بلدي نيوز – (مرح الشامي)
أعلنت واشنطن وموسكو عن بنود اتفاق للتهدئة في سوريا، تشمل وقف إطلاق النار بين نظام الأسد والقوى الداعمة له من جهة وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، وذلك ابتداء من يوم 27 فبراير/شباط الجاري، واستثنت بنود الاتفاق "جبهة النصرة" التي يتنشر مقاتلوها في عدد من المدن السورية المحررة، الأمر الذي يرى فيه الكثير من السوريين التفافاً على مطالب المعارضة السورية، وتوفير الغطاء لنظام الأسد وحلفائه الروس لمواصلة القصف على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث يتداخل مقاتلي المعارضة والجماعات التي تصنفها واشنطن على قائمة "الإرهاب".
وتنتقد المعارضة السورية تجاهل الاتفاق للميليشيات "الإيرانية والعراقية واللبنانية والباكستانية والأفغانية"، ووصفها بـ"القوات الداعمة للنظام السوري"، واقتصار بنود الاتفاق على ضرب الفصائل التي تنتشر في مناطق سيطرة الفصائل العسكرية المعارضة.
تثبيت النظام
"طارق السيد" قائد كتيبة الشهيد محمود السيد التابعة لجيش التوحيد في حمص، قال لبلدي نيوز "وقف إطلاق النار ما هو إلّا مؤامرة جديدة على الثورة السورية، وبدليل استثناء جبهة النصرة من بنود الهدنة، ومن المعلوم أن جبهة النصرة متواجدة في أغلب المناطق في سوريا مع الثوار أنفسهم، وما هذه الهدنة إلا إعطاء الوقت لقوات النظام لترتيب صفوفها لشن هجمات أخرى على المدن والبلدات السورية، خصوصا بعد إنهاكها في معارك حلب واللاذقية الأخيرة".
من جهته، يرى "الشيخ عبد الرحمن"، وهو قاضي في الهيئة الشرعية في مدينة تلبيسة بريف حمص، أن هذه الهدنة بوضعها الحالي ما هي إلا لتثبيت شرعية العصابة الحاكمة لسورية، وإعطاء شرعية للميليشيات المتعددة المتنوعة التي تقاتل إلى جانب الاسد كـ حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني.
وتساءل عبد الرحمن، "لماذا لم تصنف الـPYD كمنظمة إرهابية، وهي فيها عناصر من غير السوريين، وأشار إلى أن هذه الهدنة لإجهاض الثورة، بحسب تعبيره.
وتابع "سيقصفون الجيش الحر والثوار بحجة وجود لجبهة النصرة، ناهيك عن أن الاتفاق ترك الباب مفتوحاَ لتصنيف كتائب أخرى من الثوار مثل (أجناد الشام وأحرار الشام) وإخراجهم من الاتفاق، منوها إلى أن الاتفاق يعطي النظام وقتاَ لتعزيز وجوده بالمناطق التي سيطر عليها مؤخراَ في ريف حلب الشمالي وريف اللاذقية ووقف هجمات الثوار عليها.
الجميع "إرهابي" بنظرهم
بدوره، قال القيادي "أبو أحمد الشامي" في ريف دمشق لبلدي نيوز "لا نثق بالنظام، ولكن سوف نلتزم بوقف إطلاق النار، ونعطي فرصة للحل السلمي، لكي نجنب بلدنا المزيد من القتل والدمار"، وأضاف "إدراج اسم جبهة النصرة ما هو إلا ذريعة من أجل قصف أي مكان في سوريا بحجة استهداف النصرة".
وأضاف الشامي، "النظام ومن ورائه الروس ينظرون لجميع الثوار على أنهم "إرهابيين"، وبالمقابل فإن للنظام والروس لن يتوقفوا عن القتل والتدمير، وسيستمرون بكتابة السيناريو الذي بدأوا به".
بدوره، قال الناشط الإعلامي "داني قباني" في دمشق لبلدي نيوز "الموقف بخصوص اتفاق التهدئة لاقى موقفين بين مؤيد له ضمن شروط بحفظ مطالب السوريين وعدم الالتفاف عليها أو تجاهلها وبين معارض له نسبة لأننا تعودنا على مصلحية جميع قرارات المجتمع الدولي بخصوص سوريا وأنهم في هذه الحالة بالضبط يحاولون إخماد ما تبقى من الثورة والالتفاف على مطالب السوريين الذين دفعوا كل ما يملكون لتحقيقها، ولاقوا خذلانا ما بعده خذلان من ذات الذين أصدروا هذا القرار".
