بلدي نيوز- (ليلى حامد)
شكّل العنف ضد المرأة حالة مخالفة لعادات المجتمع السوري، إﻻ أنها بدأت تنتشر في ضوء الظروف اﻹنسانية الصعبة التي تمر بها البلاد نتيجة حرب اﻷسد على السوريين، وتأثير العوامل النفسية على الرجل والمرأة.
وإحدى القصص التي تختصر التجربةً بين المرارة واﻻنتصار على الواقع، بدت "أمل" بطلة تغلبت مثل كثيرات من النساء على الظروف، ولم تعر اهتماما لما يقال عنها.
تقول "أمل" لمراسلة بلدي نيوز: "احتضنني طويلا ودموعي تغرق كتفيه متوسلة إليه لا تتركني مع ولدين صغيرين، لا طاقة لي بتأمين مصروفهما، يطبطب على كتفيّ بلطف وحنان قائلا: حال وصولي وتأمين العمل سأرسل لك ما يكفيك ويكفي ولدينا أنت فقط كوني قوية".
وفي هذه اللحظة الرومانسية يغادر عقبة زوجته الصغيرة التي لا تتجاوز العشرين عاما إلى ألمانيا، بعد أن استطاع تأمين مبلغا يساعده في سفره، بينما بقيت زوجته في مدينة إدلب تنتظر ظروفا تمكنها من اللحاق بزوجها. حسب تعبيرها.
من هنا بدأت رحلة تعنيف أمل الزوجة الصغيرة من قبل مجتمعها المحيط بها، حيث بدأت تعمل كمستخدمة في المشفى الوطني بإدلب لتأمين مصروف أولادها الصغار، وتضطر للتأخر ليلا أحيانا حسب أوقات دوامها، وتضع أولادها عند سيدة مسنة طيبة القلب تدفع لها مبلغا لقاء ذلك، كما تعين جارتها المسنة بعد عودتها من العمل حتى أصبحتا تعيشان كأم وابنتها.
كل ذلك لم يمنع جاراتها من تعنيفها وازدرائهم لها، بسبب المناوبات الليلية والتأخر في العمل وانتشرت الشائعات سريعا بين أهل الحي الشمالي لمدينة إدلب كانتشار النار في الهشيم، وبات الكل يظن بها ظن السوء، مما يجعل أمل تبكي أمام السيدة الطيبة التي تساندها وكانت دائمة القول: "خليك قوية يا ابنتي كلام الناس ما بيخلص، وزوجك بيعرف أنك مضطرة للعمل ريثما يتمكن من تأمين مصروفك عندها بتخلصي من كلام الناس".
لم يقف اﻷمر عند هذا الحد؛ فمع كثرة الحديث عن خروج أمل ليلا وتأخرها وصلت الأحاديث الملفقة عنها إلى زوجها اللاجئ في ألمانيا واستفسر من زوجته وبيّنت له أمل طبيعة عملها، ولكنه أصيب بغضب شديد أنه يتوجب عليها البحث عن عمل آخر.
وبالفعل بدأت رحلة معاناة إضافية، فعليها تأمين أجار البيت ومصروف الطفلين، وبعد بحث طويل لم تجد أمل عملا آخر فاضطرت للاستمرار بالعمل إلى أن يفرجها الله ويرسل لها زوجها. بحسب تعبيرها.
لم يصبر الزوج إلى أن تتحسن ظروفه ويرسل لزوجته مالا ليكفيها شر العمل، ويساعدها ريثما تتمكن من اللحاق به، بل طلقها هاتفيا ونسي أنه ترك طفلين بحاجة إلى رعاية ومصروف، ومارس أقصى درجات التعنيف ووجه لها كلمات أصابتها بمقتل.
عنف المجتمع والزوج والظروف الاقتصادية
وجدت أمل أنها وقعت فريسة عنف المجتمع عندما تطاولت الألسن عليها وظلمتها، ثم وقعت ضحية تعنيف زوجها رغم بعده عنها إلى الفردوس الأوروبي متناسيا واجباته ومسؤولياته تجاه أسرته، لتجد نفسها أخيرا تعيش تحت وطأة الشرط الاقتصادي وصعوبة تأمين مصدر عيش كريم لهذه الشابة الجميلة حسب قول السيدة التي تعيش معها.
أصيبت أمل بخيبة أمل كبيرة بعد طلاقها من زوجها وتعنيفها دون ذنب ارتكبته، وجدت نفسها منبوذة اجتماعيا بسبب طبيعة عملها، ولكن كل ذلك لم يحبطها بل زادها صبرا وقوة، وبدأت تحضر دورات وتتعلم للتقدم لامتحان شهادة الثانوية.
وبحسب صديقتها المسنة: "بالفعل نسيت أمل زوجها ولم تعر سمعا لجيرانها واستمرت بالعمل ليلا والدراسة نهارا إلى أن نجحت وسجلت في كلية طب الأسنان في جامعة كفر تخاريم، وما زالت تعمل وتدرس حتى تؤمن حياتها وحياة طفليها دون أن تكون لقمة سائغة لمن تسول له نفسه باستغلالها.
يذكر أنّ الأمم المتحدة، أطلقت بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يوافق 25 نوفمبر من كل عام، حملة لإنهاء العنف ضد النساء، تحت عنوان "لون العالم برتقاليا"، ودعت لارتداء ملابس برتقالية اللون، تضامنا مع دعواتها للقضاء على العنف ضد المرأة.
كما سبق أن أطلق المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة، حملة أخرى بعنوان "السكوت مش دايما رضا"، بدأ تنظيمها منذ 25 نوفمبر 2015 في، وهي دعوة للتضامن مع الناجيات من العنف الاجتماعي في المنطقة العربية.
ويشار إلى أن سبب اختيار 25 نوفمبر للقضاء على العنف ضد المرأة، هو عملية اغتيال الأخوات ميرابال، وهن ناشطات سياسيات في جمهورية الدومينيكان (1930 – 1961)، بأوامر من حاكم الدومينيكان (الواقعة في بحر الكاريبي) رافاييل تروخيلو عام 1960.