بلدي نيوز – (منى علي)
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحات نشرت أمس الأربعاء، إنه لا يرى أي بديل شرعي لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وإن فرنسا لم تعد تعتبر رحيله شرطاً مسبقاً لحل الصراع المستمر منذ ستة أعوام.
وقال ماكرون في مقابلة مع ثماني صحف أوروبية: "منظوري الجديد في شأن هذه المسألة هو أنني لم أقل إن رحيل بشار الأسد شرط مسبق لكل شيء لأني لم أر بديلاً شرعياً".
وأضاف أن الأسد عدو للشعب السوري، لكن ليس عدواً لفرنسا، وأن أولوية باريس هي التزام محاربة الجماعات الإرهابية وضمان ألا تصبح سورية دولة فاشلة.
تصريحات الرئيس الفرنسي الجديد تتناقض تماماً مع سياسة سلفه في الإلزيه "فرانسوا أولاند" الذي كان من أشد المعارضين لبقاء الأسد ونظامه في السلطة، معتبرا أنه مجرم حرب ويجب محاكمته، حيث لعبت دبلوماسية أولاند بقيادة وزير الخارجية "آيرولت" أدواراً مهمة في الضغط السياسي على نظام الأسد وحلفائه وخصوصاً روسيا.
إلا أن ماكرون، الذي أدلى بتصريح صاعق، ينسجم تماماً مع الرؤية الروسية التي لا ترى بديلاً عن نظام الأسد وشخصه لحكم سوريا التي دمرها وقتل وشرد أكثر من نصف شعبها.
سياسيون وصحفيون سوريون وعرب أعربوا عن ذهولهم من تصريحات ماكرون الذي يقود دولة الحريات وحقوق الإنسان، كما توصف، فتساءل الباحث السوري د.ياسر تيسير العيتي: "أن يتحول رئيس إلى عدو لشعبه لا ينزع عنه الشرعية. أي نظرية دونية للسوريين يحملها هذا التصريح. يبدو أن ذنبنا في طلب الحرية أعظم من أن يُغفر!".
أما الكاتب العربي المعروف "إياد أبو شقرا" فتساءل: "يا فخامة الرئيس هل الأصيل شرعي كي يكون له بديل شرعي؟ ثم هل أتاح المجتمع الدولي لأبناء سوريا فرصة اختيار أي بديل؟ وهل حميتم الشعب ليختار؟".
وذهب سياسيون إلى أن خطورة تصريحات ماكرون تكمن في إمكانية تبني حكومات أوربية أخرى وجهة النظر الفرنسية، بعدما ضاقوا ذرعا بالقضية السورية وتقلباتها، وانعكاساتها السلبية على أوروبا لجهة إرهاقها باللاجئين، وبالتالي إعادة شرعنة نظام بشار الأسد وشخصه، وإن كانت الوقائع على الأرض السورية تشي بأن ذلك أبعد من المستحيل. فهو (بشار الأسد) لم يعد أكثر من ناطق باسم قوتين محتلتين رسميا (روسيا وإيران). كما أن الملفات المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية وعلى رأسها الجرائم الكيماوية وملف السجون لا يمكن التغاضي عنها مهما بلغ العالم من الفجاجة واللامبالاة.
الصحفي السوري "حسين الزعبي" قال لبلدي نيوز إن تصريح الرئيس ماكرون "بمثابة مفاجأة" لأنه أولا يخالف النهج المعلن الذي اعتمدته فرنسا تجاه معطيات الثورة السورية، وسبق أن أكد الرئيس السابق فرانسوا هولاند عدم شرعية الأسد، وأيضا كان للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي مواقف لا تختلف كثيرا عن مواقف هولاند، بالتالي هذا يمثل حالة تحول في السياسة الفرنسية.
وأضاف الزعبي "هناك من يرى أن ماكرون يريد أن يقي بلاده شرور داعش لأنه يعلم أن نظام الأسد ومعه إيران هما من يقف وراء داعش، وإن كانت هذه الرواية تبدو ضعيفة، إلا أن كلام ماكرون مردود عليه من الناحية الإنسانية قبل أن يكون من الناحية السياسية، فأي شرعية تلك لرئيس هو (عدو شعبه) كما أقر ماكرون، كيف يكون رئيسا وهو يعادي شعبه ويقتله؟".
أما عن مسألة البديل الشرعي، فأوضح الصحفي الزعبي "إذا كان قدوم بشار وممارساته غير شرعية فالأولى وصفه بهذه الصفة، ثم أليس البديل الشرعي يأتي في سياق حالة ديمقراطية وانتخابات، كيف لنا الحصول على رئيس شرعي وبشار )الشرعي) من وجهة نظر ماكرون هجر 12 مليون سوري وقتل نحو مليون وهناك مئات الآلاف من المعتقلين؟".
تساؤلات الزعبي نفسها أكد عليها رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات "نصر الحريري" الذي رد على التصريح الفرنسي بالقول إن بشار الأسد ونظامه ارتكبوا جرائم حرب راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين، مشدداً على أنه "إذا كان هناك من يملك الشجاعة لإيجاد الحل في سورية فعليه أن يخرج ويقول لم نستطع القيام بشيء بدلاً من اختلاق الذرائع"، وذلك في إشارة إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة حول أنه "لم يجد بديلاً شرعياً في سورية".