نيويورك بوست – (ترجمة بلدي نيوز)
لقد تحوّل الوضع العسكري في سوريا خلال العام الماضي ليصبح لصالح كفة نظام الأسد ضد المعارضة المدعومة من قبل الولايات المتحدة، ويرجع ذلك أساساً إلى التدخل الروسي، حيث ودون إعادة بعض التوازن لصالح المعارضة ضد الديكتاتور السوري بشار الأسد، فإن آفاق التحول السياسي عن طريق التفاوض المرضيّ باتت ضعيفة جداً.
وفي مذكرة قدمها 51 من دبلوماسيي وزارة الخارجية الأمريكية، دعوا للقيام بهجمات على قوات النظام السوري لوضع حد لعدوانه المستمر ضد السكان المدنيين في البلاد، وتغيير التوازن العسكري، للتوصل إلى حل سياسي متفاوض عليه، في حين ركز الرئيس أوباما بدلاً من ذلك على مكافحة الإرهاب في سوريا، وكانت الأهداف الأمريكية تقتصر على المتطرفين السنة مثل "تنظيم الدولة" ووكلاء تنظيم القاعدة، ولكن هنالك أيضاً منظمة إرهابية شيعية في سوريا الآن: حزب الله المتمركز في لبنان، إذ لا يجب مطلقاً أن يكون في مأمن من الاستهداف.
فبصورة سرية منذ عام 2012، وبشكل علني منذ عام 2013، قام حزب الله بنشر الكثير من قواته داخل سوريا، حيث يقاتل آلاف مقاتليه جنباً إلى جنب مع جيش الأسد والميليشيات الشيعية والعلوية ضد القوات ذات الاغلبية السنية، والتي يعتبرها الأسد جماعات إرهابية، إن الحرس الثوري الإيراني يدفع فواتير حزب الله، موفّراً عمليات القيادة والسيطرة، حيث كانت قوات حزب الله فعالة بشكل خاص على طول الحدود مع لبنان، والتي تقدم له العمق الاستراتيجي وتزوده بخطوط الامداد الرئيسية.
وجنباً إلى جنب، مع التدخل الجوي الروسي والذي بدأ في أيلول الماضي بالإضافة لقوات الحرس الثوري الإيراني، مكّن مقاتلو حزب الله الأسد من تحقيق تقدم ضد خصومه، وخاصة مع مقاتلي الجيش السوري الحر المدعوم من قبل الولايات المتحدة، وأدى إحراز ذلك التقدم إلى تقوية موقف الأسد التفاوضي ، في حين عرقل جهود الأمم المتحدة في بحثها عن حل سياسي.
إن هنالك ضرورة كبرى لوجود تحوّل في التوازن العسكري لإنهاء الحرب، وهو ما تقول واشنطن بأنها ترغب به، ولكن أوباما رفض بإصرار خوض حرب ضد النظام السوري، الإيراني أو الروسي، وحتى وإن كان يريد ذلك، فإن ثمة شك كبير بأن يحصل على تفويض من الكونجرس للقيام بذلك، ولكن حزب الله ليس بممثل حكومي أو دولي، فهو مجموعة مصنفة بالإرهابية من قبل الولايات المتحدة، فقد قام الحزب بقتل الأميركيين، بالإضافة لأمور كثيرة أخرى، كما أن معظم الجمهوريين والديمقراطيين سيثنون على القيام بهجوم على حزب الله، حتى لو كان هنالك البعض من كلا الحزبين الذين سيتحسرون على القيام بخطوة من شأنها أن تقترح التزامات أوسع خارج البلاد.
تستطيع واشنطن إبلاغ طهران وموسكو وبيروت بأن حزب الله يجب عليه أن ينسحب من سوريا قبل تاريخ معين، أو أن الولايات المتحدة ستقوم باستهداف أي من قواته التي تقوم بمهاجمة قوات المعارضة غير المتطرفة داخل وحول مدينة حلب وأماكن أخرى، وإذا فشل حزب الله في الانسحاب، فإن الولايات المتحدة سينبغي عليها بعد ذلك أن تكون جاهزة لمهاجمته حالما تنتهي تلك المهلة.
إن انسحاب حزب الله أو استهداف الولايات المتحدة له، سيكون بمثابة رسالة قوية ولكن محدودة بعض الشيء، للمعارضة السورية وحلفائها في تركيا والخليج العربي، وكذلك لكل من إيران وروسيا، وكيف حينها سيكون رد فعل اللّاعبين في سوريا إزاء ذلك؟ إن حزب الله على الأرجح سيحاول ضرب الأصول الأمريكية أو استهداف مواطني الولايات المتحدة في البلدان المجاورة التي سيستطيع الوصول إليها، وعلى الأرجح في لبنان أو العراق، كما أن باستطاعته أيضاً أن يقوم بإطلاق بعض الصواريخ على إسرائيل.
كما ستضعف مكانة "تنظيم الدولة"، والذي يقوم باستخدام تورط حزب الله في سوريا كأداة لتجنيد المزيد، في حين أن كلاً من روسيا وإيران لن يكونا قادرين على التصعيد بشكل أكبر من مشاركتهم في سوريا، إذ أنهما أصبحا في الواقع يبدوان قريبون جداً للحد الأقصى من الأرواح والإمكانيات الذين هم مستعدون أو قادرون على إنفاقها هناك، وسيشعر حينها الأسد بالغضب متوعداً بالانتقام، ولكن النظام السوري، وبشكل أكثر وضوحا قد استخدام بالفعل الحد الأقصى من قدراته.
وفي الوقت نفسه، فإن المعارضة السورية غير المتطرفة ستثني على تلك الضربة، مندفعة بشدة ضد تلك الأراضي التي ينتشر فيها جنود حزب الله، كما سترحب دول الخليج كذلك بتصرف الولايات المتحدة، والتي سيكون عليها حينها أن تضاعف من جهودها في دعم المعارضة.
باختصار، إن استهداف الولايات المتحدة لحزب الله من شأنه في الغالب أن يرضي ويشجّع أصدقاء واشنطن ويحبط خصومها في الوقت نفسه، كما أنه سيعرب عن تأكيد التزام الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب بجميع أنواعه، وتجديد التزام واشنطن في محاسبة حزب الله، كما أنه سيكون بادرة لوضع حدّ للحرب في سوريا، عن طريق التوصل إلى تسوية سياسية أكثر احتمالاً.
-دانيال سيروير أستاذ ومدير برنامج إدارة النزاعات في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة.