بلدي نيوز - (خاص)
شكل سقوط محافظة درعا في شهر تموز من العام 2018 حالة من التشظي والانقسام في محافظات الجنوب السوري ولا سيما مدينة درعا التي تُعتبر مهد الثورة السوريّة، وحتى محافظة درعا تمّ تجزئتها إلى مناطق لتقوم كلُّ منطقةٍ بالتفاوض منفردة مع النظام، وهو الأمر الذي أراده الأسد.
حالة التشظي هذه والاستفراد التي يُحسن نظام الأسد القيام بها، نبّهت أبناء الجنوب إلى ضرورة التوحد في مواجهة هذا النظام، ليُعلنَ منذ أيامٍ قليلة عن تشكيل جسم موحد يضمُّ كافة مناطق مدينة درعا وريفيها الشرقي والغربي، بعد أن كانت مُقسّمة إلى ثلاثة مناطق (مدينة درعا، الريف الغربي والريف الشرقي).
وعلى مدار عامٍ كامل، جرت اجتماعات مُطوّلة تخللها الكثير من الاختلاف بوجهات النظر والرؤى ليكون اجتماع الخميس الماضي (5-11-2020) هو الأخير ويُعلن بعده اتحاد جميع مناطق درعا والتي كانت تُمثّل كلُ واحدةٍ منها لجنة مستقلّة، وتشكيل جسم موحد لتمثيل محافظة درعا، مع ذات الأهداف التي بُنيت عليها تلك اللجان.
المتحدث الإعلامي باسم "تجمع أحرار حوران"، قال في تصريح لبلدي نيوز، إنّ الاجتماع حضره عددٌ من قادة الجيش السابقين والقضاة والمحامين والفاعلين في محافظة درعا، ومن أبرز المشاركين في ذلك الاجتماع محمود البردان أبو مرشد قائد جيش "جيش المعتز بالله" سابقًا والذي أصيب باستهداف لعناصر اللجنة المركزية بمدينة درعا منذ ثلاث أشهر، بالإضافة للشيخ أحمد البقيرات القاضي السابق في محكمة دار العدل، إضافة إلى ممثلَين عن خلية الأزمة بمدينة درعا، وهما المحامي عدنان المسالمة، وأبو منذر الدهني قائد "فرقة 18 آذار"، أما عن الريف الشرقي فقد حضر العقيد نسيم أبو عرة وأبو علي مصطفى قائد لواء المُهاجرين والأنصار سابقًا، وهذا ما يدل على وجود توافق بين اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة مع باقي مناطق درعا.
وقال المتحدث، إنّ أعمال التكتل الجديد ستشمل إنشاء مكاتب خاصة بالعمل الإعلامي وآخر مختص بالتفاوض مع النظام فيما يخصّ المعتقلين وملفات التجنيد الإجباري والمُنشقين، ومكتب آخر قضائي للفصل في القضايا بمدينة درعا خصوصًا وأنّ وجود النظام في مدينة درعا شكلي ومحجم بشكلٍ كبير، ورُبّما يتم تشكيل مكتب أمني لضبط الأمن في المدينة، خصوصًا بعد زيادة وتيرة الاغتيالات في المدينة.
مصادر خاصة قالت لبلدي نيوز، إنّه وحتى اللحظة لم ينضم إلى التكتل الجديد أحدٌ من محافظتي القنيطرة والسويداء، غير أنّه تجري اجتماعات حاليًا مع أشخاص لهم وزنهم من المُحافظتين لتشكيل جسم مشترك للجنوب السوري بأكمله وسيحمل اسم (اللجنة الوطنية المُشتركة في الجنوب السوري) وسينطلق هذا الجسم خلال أيامٍ قليلة.
وأكّدت المصادر أنه من المستبعد القيام بأعمال عسكرية في الجنوب، على الأقل في المدى المنظور، ولكن في حال تفاقم الأوضاع الأمنيّة أو اشتداد قبضة النظام الأمنيّة، ومضايقته للمدنيين؛ ربما يتم إطلاق عمل عسكري.
ونوّه المصدر إلى أنّ "اللجنة الوطنية المُشتركة في الجنوب السوري" رُبّما تكون مدعومة من بعض الدول المُنخرطة في الشأن السوري، وأنّ هذا الدعم ما يزال في طور التكهنات، مؤكدا أنّ اللجنة لن تدخل في ميدان التفاوض السياسي مع النظام.
درعا قبل التّوحد
قُسِّمت مدينة درعا قبل إطلاق اللجنة الجديدة إلى ثلاث مناطق، لتُشكل كُل منطقة منها كيانا قام بمُفاوضة النظام، وهذه الكيانات كما يقول المُتحدث باسم تجمع أحرار حوران هي "لجنة درعا المركزية" وتضم مناطق القطاع الأوسط والغربي من محافظة درعا ومؤلفة من قياديين سابقين من مشايخ وقضاة كانوا يعملون بدار العدل بمحافظة درعا بالإضافة لقادة فصائل وازنين في هذه المنطقة -القطاع الأوسط والغربي- وباتوا مسؤولين عن هذه المنطقة وفاوضوا نظام الأسد تحت هذا الاسم بما يخص قضايا المنطقة بشكلٍ عام، وبرز دورهم بقضية مقتل تسعة عناصر بمنطقة المزيريب، بالإضافة للتفاوض على المعتقلين أو المُنشقين، وما إلى هنالك من ملّفات، ليقوم النظام لاحقًا باستهداف عدد من أفراد هذه اللجنة.
أما مدينة درعا والتي تضمُّ (مدينة درعا، طريق السد ومخيم النازحين) فشُكِلت فيها "خلية الأزمة" وضمّت عددًا من القياديين كالشهيد أدهم الكراد وبعض المُحامين، وتتشابه في أعمالها مع لجنة درعا المركزية.
أما في ريف درعا الشرقي كانت السلطة للواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة ويقتصر عمل هذا اللواء على ذات الأعمال التي تقوم بها لجان درعا وريفها الغربي ويقوم، إذ يقوم العودة أو من ينوب عنه بتمثيل المنطقة في أي مفاوضات مع النظام.