعد عدة أشهر فقط، ليتوجه الـ"جحش" إلى أحياء طريق السد والمخيم في درعا، حيث تتمركز هناك مجموعات عسكرية تابعة للمعارضة، والتي كانت دخلت في مصالحة مع النظام عام 2018، ليبدأ العمل آنف الذكر على تكوين خلايا تابعة لتنظيم "داعش"، بالاعتماد على استمالة مقاتلي فصائل المعارضة، في أحياء طريق السد والمخيم في درعا، وكان آخر أعماله إرسال انتحاري إلى منزل أحد قادة فصائل الجيش السوري الحر سابقاً، ما دعا لنشوب ااشتباكات بين فصائل المعارضة،
وعناصر التنظيم في مدينة درعا.
وأشار "المصلح" إلى أن الخطير في هذه المواجهات، أنها بين فصائل كانت قبل شهر تقريبا تقاتل ضد النظام وتصد حملاته، والخطير أنها تدور اليوم بين مقاتلين ينتمون إلى عشائر واحدة، والأخطر وغير المفهوم، أن قوات النظام السوري تأخذ وضعية المتفرج على المواجهات.
من جهته، يقول الناشط الإعلامي من مدينة درعا المٌكنى بـ "أبو أحمد الحوراني" لبلدي نيوز "في الحقيقة هناك خلايا نشطة باسم تنظيم "داعش" في الجنوب السوري، بعض عناصرها من بقايا "جيش خالد بن الوليد" سابقاً، أو وافدون جدد، وأكثر ما يدل على ذلك هو حصار قيادي عراقي في تسيل قبل أشهر، كما تم حصار مجموعة في جاسم قبل أيام، وكانت هناك اعترافات مسجلة من مجموعة جاسم، أنهم مرتبطون بالأمن العسكري بقيادة العميد لؤي العلي".
وتابع قائلاً "يسمح تتبّع نشاط هذه الخلايا برؤية التشابه بين أهدافها وأهداف النظام في الجنوب، من حيث استهداف قادة الفصائل السابقة، وقادة اللجان المركزية ممن لم ينخرطوا في أجهزة النظام، وقاوموا حملات النظام بعد التسوية، لذلك هناك قناعة عامة في الجنوب، أن ما يطلق عليه داعش هو غطاء للأمن العسكري، أكثر مما هو مرتبط بالتنظيم، وما حصل في درعا البلد يعزز هذه القناعة".