"بشار الأسد" تحت وطأة "القيصرين".. أيهما أشد فتكاً؟ - It's Over 9000!

"بشار الأسد" تحت وطأة "القيصرين".. أيهما أشد فتكاً؟

بلدي نيوز – (تركي مصطفى) 

مقدمة: 

بعد أيام قليلة وبالتحديد يوم 17حزيران/يونيو الجاري سيدخل قانون "قيصر" حيز التنفيذ، هذا القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي ووقعه الرئيس في كانون الأول/ديسمبر 2019. يمكن القول إن روسيا هي المستفيد الأول من تداعيات هذا القانون، كمعطى جديد للحرب الدائرة في سوريا، منذ تدخلها بجانب نظام الأسد، في سبتمبر/أيلول 2015؛ فبادرت إلى استغلال نتائج ذلك، استغلالا سريعا، حيث أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما بتعيين سفير روسيا لدى سوريا ألكسندر يفيموف "مبعوثا خاصا لرئيس الدولة الروسية لشؤون تطوير العلاقات مع الجمهورية العربية السورية"، حيث يعتبر هذا الإجراء أهم مفصل في اتجاه أهداف موسكو من مفاصل هذا التدخل، سياسيا، واقتصاديا، وعسكريا. 

يبدو أن الإدارة الأمريكية عازمة على بذل أقصى ما يمكن في سبيل دعم تنفيذ القانون استجابة لمصالحها القومية قبل كل شيء، والذي يعطي الحق للرئيس الأمريكي بفرض عقوبات جديدة على أي كيان يمول أو يتعامل مع نظام الأسد وأجهزته الأمنية في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي، كما تستهدف فقرات القانون كل من (يبيع أو يقدم سلعا أو خدمات أو تكنولوجيا أو معلومات أو دعما كبيرا يسهل بشكل كبير صيانة أو توسيع الإنتاج المحلي لحكومة الأسد من الغاز الطبيعي أو البترول أو المنتجات البترولية). 

ويستهدف قانون سيزر المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أو المتواطئين معهم وكذلك من يراه الرئيس الأمريكي من أفراد عائلاتهم في قائمة العقوبات، وهم: رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء ونائبه، والوزراء، وقادة الفرق والقوات المسلحة التابعة لنظام الأسد، بما ذلك القوات البرية والجوية والعسكرية، وأجهزة المخابرات وقيادات وزارة الداخلية، وكذلك إدارة الأمن السياسي ومديرية المخابرات العامة وقيادات الشرطة، وكل قادة ونواب الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وقائد الحرس الجمهوري، ومستشار الشؤون الاستراتيجية للرئيس، ومدير ونائب مدير مركز الدراسات والبحوث العلمية، ومديري السجون والمعتقلات الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، والمحافظون وكل رؤساء الأفرع الأمنية في المحافظات السورية الذين تم تعيينهم من قبل الأسد.  

القيصر الروسي 

لأكثر من خمس سنوات، فرضت روسيا نفوذها في المناطق الخاضعة لسلطة نظام الأسد، واستمالت بعض مراكز النفوذ العسكرية والاقتصادية والعشائرية، وقد تحقق لها ذلك النفوذ، من خلال كيانات عسكرية، كان لها الفضل في ولادتها، ودعمها، ماديا، ومعنويا، ولعل من أبرزها: الفيلق الخامس، والفرقة 25، وبعض الأجهزة الأمنية، وهي، جميعا، وحدات خاضعة لإشرافها المباشر، بحكم كفالتها المادية، والتسليحية، والتدريبية، وليس لرئاسة هيئة الأركان، ووزارة الداخلية، التابعتين لسلطة الأسد، أي نفوذ جوهري على كل منها، بل بلغت الوصاية الروسية عليها إلى الحد الذي قام فيه الطيران الحربي الروسي، بالتدخل لمصلحة هذه القوات، أثناء المواجهات المسلحة، التي نشبت ليس بينها وبين قوات المعارضة المسلحة فحسب، بل حتى ضد الميليشيات الإيرانية في أحد مفاصل الحرب.

