توفي في العاصمة السورية دمشق، رجل الأعمال السوري المعروف الدكتور أحمد راتب الشلاح، عن عمر ناهز 92 عاماً. الشلاح الذي حمل لقب "شهبندر تجار سوريا"، يُعد من أبرز وجوه الطبقة التجارية في سوريا خلال العقود الأخيرة، ووفاته تشكل نهاية لعهد طويل من القيادة الاقتصادية والتجارية التي ورثها عن والده، التاجر الدمشقي الشهير بدر الدين الشلاح. فمن هو رجل الأعمال راتب الشلاح؟
النشأة والتعليم ولد الدكتور راتب الشلاح في دمشق، وهو الابن الأكبر لبدر الدين الشلاح، أحد أعلام التجارة الدمشقية في القرن العشرين. فبدر الدين الشلاح، كان شخصية مؤثرة ورائدة في الاقتصاد المحلي، ومؤسساً لقاعدة تجارية قوية للعائلة. تميزت عائلة الشلاح بعلاقتها العميقة بالتجارة، وكان الوالد حريصاً على تعليم أبنائه وتوفير أفضل الفرص لهم، فقد أرسلهم إلى مدارس مرموقة مثل مدرسة برمانا الداخلية في لبنان. الدكتور راتب تابع تعليمه العالي في الخارج، وحصل على درجة الدكتوراه في المالية وإدارة الأعمال من جامعة كاليفورنيا، كما أضاف إلى ذلك ماجستير في الفلسفة والسياسة والاقتصاد من جامعة أوكسفورد. بعد عودته إلى دمشق في فترة الثمانينيات، عقب تخرجه من الولايات المتحدة، تولى راتب الشلاح منصب رئيس غرفة تجارة دمشق، ليصبح فيما بعد رئيس اتحاد غرف التجارة السورية. هذا الدور جعله أحد أبرز الوجوه الاقتصادية في سوريا، حيث نجح في ترسيخ مكانة العائلة التجارية في السوق السوري، كما طوّر أساليب الإدارة وإدخال مفاهيم جديدة لم تكن مألوفة في المجتمع التجاري التقليدي في دمشق. إضافة إلى ذلك، تولى الشلاح مناصب مهمة أخرى على المستوى الإقليمي والدولي، فقد شغل منصب رئيس سوق دمشق للأوراق المالية، ونائب رئيس اللجنة السورية الوطنية، ورئيس اللجنة السورية الأوروبية المشتركة للأعمال. وهذا الامتداد في المهام يعكس حجم الدور الذي لعبه الشلاح، والذي يقال أنه حاول عبره، تمكين القطاع الخاص من مواكبة التغيرات الاقتصادية العالمية. لم يقتصر تأثير الدكتور راتب الشلاح على المجال الاقتصادي فقط، بل امتد ليشمل المجال الأكاديمي، حيث عمل محاضراً في قسم الاقتصاد في جامعة دمشق، ودرس أيضاً في الجامعة الأميركية في بيروت. كما كان الشلاح عضواً في مجلس المحافظين في معهد الدراسات العليا في دمشق، وجامعة النيل الإسلامية في السودان، حيث عمل على تعزيز الروابط الأكاديمية السورية مع المؤسسات العربية والدولية. حصل الدكتور راتب الشلاح على عدة أوسمة دولية، منها وسام النيل السوداني من الطبقة الأولى، ووسام الشرف السامي الأجنبي من جمهورية النمسا، ووسام جوقة الشرف برتبة فارس من الجمهورية الإيطالية، بالإضافة إلى الميدالية الذهبية "زالاتي ميدايون" من تشيكوسلوفاكيا. ولمعرفة القاعدة التجارية الصلبة التي واصل عبرها راتب الشلاح لابد من الإشارة إلى والده التاجر الشهير بدر الدين الشلاح، والذي ولد عام 1905 في حي ساروجة بدمشق. ترعرع بدر الدين في كنف عائلة تعمل في دباغة الجلود، ولقبوا بسبب ذلك ببيت الشلاح. منذ نعومة أظافر بدر الدين، أظهر ميلاً فطرياً نحو التجارة، حتى أنه لم يتجاوز المرحلة الإعدادية حيث انخرط سريعاً في أعمال والده (سليم الشلاح) التجارية. كان لوالد بدر الدين دور بارز في تدريبه على التجارة، إذ حثّه على تدوين تفاصيل العمل اليومي، مما أكسبه مهارة التدوين وتعزيز خطه. وقد ساعدته هذه التجربة في تطوير مهاراته في المجال التجاري، حيث بدأ بتسجيل حسابات العائلة والتعمق في تفاصيل عملهم.. بعد تركه مقاعد الدراسة،