بلدي نيوز (عبد القادر محمد)
تعتبر سوريا مهد الحضارات والأديان والعراقة المتأصلة في عاداتها وتقاليدها منذ غابر الزمان، لكن بعد أن مر على قيام الثورة أكثر من سبع سنوات، وما حصل لأهلها من تهجير ونزوح وقتل وتعذيب ودمار، تغيرت الكثير من تلك العادات لكثير من الأسباب؛ من أهمها التباعد الذي حصل بين الناس والوضع المادي والتهجير من المدينة والحي الذي نشأ فيه الإنسان.
الحاجة "فاطمة" وهي من مدينة الرقة قالت لبلدي نيوز: "سيطر تنظيم الدولة على المدينة، وفرض علينا كثير من الأمور بحجة الدين، فمثلا منعنا من الجلوس أمام المنزل وغطاء الوجه والجسم بشكل كامل، وانا امرأة عجوز لم اعتد على هذه الأمور، كنا سابقا نسهر ونتسامر في أماكن مكشوفه مثل الأسطحة، الرجال والنساء طبعا كلنا من نفس العائلة لكن تم منعنا من كل هذه الأمور ونحن شعب نحب الزيارات والاجتماعات".
وعن العيد، قال الأستاذ "سعيد" من مدينة حلب لبلدي نيوز وهو مهجر في أحد المخيمات: "العيد وطقوسه ورمضان في حلب كانت تشعرك بأنك تعيش في بلد له عمقه وجذوره في التاريخ، من المسحراتي الذي لازالت طبلته ترن في أذني، إلى صوت المدفع عند آذان المغرب واكتظاظ الأسواق، وأصوات الباعة بائعين السوس والتمر الهندي وأهازيجهم الخاصة والعيد وفرح الأطفال والزيارات كلها انتهت من حياتنا من أجل بقاء آل الأسد في السلطة".
ويضيف "سعيد": "من أجمل العادات التي كانت في رمضان هي تبادل الطعام والشراب بين الجيران، أما الآن تغيرت هذه العادات بل انتهت، بسبب احتلال النظام وميليشياته الطائفية لمدينة حلب، ونحن سكنا في المخيمات التي لا تصلح أصلا للاستخدام البشري؛ فالمخيم هو موت بطيئ للطفل والعلم والإنسانية بكل صفاتها".
وعن عادات وتقاليد الاعراس، قال الأستاذ "حسن شعبان" لبلدي نيوز إن اغلب الناس أصبحت تتزوج عن طريق الهاتف والوتس أب، بسبب بعد المسافات والتقسيم الطائفي الذي صنعه النظام في سوريا، بحيث لا تقدر على الذهاب الى أي منطقة تخضع لسيطرة النظام أو قسد أو تنظيم الدولة، إلا أن تكون مؤيد لهم وليست مطلوبا، فترى الأهل يرسلون البنت لوحدها لعند خطيبها بقصد الزواج، وبالمقابل يتم الزواج بدون أي احتفالات أو وليمة بسبب الظروف المادية".
وقال "محمد أمير" وهو من الريف الشمالي يعمل في مهنة الحلاقة إن أكثر شيئ أثر على تغير العادات والتقاليد في مجتمعاتنا هي الهجرة بقصد الاستقرار، مثال الريف الشمالي تم تهجير كثير من سكان عدة مناطق إليه من حي الوعر ومدينة حلب والمناطق الشرقية، وكثير منهم اشترى قطعة أرض وبنى منزلا واستقر فيه، وهذا له عاداته وتقاليده أحيانا لا تتوافق مع أهل البلد الموجود فيه، فيحصل هناك مشاكل اجتماعية تأثر سلبا على عادات وتقاليد المجتمعات السورية كافة.
يذكر أن نظام الأسد عمل على محو الهوية السورية وطمث العادات والتقاليد المتأصلة في قلوب الشعب السوري، من خلال إذلاله وقتله واعتقاله وتهجيره وتحويله من شعب كريم ومضياف إلى شعب متسول ونازح في المخيمات وبلاد اللجوء.