الخطر الذي يهدد أوروبا ليس تنظيم القاعدة.. بل شبيحة الأسد
Tablet - ترجمة بلدي نيوز
ازدادت خلال الفترة الماضية عمليات كشف الشبيحة ومجرمي الحرب الذين ينتحلون صفة لاجئين سوريين في الدول الأوروبية، وفي دراسة نشرت في شهر فبراير 2016، في صحيفة التابليت، يقول الكاتب "بين ديفيس".
منذ عام 2015، عبر ما يزيد على مليون لاجئ إلى أوروبا؛ مئات الآلاف من السوريين الفارين من برنامج ترعاه الحكومة السورية للتطهير العرقي ينظمه ويرعاه القادة الإيرانيون على أرض المعركة، بدعم من القوة الجوية الروسية والمدفعية الثقيلة، وقد أثارت هذه الموجات والأعداد الكبيرة من السوريين الفارين من الرعب كل أنواع الاستجابات، بدءاً من الحزب اليميني المتطرف "بيغيدا" الذي طالب بوضع حد لتدفق المهاجرين، إلى الحد الذي دفع البعض للتعبير عن قلقه بأن مقاتلي تنظيم الدولة قد يتسللون إلى أوروبا ضمن المهاجرين.
ولكن السوريين المذنبين بارتكاب جرائم حرب في الواقع هم الآن داخل اوروبا بالفعل، وبعضهم مرتبط مع داعش، ففي كانون الأول اعتقلت فنلندا شقيقين ظهرا في فيديو وهما يذبحان مجندين عراقيين، وفي كانون الأول هاجم مغربي (ليس لاجئاً) شرطة باريس، وفي عام 2015، سجن عنصر سابق من الجيش الحر في السويد لضربه أسيراً في عام 2012.
ومع ذلك، فإن الرواية المثيرة للذعر بشأن مقاتلي داعش الذين تسللوا إلى أوروبا لشن هجمات إرهابية، مثل الهجمات المنسقة في باريس في تشرين الثاني من العام الماضي، ليس لها أساس حقيقي في واقع الأمر -فمع تصاعد أزمة اللاجئين السوريين- قمت بالبحث من خلال وسائل التواصل الاجتماعية للبحث عن معلومات عن مشتبه بهم، حتى أني تفحصت مواقع عربية وصفحات فيسبوك وتبادلت المعلومات مع بعض السوريين بهذا الشأن.
وما وجدته هو أن الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين لا يشكلون بكل تأكيد أي تهديد للأمن القومي، ولكن كان هناك اتجاه مقلق بينهم، وهو أن هناك ما يصل إلى 1000 مقاتل موالي للأسد، متورطين بجرائم حرب في سورية قد استفادوا من العروض السخية للجوء وهم الآن في أوروبا.
هؤلاء المقاتلون ومجرمو الحرب المعروفون باسم "الشبيحة" أو "غوستس" تم التعاقد معهم من قبل شقيق الرئيس السوري "ماهر الأسد" لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في سورية عام 2011، وهم عبارة عن مجرمين سابقين تم إطلاق سراحهم وتجنيدهم، بالإضافة إلى السكان المحليين من الأقليات التي تعتبر موالية للأسد (وخاصة العلويين والمسيحيين).
وحظي "الشبيحة" بسمعة سيئة لارتكابهم أسوأ وأشنع جرائم الحرب عندما تضخمت الاحتجاجات الشعبية في سورية لتصبح حرب أهلية، ولا سيما المجازر التي ارتكبوها في مدينة بانياس وداريا، بقيادة "معراج أورال" والذي ناقش في إحدى الفيديوهات كيفية تطهير مدينة بانياس، وقد عرض على هؤلاء المجرمين مبالغ نقدية ضخمة وحتى منشطات مقابل ولائهم .
ومع استمرار الحرب، اصبح مصطلح "الشبيحة" وصفاً مرتبطاً مع كل مجموعة مسلحة موالية للأسد، وبعد خمس سنوات من القتل والتعذيب، نفس الرجال الذين كانوا سبب تشرد وفرار الكثير من اللاجئين السوريين، بدأوا باستغلال الأزمة ليأتوا إلى أوروبا.