وأضاف قباني "بخصوص جبهة النصرة، فهي لم تكن يوماً ضد الثورة رغم بعض التجاوزات والتي لم يكن أحد بمنأى عنها حتى السوريين أنفسهم".
وأكمل قباني، "اللعب على هذا الوتر ما هو إلا محاولة جديدة لتفرقة الداخل السوري، ولا أحد ينكر تلاحم الكثيرين مع جبهة النصرة كونها تدافع عنهم في وجه العصابة الحاكمة في حين أن الجميع ممن تبقى تركوا السوريين يذبحون أمام أعينهم بدون حراك".
ونوه قباني إلى أن الهدنة هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وأضاف "ولكن لو أنهم ينصفون لوضعوا قوات الأسد نفسها على ذات قائمة المنظمات الإرهابية، فهي وميليشيات إيران قتلوا السوريين على الهوية ورفعوا الشعارات المذهبية وحشدوا آلاف الشيعة الأجانب ضد المكون السني، وكلنا رأينا وبأم أعيننا ما فعتله وتفعله هذه القوات على الحواجز من استفزاز وإهانات وعبارات طائفية".
تعزيز جبهات النظام
وفي ظل الحديث عن الهدنة ووقف إطلاق النار في سوريا، قال الناشط الإعلامي في ريف اللاذقية "سليم العمر" لبلدي نيوز: "الاتفاق لا يساوي الحبر الذي كتب فيه، وبالمختصر إن جبهة النصرة تتواجد في كل مكان فيه المعارضة السورية والفصائل الاسلامية المعتدلة، وبالتالي سيكون هناك استهداف لهم بحجة جبهة النصرة وهو المراد لاستهداف جميع الفصائل دون إمكانية الرد على النظام".
بدوره، قال الناشط الإعلامي "عبد الله اللاذقاني" لبلدي نيوز "تأتي هذه الهدنة لإنقاذ قوات النظام، مثلاً في الساحل بعد تقدم قوات الاسد إلى قرى جديدة لم يتمكن من تحصين نفسه كون الثوار يخوضون معارك، وكمائن أرهقت قوات النظام، وهذه الهدنة ستكون بمثابة منح النظام وقتا إضافيا لأجل تدشيم وتحصين أماكن سيطرته، وتجميع قواته للبدء عملية سهل الغاب وإدلب، وطبعا لن يتوقف القصف كون جبهة النصرة هي من السوريين، والفصيل أقرب من "تنظيم الدولة" للشعب السوري، فهو ينتشر بكافة المناطق وبالتالي كافة المناطق سيستمر القصف عليها".
من جانبه، قال "ناصر هزبر" مدير المجلس المحلي في مدينة معرة النعمان بريف إدلب لبلدي نيوز "الفصائل المقاتلة تنظر للهدنة على أنها هدنة بالاسم فقط، وأن هذه الدول سوف تقوم بقصف المناطق المحررة بحجة وجود جبهة النصرة فيها، وبالأخص أن جبهة النصرة متواجدة في جميع المناطق المحررة وهي فصيل له وزنه في هذه المناطق لأنها شاركت بتحريرها، وحتى الآن لم نسمع بأي فصيل يقاتل مع النظام بأنه صنف كمتشدد ولم يحصل حتى الآن بأن قوات "التحالف الدولي" قصفت قوات تقاتل مع النظام وبالأخص الميليشيات العراقية والإيرانية واللبنانية والأفغانية.
وأضاف هزبر "بالتالي حجة الهدنة واهية، وهي فقط لإيقاف عمليات فصائل المعارضة المسلحة عن التقدم وتحرير المناطق التي يسيطر عليها النظام، وأنها كذلك حجة لإضعاف فصائل المعارضة فقط لا غير، والحد من قوتها على الأرض لأن أي فصيل سيقبل بالهدنة سيكون عدو لفصائل أخرى تم وضعها على أنها إرهابية، أما إذا لم تقبل فصائل المعارضة بالهدنة ستصنف بأنها إرهابية وسيتم قصفها مع جبهة النصرة وغيرها من الفصائل التي تم إدراجها على قائمة الإرهاب، وهنا وقعنا بين خيارين أحلاهما أمر من العلقم، والشعب سيبقى هو الضحية".
فيما يرى "أبو عمر"، وهو مقاتل في ريف حلب الشمالي، أن هذا الاتفاق لصالح نظام الأسد"، وأضاف "سيعمل النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيين على استهداف مواقع الثوار في حلب وغيرها من المحافظات، بحجة استهداف مواقع جبهة النصرة، والمراد من ذلك استهداف جميع الفصائل دون إمكانية الرد على قوات الأسد".