بلدي نيوز – (محمد وليد جبس)
يعاني العديد من الأطفال من أمراض ومشاكل نفسية عديدة، نتيجة التأثير العنيف للحرب من أصوات الطائرات وقصف الطيران والمدافع ومناظر القتل والدماء والاغتصاب التي يعيشها أطفال سوريا، فيصاب معظمهم بأمراض واضطرابات نفسية وعصبية.
وغالبا ما يصاحب الصدمة خوف مزمن من الأحداث والأشخاص والأشياء التي ترافق وجود الحرب في حياتهم اليومية كصافرات الإنذار وأصوات القصف وهدير الطائرات، يقابلها الأطفال بالبكاء أو التشنج، أما إن كانت الصدمة ناجمة عن مشاهدة الطفل لمناظر الدماء والأشلاء وجثث القتلى فإنها من الممكن أن تؤثر على قدراته العقلية، وتتسبب الصدمة في معاناته من مشاكل عصبية ونفسية. فآثار الحروب على الأطفال ليس ما يظهر وقت الحرب فقط، بل ما يظهر لاحقا في جيل كامل ممن نجوا من الحرب وقد حملوا معهم مشكلات نفسية لا حصر لها تتوقف خطورتها على قدرة الأهل على مساعدة أطفالهم.
الدكتور المختص بالأمراض النفسية "خالد علي آغا"، قال لبلدي نيوز عن الظاهرة: "تجاوز مشاهد الحرب من معاناة ممتدة عند الأطفال بسبب ما يعيشوه من أصوات القصف ومناظر الدماء والجثث التي يخلفها صواريخ الطيران، ففي ريف إدلب الشمالي هنا أكثر من 30 طفل بحاجة لعلاج نفسي وعصبي كان أغلب أسباب هذه الاضطرابات النفسية ما شاهده وسمعه أغلبهم من أصوات القصف ومناظر الأشلاء والدماء".
وأضاف الدكتور خالد: "أطفال سوريا في مراحل متقدمة من أعمارهم ربما لم يشفوا من الاضطرابات النفسية التي تسببها لهم الصور المختزنة في أذهانهم عن مشاهد الموت والدمار الناتجة عن قصف طائرات قوات النظام وسلاح الجو الروسي التي يراها الطفل بين سن الثالثة والسابعة تشكل شخصيته وتؤثر في سلوكه".
بدوره "عمر حاج إسماعيل" عضو إحدى الجمعيات التربوية الحرة ومرشد نفسي في إحدى مدارس ريف إدلب قال لبلدي نيوز: "إن الجيل الذي يعيش تلك الأجواء سيكون أكثر قوة وقدرة على التحمل شرط أن يكون وراء الأطفال أسر واعية تشرح لهم ما وراء مشاهد الحرب التي يعايشونها ويشاهدونها، لذلك من المهم ألا يرى الطفل المشاهد التي تحصل في يومنا هذا من مشاهد قصف".
والدة الطفلة "هبة حاج حسن" التي تعاني مشاكل نفسية، قالت لبلدي نيوز: "هبة بالتاسعة من عمرها، تعلم أن طائرات قوات النظام قصفت الحي القاطنة فيه وقتلت شقيقها ووالدها".
وأضافت والدتها: "لم أجد مفرا من إخبارها بالحقيقة، أطفالنا يكبرون قبل أوانهم، ماذا نفعل إذا كانوا يرون بأم أعينهم مشاهد القتل والدمار التي تحدثها طائرات النظام في كل قرى ومدن ريف إدلب.. المعايشة أصعب من الحديث، قد يسهل الحديث عن الآثار التي تصيب الأطفال من الحروب سواء عايشوا أو شاهدوها، لكن تجارب الآباء والأمهات مع هؤلاء الأطفال هي التحدي الذي يواجه كل أسرة".
وتابعت أم هبة: "ربما يكون من السهل أن نقول للآباء والأمهات لا تدعوا أطفالكم يرون مشاهد القتل والدمار في نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن ماذا نقول لمن يعيشون التجربة حية، ماذا تقول الأم لأطفالها عندما يهتز بيتهم من شدة القصف، وينهار المنزل المجاور ويموت أصدقاء وزملاء أطفالها؟.. يبدو أن واقعنا المعاش أكثر تعقيدا من كل نظريات التحليل والتنظير".
كذلك تحدثت "صبحية عبد العال" من ريف إدلب عنه تجربتها، فقالت لبلدي نيوز: "أنا أم لثلاثة أطفال عشت تجربة من هذا النوع، فعندما كانت تنقض الطائرات ويشتد صوت القصف ويسمعون أصوات الانفجارات كنت أخبرهم أنها أصوات المفرقعات التي تسمعونها في الأعياد، ولكن كذبتي لم تدم طويلا، لأنهم أصبحوا يرون هذه الغارات ويسمعونا في وقت واحد رغم صغر أعمارهم".
وأضافت "صبحية": "لم تنجح أساليب حبس أطفالي في البيت لحمايتهم من قصف طائرات النظام، إذ طال منزلي صاروخ من إحدى الطائرات الروسية وتوفي على إثره زوجي واثنان من أطفالي، وهكذا تسلل الموت إلى بيتي.. فأين أذهب بصغاري".
ويتساءل الأهل هل يستمر القصف في قتل أطفالهم والتسبب بضياع مستقبل من يبقى منهم على قيد الحياة؟.. فهناك الكثير من الأطفال ممن نجوا من القصف وأخرجوا من تحت الركام، ولكن أصبح أغلبهم يعانون من انتكاسات عصبية وأمراض نفسية.