عند هذه النقطة، قد يتساءل المرء لماذا يعتبر هؤلاء الرجال أكثر خطورة من عناصر "تنظيم الدولة"، الجواب هو أن الحكومات الأوروبية قد حددت "داعش" على أنها العدو وليس نظام الأسد، وهم في بحث مستمر عن عناصره ومقاتليه، والذين في كثير من الأحيان يتم إحباط مخططاتهم بعد وقت قصير من دخولهم الدول الأوروبية، وبالتالي هم يمثلون تهديداً أقل لمجرد أنهم لا يعطون الفرصة ليكونوا تهديداً.
فمثل الشبيحة، يقوم عناصر التنظيم بنشر صور لوجوههم على شبكة الانترنت، ويرتكبون أعمال مروعة في أماكن عامة، ولكن لأن السلطات تبحث عنهم بشكل دؤوب، يتم اكتشافهم بسرعة قبل أن يلحقوا أي ضرر.
لكن من الناحية الأخرى، الشبيحة غير مرئيين إلى حد كبير، وبذلك يقع اللوم علينا، فالأوروبيون مهووسون في إيجاد خوف ظاهري من "البعبع الإسلامي" الذي يختبئ بين حشود اللاجئين اليائسين، أو ما هو أسوأ بوصف اللاجئين بأنهم هذا البعبع!
وفي العموم، الشبيحة ليسوا متدينين، برتدون ملابس مدنية ويشربون الكحول ويدخنون، ويتفاخرون بالتقاط صورهم الشخصية في حفلات ماجنة، ولكن "متعصبي اليورو" الأوروبيون يبحثون عن عكس ذلك، فهم يدققون على كل من لديه مظهر المسلم (وخاصة من اللاجئين) فموالو الأسد ليسوا مناسبين للذم والكراهية، وإلا فكيف لتستطيع جريدة مثل "الديلي ميل" بيع صحفها، لو قامت بالتركيز على مجرمي الحرب الحقيقيين الذي لا يبدون ظاهرياً كمسلمين؟ الجواب البسيط هو لا، إن الغرب قد حدد أنه يجب قتال "داعش" والمحافظة على هياكل النظام السوري لحماية أهدافه الرئيسية في المنطقة، فالتفكير المتعصب وأهداف السياسة الحكومية التقوا في مكان واحد ووفروا ملاذاً آمناً لمجرمي الحرب.
والأسوأ من ذلك، أن بعض الشبيحة تم إرسالهم من قبل مخابرات النظام السوري اللعين إلى أوروبا للتجسس على اللاجئين الفعليين أو لارتكاب أعمال إرهابية، ولا بد هنا من التذكير أن نظام الأسد قد هدد في عام 2011 بمهاجمة أوروبا، وذلك باستخدام عملائه ووكلائه الموالون له هناك.
ويضيف الكاتب: "باستخدام موقع الويب الخاص بي، قمت بأرشفة بعض أسماء هؤلاء الشبيحة على مواقع التواصل الاجتماعي وهذا ما وجدت":
-
ليث أيمن منشدي: وفقاً لصفحته الخاصة، هو لبناني-عراقي عاش في دمشق، وانضم لواحدة من العديد من الجماعات الجهادية الشيعية العراقية التي جاءت إلى سورية للقتال من أجل نظام الأسد، مثل كتائب "أبو الفضل العباس" وهي جماعات جهادية تقاتل مع النظام وليس ضده.
وقام ليث بنشر العديد من الصور على صفحته الشخصية على الفيس بوك، وفي إحداها يقف فيما يبدو في أحد مراكز الاعتقال وهو يحمل بندقيته، وتنتشر جثث رجال قتلوا حديثاً حول قدميه، وفي حالات أخرى كان يقف على جثث أكثر عدداً، ويحمل زيه العسكري شعار الطائفة الشيعية " لبيك يا زينب" التي تستخدم عادة لتبرير قتل السنة، وهي (دعاية إيرانية بأن السنة سيفتكون بضريح السيدة زينب، المبجلة من قبل الشيعة) وعلى حسابه على تويتر يرتدي ليث الزي العسكري الخاص بحزب الله .
في عام 2015 نشر ليث صوراً له على الجزر اليونانية، وفي وقت لاحق غير مكان إقامته على الفيس بوك إلى (بريمن، ألمانيا)، مدعياً على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه لاجئ سوري ! رغم أن أياً من والديه ليس سورياً، وبعد أن كشف حسابه، أغلقه ليث .