ويبدو أن المرسوم الرئاسي الذي أصدره بوتين، يأتي في سياق المكاسب والفرص الثمينة والعديدة، التي تطورت بشكل دراماتيكي، ويتجلى جوهر هذه المكاسب في أن روسيا هي صاحبة "اليد العليا " في مناطق نفوذ الأسد في محاكاة واضحة لتجربة "بريمر" الأمريكية في العراق، وإن اختلفت الظروف وأطراف الصراع. يبدو ذلك بنص المرسوم الذي يقترح على الحكومة الروسية التفاوض مع النظام على تعديل اتفاق الأسد - بوتين وفق مقتضيات المصلحة الروسية، ومنها:

- تسليم ممتلكات غير منقولة ومناطق بحرية إضافية للعسكريين الروس في سوريا على قاعدة الاتفاقية المبرمة في آب/أغسطس 2015، بين بوتين والأسد، بشأن إنشاء قواعد عسكرية روسية اقتصرت في العام 2015 على قاعدة حميميم الجوية ميناء طرطوس البحري، والتي تضم مجموعة من سلاح الجو الروسي وبعض قطع الأسطول الروسية في المياه الإقليمية السورية. 

-  توسيع إشرافها المباشر على القواعد العسكرية السورية، وذلك بالسيطرة التدريجية الكاملة على ألوية الدفاع الجوي في الساحل السوري وريف دمشق، علاوة على القواعد الجوية كـ"مطار الشعيرات ودير الزور والقامشلي ومهبط المروحيات في ريف اللاذقية"، والاستحواذ على كل المواقع العسكرية التي تنشط في محيطها القوات الروسية كـ"اللواء 93" شرق الفرات، وبعض الألوية العسكرية في محافظة درعا. 

-  تدريب قوات عسكرية محلية وتجهيزها للقتال، وإعادة تأهيل بعض القوات العسكرية ودمجها ضمن مرتبات الفيلق الخامس والفرقة 25.

-  قوننة السيطرة على حقول الفوسفات الغنية بريف تدمر، بعدما مكّن مجلس الشعب التابع لنظام الأسد شركة روسية من إحكام قبضتها على إنتاج الفوسفات في البلاد، مع إقراره عقدا موقعا بين المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية و"ستروي ترانس غاز" الروسية، يمنح هذه الأخيرة حق استثمار واستخراج خامات الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر، وتبلغ مدة العقد 50 عاما ويُقدّر الإنتاج السنوي بنحو 2.2 مليون طن من قطاع يبلغ احتياطه الجيولوجي 105 ملايين طن. ومن بين الاتفاقيات الاقتصادية الخطيرة التي وقعها نظام الأسد مع الروس، الاتفاقية المعنية بالتنقيب عن البترول الموقعة مع شركتي "فيلادا" و"ميركوري" الروسيتين عام 2019، والتي تتيح لهما التنقيب عن النفط وتنميته وإنتاجه في ثلاث مناطق لثلاثة عقود.

على نحو أولي، يمثل ألكسندر يفيموف كـ"مبعوث خاص للرئيس بوتين" لدى نظام الأسد المكسب الأكثر ثمنا لموسكو بوصفه انطلاقة مرحلة جديدة نحو الاستحواذ المطلق للروس على مفاصل بنية النظام سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ولكن هذه المرحلة تتطلب تدخلا عاجلا من "المندوب السامي" الروسي الجديد وفق خطة تعيد الاستقرار لمناطق الجنوب السوري الخاضعة لاتفاق روسي، والحفاظ على "اتفاق موسكو" الخاص بمنطقة التصعيد الرابعة، والتخلص من رموز الفساد التي تهيمن على الاقتصاد السوري. مكسب آخر من خلال تعيين "يفيموف" مندوبا ساميا، ولعله أهم المكاسب بالنسبة لموسكو، ألا وهو الحصول على غطاء شرعي بهدف "قوننة" اتفاقية العام 2015م لاستكمال السيطرة من خلاله على مناطق نفوذ الأسد، وإسناد حماية هذه المناطق إلى القوات، التي جرى ويجري إعدادها روسياً. 

