بلدي نيوز – متابعات
باتت المراصد اللاسلكية والقبضات المتصلة بها، جزءاً أساسياً من حياة السوريين القاطنين في مناطق سيطرة المعارضة، الذين يستخدمونها بمثابة "جهاز إنذار مبكر"، نظراً لدورها الفّعال في الإبلاغ عن أوقات انطلاق طائرات النظام وروسيا، وأماكن تحليقها، إلى جانب قيامها بتعميم النداءات العاجلة من المستشفيات، ومحطات الدفاع المدني.
وتنتشر عشرات المراصد في مناطق المعارضة، وتتصل مع بعضها البعض ضمن آلية معينة تؤمّن نقل معلومات عن حركة الطيران وأماكن القصف المتوقعة، وإبلاغها للمواطنين وفرق الإنقاذ عبر القبضات اللاسكلية بأسرع وقت، مما يسهم في اتخاذ تدابير السلامة وخفض عدد الضحايا.
ويتألف المرصد من جهاز استقبال وآخر صغير للبث، حيث يتم استقبال المعلومات من باقي المراصد، وبالتالي إعادة بثها عبر القبضات بواسطة ترددات معينة إلى مراصد أخرى، يملكها مواطنون.
وباتت القبضات اللاسلكية موجودة تقريباً في كل بيت ومكان وعمل وحتى في السيارات ووسائل النقل الخاصة للمواطنين، بحسب مراسل الأناضول.
ومع وصول الطائرات إلى منطقة معينة، تصدح المراصد بالتحذيرات، وفي خضم حالة الخوف التي تسود أثناء تحليق الطائرة في أجواء المنطقة المستهدفة، يقوم الناس بعد استماعهم لتحذيرات المراصد بتغيير أماكنهم أو النزول في مغارات، في محاولة للحفاظ على حياتهم.
وإلى جانب عملها في متابعة حركة الطيران وتحديد أماكن القصف، أصبحت "القبضات" وسيلة لنشر النداءات العاجلة، مثل طلبات التبرع بالدم، وتحديد المشافي القادرة على استقبال الجرحى وطلب سيارات إضافية لنقلهم، والتعرف على هوية ضحايا القصف وإبلاغ ذويهم، وذلك في ظل انقطاع شبه كامل للاتصالات الهاتفية، الأرضية منها والخلوية.
محمد منديل، المشرف على أحد المراصد بريف إدلب (شمال غرب)، أفاد أن "مناطق المعارضة تحتوي على شبكة مراصد تتألف من عشرات المراكز، وتغطي كافة المساحة الممتدة من الحدود مع الأردن جنوباً، وحتى الحدود مع تركيا شمالاً".
وفي حديثٍ للأناضول، شرح "منديل" الملقب بـ"أبو بحر"، آلية عمل المراصد قائلاً "تنتشر المراصد على مسافات معينة بحيث تغطي كافة المناطق المستهدفة، وعند حدوث أي تحليق أو أمر طارئ يقوم المرصد القريب بإبلاغ آخر قريب منه، وهكذا دواليك".
وأكد أن شبكة المراصد بريف إدلب "مدنية بشكل كامل ولا تتبع أي فصيل عسكري وتختص بتقديم خدماتها للمدنيين".
بدوره قال "أحمد الإدلبي" (عنصر في الدفاع المدني بمدينة معرة النعمان جنوب إدلب)، إن "المراصد تكاد تكون مصدرنا الوحيد لجمع المعلومات حول معرفة أماكن القصف والحالات الأخرى التي تستدعي تدخلنا"، مشيراً أن "كل مراكز الدفاع المدني مرتبطة بالمراصد على مدار الساعة".
ولفت "الإدلبي" في حديثٍ للأناضول، أنه "في حالات القصف خصوصاً، تتحرك طواقم الدفاع المدني، وفقًا للتحذيرات التي تنقلها المراصد، وقد تنسحب من منطقة القصف بشكل مؤقت عندما تعمم المراصد احتمالية قصف المنطقة ذاتها مرة أخرى، ثم تعود لها بعد مغادرة المقاتلات للأجواء".
من جهته اعتبر المواطن "إبراهيم خشان"، أن القبضات اللاسلكية المرتبطة بالمراصد "باتت جزءًا لا يتجزء من حياة الناس، وذلك في ظل انقطاع الاتصالات الهاتفية بشكل شبه كامل في مناطق سيطرة المعارضة".
وأوضح "خشان" في حديث للأناضول، أنه "لا صوت يعلو فوق صوت المراصد عند وصول الطائرات لقصف منطقة معينة، فالناس يستمعون إليها بدقة ويتحركون وفقًا لها، لتجنب التواجد في الأماكن الأكثر عرضة للقصف".
وأضاف أن "المواطنين يذهبون لمساعدة فرق الدفاع في عملية الإنقاذ وإخراج الجرحى من تحت الأنقاض بعد النداءات التي تطلقها المراصد التي أسهمت في إنقاذ حياة عدد كبير من المدنيين".
تجدر الإشارة أن مناطق سيطرة المعارضة السورية تتعرض لقصف متواصل وبشكل منهجي في كافة أنحاء سوريا، منذ نحو 5 أعوام من قبل مقاتلات النظام السوري وحلفائه، ما أسفر عن سقوط مئات الآلاف من الضحايا المدنيين.