إن وجود مقاتلي حزب الله المجرمين في أوروبا لهو أمر مقلق، فقد سبق لهذا الحزب أن استهدف مدنيين في اوروبا من قبل، ولن يكون لرجال مثل "ليث" أي تحفظات على قتل الأوروبيين مثل داعش تماماً .
-
محمد كنعان: خدم حول مدينة دمشق، وهو على علاقة ودية مع الأسد الذي التقاه مرة في كانون الثاني 2015، وذلك في الفيديو "الدعائي" الذي نشر من منطقة جوبر في دمشق، و قال النشطاء السوريين أن كنعان قد قام بتعذيب المعتقلين، والسرقة والقتل عند نقاط التفتيش، وباع سيارات مسروقة، كما خاض العديد من المعارك الرئيسية، بما في ذلك حول الغوطة الشرقية، حيث طوق جيش الأسد في هذه المعارك مدن مختلفة (بما في ذلك مضايا) ومنع أي طعام من الوصول إلى السكان في ظل سياسة "الركوع أو التجويع".
في عام 2015 هاجر كنعان إلى السويد، وزعم أن تمويل رحلته كان على حسابه، ولكن السوريين نشروا صوره على أنه شبيح، وادعى هو لاحقاً أنهم "حثالة" سيتعامل معهم لاحقاً.
-
محمد العبد الله: ويعرف أيضاً باسم "أبو الحيدرين"، ليس كباقي البلطجية العاديين، فزيه على وسائل التواصل الاجتماعي يوحي بأنه من وحدات النخبة - ربما التابعة للقوات الخاصة، وقد قام العبد لله بتحميل صور له على حساب الفيس بوك، من الخطوط الأمامية للمعركة، وتتضمن صوراً له وهو يدوس رجالاً بملابس مدنية !، وبحلول عام 2015 كان هذا المجرم في السويد، قرب ""Vallingby، وبالحكم على صور له على وسائل التواصل الاجتماعي والتي يدعي فيها أنه لاجئ، نستغرب ماذا يفعل عضو من قوات الأسد المدربة تدريباً عالياً في أوروبا؟
وقال ناشطون في موقع " مجرمون دوت كوم" وهو موقع عربي يقوم بفضح جرائم النظام السوري وعملائه، بأن المجرم العبد لله قد قام بتقطيع أوصال ضحاياه، وهي جرائم لم يكن تنظيم "داعش "السباق في ارتكابها، بل كانت قوات الأسد هي من تقوم بتقطيع الرؤوس والأوصال قبل مجيء داعش بكثير، حتى أن العبد لله قد قام بتهديد اللاجئين وابتزازهم بالتعرض لعائلاتهم في سورية .
-
حسام السطوف : عنصر في قوى الأمن التابعة للأسد، وهي المخابرات الجوية في حلب، وهو عنصر موثوق به من قبل النظام، وكان يعمل على ما يبدو مع سفير الأسد لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، والذي يظهر معه في صورة على حسابه الخاص على الفيس بوك.
وقال ناشطون على صفحة الفيس بوك " مجرمون وليسوا لاجئين" بأن حسام قد أُرسل إلى موسكو للتدريب على مهارات صنع القنابل، وفي إحدى صوره يظهر في زيه العسكري مع شهادة عسكرية روسية على جدار مكتبه .
كما أضاف نشطاء من موقع "مجرمون دوت كوم" على ذلك، حيث قالوا أن سطوف الذي تقدم بطلب لجوء إلى المانيا، قد خرج من مناطق النظام السوري في دمشق متجهاً نحو روسيا، دون أن يقطع آلاف الأميال التي يضطر اللاجئين لعبورها، وهو الآن يستقر في هامبورغ، وتكهن السوريين أن الهدف من إرساله لهناك هو شن هجمات إرهابية ووضع اللائمة على اللاجئين السوريين .
ولكن - ألا يجب أن يلقى "صانع قنابل " مثل سطوف اهتماماً أكبر من قبل أوروبا ؟ وهو الذي يظهر في الصور في السفارة الروسية وفي مظاهرات تحمل شعارات حزب الله ؟
-
صبري كاكو: لاجئ وصل مؤخراً من حلب إلى هولندا، لكن وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى عكس ذلك، فهناك ادعاءات لم تثبت بعد بأن كاكو كان من أوائل من انضموا لعصابات الشبيحة في حلب وأنه معروف بسمعته السيئة، حيث شارك في قمع المتظاهرين بالسكاكين و والهراوات و الأسلحة النارية منذ أوائل الثورة .
