بلدي نيوز – منبج (نزار حميدي)
تقتصر تغطية وسائل الإعلام المحلية منها والعربية على تطورات المعارك البرية في منبج بين تنظيم "الدولة" المتحصن داخل أحياء المدينة المحاصرة من جهاتها الأربع، وميليشيات قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تحاول السيطرة عليها منذ أكثر من شهر، بالمقابل يتهم ناشطون وسائل الإعلام بتعمد وإغفال معاناة المدنيين تحت الحصار، حيث باتوا بين سندان التنظيم ومطرقة "قسد"، ومن يستطيع منهم الفرار من حقول الألغام التي زرعها التنظيم حول المدينة تنال منه رصاصات قناصة "قسد" المنتشرين على أطراف المدينة.
ووثق نشطاء وسط تكتيم إعلامي لمجريات المعارك في منبج، استشهاد أكثر من 50 مدنياً خلال تموز/يوليو الجاري من إجمالي العدد الموثق للضحايا المدنيين منذ بدء الحملة والبالغ /192/ مدنيا بينهم /56/ طفلا و/34/ امرأة، سقطوا بغارات لطيران التحالف الدولي، ورصاص القناصة، والألغام الأرضية التي زرعها التنظيم حول المدينة، وتسببت بمقتل العديد من الأهالي الذين حاولوا الفرار من جحيم القصف، والحصار المفروض على المدينة.
مذبحة بحق المدنيين
"ابو عبدالله" –وهو أحد الذين تمكنوا من الفرار خارج مدينة منبج- قال لبلدي نيوز إن "ما يجري في منبج هو مذبحة بحق الأهالي، هناك الكثير من الجثث لأناس مدنيين قضوا بطلقات القناصة في الشوارع، ولم يتمكن أحد من سحبها بسبب استهداف القناصة لهم".
وأضاف "تلك الاشتباكات الدائرة في الأحياء الواقعة على أطراف منبج، أجبرت الأهالي على النزوح إلى قلب المدينة، فأصبح كل منزل في مركز المدينة يضم أكثر من عائلة، وسط ظروف غاية في الصعوبة، ووضع إنساني كارثي، فهم محاصرون في منازلهم، وهناك عائلات لا تجد ما تأكله".
وأشار إلى أن أهالي المدينة المحاصرين باتوا بين فكي كماشة؛ فالتنظيم يمنعهم من الخروج، وأي شخص يحاول الهروب تنال منه رصاصات القناصة من الجانبين والألغام التي زرعها التنظيم حول المدينة.
ونوه إلى أن "قسد" أغلقت أمام المدنيين جميع منافذ المدينة، وتمنع دخول أي أدوية أو مواد غذائية، مطالباً الطرفين بإيقاف القتال ولو لفترة ليتمكن المدنيون من دفن قتلاهم الذين نالت منهم رصاصات المطالبين بالخلافة والجالبين للديمقراطية.
ويعيش في منبج قرابة 200 ألف مدني، أكثر من نصفهم نساء وأطفال، منعهم التنظيم من النزوح إلى خارج منبج في بداية انطلاق العمليات العسكرية للسيطرة على المدينة، وحاصرتهم "قسد" بعد تقدمها السريع على محاور المدينة الأربعة منذ أكثر من شهر.
ما قيمة "التحرير"؟
يقول أحمد الثلجي، وهو عضو الهيئة السياسية لمدينة منبج وريفها، "يرتكب الطرفان الجرائم بحق المدنيين، فالتنظيم اتخذ منهم دروعاً بشرية ويمنع عليهم الخروج من المدينة، فيما "قسد" والتحالف الدولي، حاصروهم وتبعوا بحقهم سياسة التجويع، ثم بدأوا بقصفهم سواء بالطيران أو بقذائف الهاون العشوائية، لخلق حالة من التخبط والفوضى تربك "التنظيم" لتسهيل دخولهم المدينة.
وأضاف الثلجي لبلدي نيوز "ما قيمة التحرير (المزعوم) والذي جعلته "قسد" عنوانا لحملتها، إذا كان سيدمر المدينة على رؤوس أهلها، فالاستهداف المتعمد للأحياء السكنية من قبل طياران التحالف، خلّف الكثير من القتلى المدنيين ودمّر منازلهم، كما دمرت المنشآت والجسور والمباني الحكومية والمدارس".
وحمّل الثلجي المجتمع الدولي عامة، والتحالف الدولي الداعم الرئيس لتلك الحملة خاصة، مسؤولية الحفاظ على أرواح المدنيين المحاصرين وسلامتهم.