بلدي نيوز- (ملهم العسلي)
بدا قادة الفصائل في حالة انفصال عن الواقع عندما انطلقت الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية بتاريخ 18 شباط من عام 2018، وتقدم قوات النظام برياً دون أن يتمكنوا من التصدي لهم، نتيجة غزارة النيران والقصف.
تعرضت الغوطة الشرقية بمدنها وبلداتها وقراها لحملة منهجية من قبل قوات النظام والطائرات الروسية، فقد امطرت 7بـ آلاف صاروخ طائرات، وآلاف القذيف المدفعية، و4 آلاف صاروخ راجمة، و3 آلاف برميل، و2 آلفي صاروخي أرض- أرض، و300 صاروخ محمل بالقنابل العنقودية، و250 صاروخ نابالم، و200 صاروخ فوسفور، و11 هجمة بغاز الكلور، وهجمة واحدة بغاز السارين، ارتقى خلالها 2300 مدني بينهم 305 من النساء و409 من الأطفال.
وفي الصدد؛ قال النقيب المنشق عن صفوف النظام "أبو الزين الحموي" والعامل في صفوف "فيلق الرحمن" في حديث خاص لبلدي نيوز: "لم يتوقع قادة الفصائل في الغوطة الشرقية يوماً أن النظام سينجح بالسيطرة عليها، وغرتهم كثرتهم وعتادهم، وهو ما زاد في وهمهم والخروج من عالم الحقيقة".
وأوضح أن القادة خلال وجودهم في الأقبية، كانوا في عزلة تامة عن الواقع وعن جبهات القتال، وخطاباتهم وأوامرهم لم تكن ذات فائدة، حتى تساقطت مدن وبلدات منطقة المرج وأصبح النظام على تخوم القطاع الأوسط، وتمكن من فصل قطاع "جيش الإسلام" عن قطاع "فيلق الرحمن" و"قطاع أحرار الشام"، وبدأ يفاوض "جيش الإسلام" على المصالحة في الوقت الذي يُنهش فيه القطاع الأوسط وقطاع حرستا.
في هذه الأثناء؛ انهارت المناطق تباعا حتى حوصر قرابة 100 ألف مدني داخل الأقبية في مدينتي "زملكا" و"عربين"، في الوقت الذي كان قطاع "حرستا" على موعد مع التهجير بعد مئات الغارات وأعنف المعارك التي حولت المدينة لجبل من الركام، ليعلن "فيلق الرحمن" بعدها استسلامه وخضوعه للمفاوضات من أجل الخروج إلى الشمال السوري بتاريخ 23/03/2018.
أنهى النظام قطاعي حرستا والأوسط ليبدأ التصعيد من جديد على مدينة "دوما"، بعد توقف القصف والمعارك عنها لأيام، واعتقد فصيل "جيش الإسلام" المسيطر على قطاع دوما أنه سيتمكن من فرض شروطه على النظام لإبقاء المنطقة تحت سيطرته مقابل تفعيل الدوائر الحكومية في القطاع، وتمكن النظام بمكره وخديعته أن يفرغ قواته في قطاعي الأوسط وحرستا ويلتفت إلى قطاع دوما فور سقوطهما.
سقوط مدينة دوما
"أُكلتُ يوم أُكلَ الثورُ الأبيض". بهذه الكلمات وصف الناشط الإعلامي "عمران الدمشقي" ما حدث في قطاع دوما خلال حديثه لبلدي نيوز، وقال: "النظام وبعد أن انتهى من تهجير حرستا والقطاع الأوسط، هدد "جيش الإسلام" بالإبادة أو اللحاق بركب "فيلق الرحمن"، حينها قرر "جيش الإسلام" إكمال المفاوضات مع الجانب الروسي، والذي اعتبره الطرف الوسيط في الوقت الذي كانت طائراته تمطر المدينة بصواريخ الفوسفور المحرم دولياً".
وأضاف، "وصل الجانبان إلى طريق مسدود، وقبل عودة المفاوضين من "جيش الإسلام" إلى مدينة دوما، جاء الرد سريعاً بقصف المدينة بصواريخ محملة بمادة السارين الخانقة، وخلف أكثر من 250 شهيداً من الأطفال والنساء".
وأشار إلى أن "جيش الإسلام" قرر الرضوخ والقبول بالتهجير، لوقف الإبادة التي تعرض لها المدنيين كما حصل في قطاعي حرستا والأوسط، وكان قطاع مدينة دوما على موعد مع التهجير بتاريخ 08/04/2018، ليطوي تاريخ 7 سنوات من الثورة في هذه المناطق ضد أكبر سفاح عرفه القرن 21".
وكانت الغوطة الشرقية تمثل ورقة سياسية وعسكرية رابحة بيد المعارضة، وأكثر المناطق التي كانت تهدد النظام في العاصمة دمشق، وبعد سيطرة النظام على الغوطة التفت لتهجير باقي المناطق والتي كانت مهادنة مقابل عدم حصارها وتجويعها، لتكون مدينة الضمير وقرى وبلدات القلمون الشرقي على موعد مع التهجير دون أي معركة بعد 20 يوماً على تهجير الغوطة، وتبعها أحياء وبلدات جنوب دمشق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، وبعدها شنت قوات النظام حملة عسكرية شرسة على مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في أحياء الحجر الأسود واليرموك، بلغت خسائر قوات النظام فيها أكثر من 940 قتيلاً بعد 28 يوماً على بدء الحملة، وانتهت المعركة بإبرام اتفاق رعته روسيا لنقل عناصر "داعش" إلى بادية السخنة بريف حمص، وتلول الصفا بريف السويداء.