القيصر الأمريكي

يدرك "القيصر الروسي" أن تحقيق أهداف بلاده السياسية والاقتصادية والعسكرية ستصدم بتفعيل قانون "قيصر" الأمريكي في منتصف الشهر الجاري. حيث تبرز أهمية الفقرات التي نص عليها القانون في استهداف الأنشطة الخاضعة للعقوبات، ومنها، كل من يوفر عن علم، دعما ماليا أو ماديا أو تقنيا كبيرا أو يشارك عن قصد في صفقة كبيرة مع إحدى الجهات التالية: "حكومة نظام الأسد (بما في ذلك أي كيان يملكه أو يسيطر عليه النظام) أو شخصية سياسية بارزة في حكومة الأسد، وتستهدف العقوبات الشركات والميليشيات الأجنبية المساندة لنظام الأسد كشركة "فاغنر" الروسية, وكل الميليشيات الإيرانية المتواجدة على الأرض السورية, وذلك وفقا لنص القانون الذي يعاقب كل شخص أجنبي, (مثل متعاقد عسكري أو شركة للمرتزقة أو قوة شبه عسكرية تعمل عن عمد بنشاط عسكري داخل سوريا لصالح أو نيابة عن حكومة الأسد أو حكومة الاتحاد الروسي أو حكومة إيران) أو (يبيع أو يوفر عن عمد الطائرات أو قطع غيار الطائرات التي تستخدم للأغراض العسكرية في سوريا لصالح الحكومة السورية أو نيابة عنها لأي شخص أجنبي يعمل في منطقة تسيطر عليها بشكل مباشر أو غير مباشر حكومة سورية أو القوات الأجنبية المرتبطة مع حكومة الأسد), وكذلك كل من (يوفر عن عمد البضائع أو الخدمات الهامة المرتبطة بتشغيل الطائرات التي يتم استخدامها لأغراض عسكرية في سوريا لصالح أو نيابة عن حكومة الأسد). وبحسب القانون، فإن "الرئيس الأمريكي ملزم بفرض عقوبات ضد الأجانب الذين يقدمون خدمات في مجال الدفاع أو معلومات ذات طابع عسكري، كما تمت إضافة بند أخير على المشروع يقضي بأن تقدم الإدارة الأميركية للكونغرس تقارير دورية تعرض خيارات عسكرية لحماية المدنيين في سوريا. من هنا، أدركت موسكو حاجتها لتعيين مندوب يمثل الرئيس بوتين شخصيا لفرض هيمنته المطلقة على نظام الأسد، بهدف التعاون لتنفيذ قرارات مجلس الأمن وفي مقدمة ذلك القرار 2254. مع مراجعة شاملة لكل الملفات العالقة. 

خاتمة

ما يتضمنه مرسوم تعيين " يفيموف" مندوبا ساميا لدى نظام الأسد، مقترنا مع اقتراب تنفيذ قانون قيصر بما ينطوي عليه من الإجراءات والعقوبات الاقتصادية ستكون أشدّ وطأة على الأسد سياسيا واقتصاديا، وكذلك حجر عثرة كبيرة أمام محاولات روسيا إعادة تدويره ومن ثم تأهيله من جديد.

أمام توّجهٍ كهذا، لا سيما أنّ من بين رهانات "القيصرين" الاستفادة من أيّ تحولاتٍ قد تحدث على المستويين، الدولي والإقليمي؛ بحيث تجعل نهاية الصراع السوري متوافقة مع أهدافهما في سوريا، مما سيدفع المندوب الروسي إلى إكراه الأسد للدخول في العملية السياسية بشكل حقيقي بعيدا عن مماطلاته وألاعيبه. وإلا سيضطر الروس للبحث عن جهة سورية متعاونة معهم لجني الأرباح من خلال أموال إعادة الإعمار بعدما تحولت سوريا نتيجة العبث الروسي إلى ثكنة عسكرية مكتظة بالمليشيات والمخابرات والمعتقلات، علاوة على قتل مئات الآلاف وتشريد ملايين السوريين.

مقالات ذات صلة

صحيفة غربية: تركيا تعرض على امريكا تولي ملف التظيم مقابل التخلي عن "قسد"

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية

خالفت الرواية الرسمية.. صفحات موالية تنعى أكثر من 100 قتيل بالغارات الإسرائيلية على تدمر

توغل إسرائيلي جديد في الأراضي السورية

ميليشيا إيرانية تختطف نازحين من شمالي حلب

أردوغان: مستعدون لما بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا