حسين العودات.. رحيل بطعم الخلود
بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
رحل عن عالمنا يوم أمس الخميس 7 نيسان المفكر والمعارض السوري الكبير حسين العودات، الذي رفض مغادرة دمشق رغم كل الألم والمعاناة ومضايقات النظام وميليشياته، فعاش ومات فيها كريماً معطاءً غير منتمٍ إلا لنداء الضمير وصوت الحق.
آمن حسين العودات بإمكان إصلاح النظام وشؤون البلاد على نحو سلمي، واشتغل على هذه الفكرة، منذ إعلان دمشق الذي أعقب إصدار بيان الحريات من 99 مثقفاً هو منهم، وفي بداية الثورة انتسب إلى هيئة التنسيق، ثم انسحب منها مُؤثراً العمل خارج الأطر الحزبية، وكان من مؤسسي رابطة الكتاب السوريين في القاهرة 2012، فعاقبه اتحاد الكتاب العرب الذي تسيطر عليه المخابرات السورية بحرمانه من حقوقه التقاعدية.
سيرة كبيرة
ولد الراحل في قرية أم المياذن من ريف محافظة درعا عام 1937. وحصل على ليسانس في الجغرافيا، وآخر في اللغة الفرنسية من جامعة دمشق، كما حصل على دبلوم في الصحافة. وشغل الأعمال والوظائف التالية:
مدرس 1956 – 1963
مفتش بالتربية 1963 – 1964
مدير تربية في محافظة درعا 1964 – 1966
مدير عام وكالة الأنباء السورية – سانا 1966 – 1970
مستشار رئيس الوزراء لشؤون الصحافة والثقافة 1971 – 1986
محاضر في قسم الصحافة جامعة دمشق 1985 - 1986
مدير عام دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع 1987
خبير غير متفرغ لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الأليكسو".
أمّا العناوين التي أضافها للمكتبة العربية فهي:
"الموت في الديانات الشرقية"، دمشق 1986.
"وثائق فلسطين ( 1879 – 1987)" تونس 1989.
"المشرف العام على موسوعة المدن الفلسطينية"، تونس 1990.
"موسوعة الصحافة في بلاد الشام" (مع آخرين) تونس 1991.
"موسوعة الصحافة في بلاد المغترب" ( مع آخرين) تونس 1991.
"العرب النصارى"، دمشق 1992.
"المرأة العربية في الدين والمجتمع"، دمشق 1996.
"دراسات إعلامية" 2006.
"الآخر في الثقافة العربيّة" دار الساقي 2010،
"النهضة والحداثة بين الارتباك والإخفاق" دار الساقي 2011
"المثقف العربي والحاكم" دار الساقي 2012
"صورة العرب لدى الآخر في ضوء العلاقات التاريخيّة" دار الساقي 2014
وشارك مع الأستاذ سعد لبيب في تحرير النظام العربي الجديد للإعلام والاتصال 1985.
كما كتب عشرات الدراسات حول شؤون الإعلام والثقافة في البلدان العربية، للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، واتحاد إذاعات الدول العربية، ومنظمة اليونسكو، والمعهد العربي للدراسات الاستراتيجية.
نعوات واستثمار
تلقت الأوساط السياسية والفكرية والإعلامية العربية عامة والسورية على وجه الخصوص نبأ وفاة المفكر البارز بحزن كبير، وسارعت هيئات ومنظمات ومفكرون إلى نعوة الراحل والتذكير بمآثره. فأصدر الائتلاف الوطني السوري بياناً جاء فيه:
"تلقى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بـ "كثير من الألم نبأ وفاة المفكر السوري المعارض حسين العودات (أبو خلدون) عن عمر يناهز ثمانين سنة، أمضاها مناضلاً بالكلمة والموقف والبحث في قضايا الوطن السوري، والقضية الفلسطينية، وقضية الأديان والمرأة، رافضاً، في كل كتبه ومحاضراته الاستبدادَ والتوحش والإقصاء والاستفراد".
كما أصدرت رابطة الكتاب السوريين بياناً نعت فيه الراحل الكبير الذي كان أحد مؤسسيها في العام 2012، مستذكرة أهم محطات حياته السياسية والفكرية والنضالية، وأكد البيان أن العودات سيبقى "حاضراً دوماً في ذاكرة الثورة السوريّة، بوصفه المثقف النهضوي والتنويري، والسياسي الوطني المعارض والناقد. وسيبقى العودات، أحد أصوات الضمير الثقافي السوري الحي واليقظ والمساهم في صناعة مستقبل الوطن والمجتمع السوريين، بما تركه من إرث ثقافي وفكري شديد الأهميّة والعمق.".
ولم يشأ مناصرو الأسد والطغمة الثقافية الفاسدة أن يتركوا المناسبة تمر من دون استثمار، فكتب صاحب جريدة السفير اللبنانية المناصر لنظام الأسد، طلال سلمان، مقالاً نعى فيه الراحل الكبير مستحضراً من سيرته مواقف أراد له أن يظهر فيها مسانداً لحكم حافظ الأسد، علماً أنها لا تعدو كونها عملاً لرجل تربوي وإعلامي في مؤسسات ترتبط بعمله. وحاول أن يفصله عن مواقفه المعارضة الجلية الواضحة غامزاً من قناة معارضة الخارج بقوله: "لكنك رفضت أن تنضوي في صفوف الجبهات والهيئات التي استضافتها عواصم النفط والغاز لتقاتل بها سوريا بذريعة خصامها مع النظام".
ليأتي الرد على لسان المعارض الراحل في حوار أجري معه بتاريخ 7-10-2011"هذه الانتفاضة، الثورة، سمّها ما شئت، لن تتوقف، وإن تراجعت قليلاً فإنها ستكبر أكثر فأكثر. لا يعني تباطؤها هنا أو هناك أنها ستتوقف. تباطؤها يعود إلى أن الجيش وقوى الأمن احتلت كل سوريا".
نعم أيها الراحل الكبير، ولكنها خسرت الحرب، فلم تستطع أن تحتل إرادتك..