The Washington Post – ترجمة بلدي نيوز
وفقاً لتقديراته، يفترض أن يكون باراك أوباما قد حصل أخيراً على جائزة نوبل للسلام، فقد قال الرئيس الأمريكي أمام تجمع صغير من الصحفيين الأسبوع الماضي بأن عدم إرساله لقوات برية إلى منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية، قد أنقذ 100 شخص شهرياً، والعديد من المليارات من الدولارات!
الرياضيات فعلاً غريبة، ولكن طالما أنه قد ذكر أرقاماً، فاسمحوا لي أن أذكر بوضوح بعض قتلى الحرب في سورية_ بحيث تدحض حجة أوباما الضعيفة:
تقريباً، لم يقترح أحد من الإدارة الأمريكية نشر قوات في سورية أو في أي مكان آخر في الشرق الأوسط، ما عدا السيناتور "جون ماكين" و"ليندسي غراهام"، أما ما تبقى من الحكومة فلا أحد في أي وقت مضى قد اقترح نشر أعداد كبيرة من قوات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ما اُقترح على إدارة اوباما مراراً كان شيئاً آخر – وهو إنشاء منطقة حظر جوي فوق المنطقة الشمالية من سوريا لحماية المدنيين من الغارات الجوية للنظام السوري، وربما استهداف مراكز حكومية سورية مرة أو اثنتين، بعد اعتداءات النظام السوري بالكيماوي على الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق.
لو كان ذلك قد تم في وقت مبكر_ لكان رقم الضحايا من السوريين الذي ذكره أوباما غير موجود الآن: وهو أكثر من 300.000 الف، ناهيك عن أزمة لاجئين ضخمة بلغت (4 ملايين نسمة) والتي أيقظت الفاشية الأوروبية مجدداً من سباتها.
لا يوجد سبب واحد يجعل أوباما فخوراً بسياسته التي سمحت للوضع السوري بالتدهور والخروج عن نطاق السيطرة، ولكن عندما يتعلق الأمر بعدم القيام بأي شيء - أو بأقل قدر ممكن – فالرئيس الأمريكي هو الأقدر على فعل ذلك.
السيناتور "تيد كروز" حاكم ولاية تكساس وهو عبقري يتنكر كجاهل، قام باقتراح استخدام سياسة "أمريكا أولاً" والتي بدأت كمنظمة في عام 1940 تهدف لمنع الولايات المتحدة من دخول الحرب العالمية الثانية، ومن ثم تطورت لتصبح سياسة أمريكا الخارجية تجاه العالم.
وطبقاً لهذا الاقتراح المختار بعناية من قبل مرشح ولاية تكساس، فعلى سبيل المثال، في حالة ليبيا_ كان ليترك الديكتاتور معمر القذافي في السلطة ليقتل شعبه، وقد أشار كروز إلى ذلك في مناظرة رئاسية للجمهوريين، حيث قال أن الولايات المتحدة وحلفاءها أطاحوا بمعمر القذافي "لأنهم أرادوا تعزيز الديمقراطية".
وقد اعترف الرئيس أوباما بشرعية انتقاد استراتيجيته بمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية"، قائلاً ان الإدارة بحاجة دائماً لتبادل المعلومات مع العامة، بقوله: "جزء من هدفنا هنا هو التأكد من أن الشعب على علم بجميع الإجراءات التي نتخذها".
ورغم عدم وجود أي شيء خاطئ بمنهج تعزيز الديمقراطية وهذا ما فعلته الولايات المتحدة في ليبيا، فعندما توعد القذافي بمجزرة للثوار الليبيين في بنغازي، حثت الأمم المتحدة العالم على التدخل العسكري، كما فعلت جامعة الدول العربية، أما السناتور كروز فكان ليترك القذافي - المريض نفسياً – ليقتل شعبه حتى يشفي غليل قلبه.
وإلى يسار السناتور كروز، كان السيناتور الجمهوري "بيرني ساندرز" والذي نطق بهراء مماثل لما قاله كروز، حول خطورة "تغير الانظمة السياسية " في الشرق الأوسط، كما هاجم المرشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون لكونها «متحمسة» في مسألة تغيير الأنظمة الشرق أوسطية، بعد تجربتَي ليبيا والعراق، ومحذراً مما سيحدث في اليوم التالي من تغيير النظام.
ولكن لجوء السياسيين الأمريكيين الغير المحسوب للشعارات – "لا تغيير للنظام"، "أمريكا أولاً" - يحجب معضلة أخلاقية كبيرة: ماذا ينبغي على الولايات المتحدة فعله عندما يقوم مجنون بارتكاب مجازر وإبادة جماعية ضد شعبه؟
للأفضل أو للأسوأ، إن الولايات المتحدة هي قوة عظمى، قواتنا الجوية ليست ما كانت عليه من قبل، ولكنها الأقوى في العالم وقادرة على صنع الفارق.
يجب أن يتم نشر هذه القوة أساساً من أجل الدفاع عن أمريكا، ولكن يمكن أن تستخدم أيضاً لأسباب إنسانية، إذا كنا نستطيع وقف ذبح الأبرياء من دون إهدار حياة الأميركيين، فينبغي لنا فعل شيء ولا ننسى أنه (لم يقتل أي أمريكي في حملة القصف الليبية) فهل يستطيع السيناتور كروز وساندرز النظر بوجه السوريين والقول لهم بأن "أمريكا أولاً"، أو"لا تغيير في النظام".
والشيء نفسه ينطبق على أوباما، سياسته الخارجية مشوشة، بحيث يعتمد على استخدام القوة أحياناً عن طريق مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وكأن هناك حرب الفيتنام او العراق.
إن الأرواح التي يدعي أوباما إنقاذها في سورية، لم تكن أبداً بخطر، ولكن الكثير هدرت حياتهم لأنه لم يخاطر إلا بالقليل وفعل ذلك متأخراً، ولذلك فالقتلى في سورية يلومونه ليس فقط على فشله بل لأنه لم يحاول حتى!