وفي صورة توجه الاتهام له، يظهر كاكو مع الشبيحة وهو يحمل هراوة بيده لمهاجمة المتظاهرين، وفي صورة أخرى له في نادي رياضي، يبدو أثر استخدام الستيرويد واضحاً عليه، فقد كان جزءاً من مجموعة شبيحة يقودها " حمدي ماردلي " (الملقب أبو سالمو)، والمعروف بأنه عضو في ميليشيا مجرمة تابعة للنظام وتحدثت عنه وسائل التواصل الاجتماعي المناهضة للنظام مطولاً، ونشرت فيديوهات خاصة به تعود إلى عام 2012، وقد قتل في وقت لاحق في عام 2013، وقد عمل كاكو في حي الشيخ مقصود في حلب، في فرع الأمن السياسي للنظام.
-
علاء عادل خليل: وهو عضو آخر من وحدات النخبة التابعة لنظام الأسد، ملاكم من القامشلي، ومن ثم تطوع مع " اللجان الشعبية" وهي الاسم الرسمي للشبيحة، ويبدو أن خدمته قد اثارت إعجاب رؤسائه، حيث وضع في القوات السورية الخاصة،( قوة مؤلفة من الموالين النخبة للنظام) وتمت ترقيته بسرعة، وبحلول عام 2012 كان حارس الأسد الشخصي، خصوصاً حين قام الأسد بإلقاء خطابه في ساحة الأمويين .
وارتبط اسم خليل أيضاً بالحرس الجمهوري، القوة المحصورة بالطائفة العلوية والمكلفة بحماية الأسد، واتهم خليل من قبل النشطاء المناهضين للنظام بالوقوف وراء مذبحة السجناء المدنيين عند نقطة تفتيش.
هذا وقد وصل خليل إلى ألمانيا في أواخر عام 2014 على أنه طالب جامعي ! فرمن الحرب، ومع ذلك كانت صفحاته المتعددة على الفيس بوك " علاء خ" و " علاء عادل" تثبت خلاف ذلك، وقد قال أحد الطلاب السوريين هناك أن علاء يدرس حالياً في أكاديمية " Sparaachen" وأنه قد تفاخر بخدمته عندما واجهه والد الشاب، بل ذكر أنه تدرب على القنص في روسيا !
إذاً، هل من الصعب أن نجادل أن الشبيحة القتلة ينتمون إلى السجون، وليس ليكونوا في شوارع أوروبا، فهؤلاء الرجال لم يكن لديهم أي تحفظات بالنسبة لضرب وتعذيب وقتل السوريين من جميع الأعمار، ولذلك هم لن يتورعوا عن مهاجمة الأوروبيين، ولن يؤرق مضجعهم ذلك، ما يخيف أكثر من ذلك – هو أنهم لا زالوا على اتصال مع نظام الأسد، ويستمدون المال والدعم الذي تقف وراءه أجهزة الاستخبارات السورية، ما يجعلهم أدوات محتملة لأعمال العنف والإرهاب في المستقبل، منظمين بشكل جيد لخدمة أهداف الدولة السورية وحلفائها.
إن الشبيحة بدأوا فعلاً بارتكاب جرائم في وطنهم الجديد، ففي برلين، تمت سرقة مطعم لبناني "فلافل بيروت والشام" لأنه رفع علم الثورة السورية، وقام مرتكبي الجريمة بتشوية العلم وكتابة " سورية الأسد" على جدران المطعم، بالإضافة إلى تهديدات بالقتل، وبذلك يواصل بذلك هؤلاء المجرمون ترويع مواطنيهم في كل مكان .
لا شك أن تنظيم داعش خطر، ولكن الغالبية العظمى من التهديدات ذات المصداقية التي تواجه الغرب الآن يمكن أن تعزى بلا منازع إلى نظام الأسد، وليس لمعارضيه، فهل نحن حقاً نشعر بالأمان؟ حين نعلم أن الرجال الذين جندوا لتعذيب وقتل واغتصاب السوريين –يمشون بحرية في شوارع اوروبا؟