واشنطن بوست – (ترجمة بلدي نيوز)
لا يزال المدنيون الأبرياء يذبحون داخل المدينة السورية المحاصرة حلب، وهي الكارثة الإنسانية الأعظم في الوقت الحاضر، ويمكن أن يعزى ذلك إلى حد كبير إلى حقيقة أن العالم الإسلامي هو أول من خذل الشعب السوري.
فعلى الرغم من أن العديد من الدول والمنظمات و(خصوصاً الولايات المتحدة والأمم المتحدة) قد تقاعسوا عن العمل لحل الأزمة السورية، كما قامت روسيا بإشعالها أكثر من خلال العدوان المباشر، والتي تتحمل معظم اللوم لما جرى في سورية، إلا أن علينا أن نعترف بأن هناك 1.7 مليار مسلم قد خذلوا الشعب السوري بعدة طرق.
فقد قام محققو جرائم الحرب المستقلة والتي تعمل مع لجنة العدالة الدولية والمساءلة بتهريب "أكثر من 600،000 وثيقة رسمية دفعة واحدة خارج سوريا لتكشف التعذيب الممنهج وقتل عشرات الآلاف من المشتبه بانتمائهم إلى المعارضة، وفق ما أوردته صحيفة نيويوركر.
ووفقاً لهذه الجماعات، "كانت هذه الوثائق الرسمية بأوامر مباشرة منبثقة عن اللجنة الأمنية على مستوى بشار الأسد والتي وافق عليها الرئيس بنفسه".
كما انتهكت الحكومة السورية وداعمها الروسي القانون الدولي لعدة أشهر من خلال إسقاط القنابل الحارقة على المناطق المأهولة بالسكان المدنيين، وذكر تقرير أغسطس 2016 لهيومن رايتس ووتش: "يجب على الحكومة السورية وروسيا الكف فوراً عن مهاجمة المناطق المدنية مع الأسلحة الحارقة"، وقال ستيف غوس، مدير الأسلحة في هيومن رايتس ووتش، في التقرير: "هذه الأسلحة تلحق إصابات مروعة وآلام مبرحة، لذلك يجب على جميع الدول أن تدين استخدامها في المناطق المدنية".
وحتى الآن، على الرغم من الدمار الكبير في حياة العديد من المسلمين، فإن دولتين يفترض بأنهما إسلاميتان -إيران والمملكة العربية السعودية - يتصرفون مثل الأطفال، ويستخدمون سورية كمسرح لحربهم بالوكالة بين السنة والشيعة من أجل السلطة الإقليمية.
فكل من إيران والمملكة العربية السعودية تمول القوات المقاتلة لكل منها، ويبقى السكان المدنيين السوريين هم الضحايا من تبادل لإطلاق نار لا نهاية له، وبطبيعة الحال فإن تأطير الصراع بين البلدين على أنه حرب بين السنة والشيعة لهو تسمية خاطئة: فالمعركة تتمحور حول السلطة السياسية وليس الدين، وكلا البلدين يجب أن يخجل من نفسه لاستخدام سوريا وأطفالها كبيادق في لعبة الشطرنج الجيوسياسية الخاصة بهم.
وفي الوقت نفسه، فإن المنظمات الإسلامية الدولية مثل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي قد فشلت تماماً في تعبئة 57 دولة مسلمة للتصدي على نحو كاف للأزمة الإنسانية في سوريا، كما قصرت الدول العربية النفطية الخليجية الغنية بشكل كبير في قبول اللاجئين السوريين، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى طرح موضوع الحماية القانونية للاجئين بموجب القانون الدولي. ووفقاً لمفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، هناك أكثر من 2.764000 من اللاجئين السوريين يعيشون في مدن الخيام في البلاد المجاورة لتركيا، مما يجعلهم أكبر عدد من اللاجئين منذ بدأ المواطنون الأفغان يفرون من البلاد التي تعاني من الصراع في السبعينيات.
يقول معاذ مصطفى المدير التنفيذي لفرقة الطوارئ السورية في مقابلة أجريت معه مؤخراً: "أنا مسلم وأشعر بالصدمة لتخلي العالم الإسلامي التام عن مساعدة إخوانهم وأخواتهم في سوريا في محنتهم"، وأضاف: "نحن نرى احتجاجات حاشدة في العالم الإسلامي حين يتم الهجوم على النبي محمد من خلال رسوم الكرتون ولكننا رأينا صمتاً تاماً أمام مجازر الإبادة الجماعية ضد النساء والأطفال المسلمين في سوريا".
وأضاف مصطفى أنه لا يوجد بلد مسلم واحد قد تدخل بشكل فعال لمساعدة الشعب السوري، ماعدا جهد غير ناجح لوقف إطلاق النار من قبل الحكومة التركية.
وأخيراً، فشل حتى المجتمع المسلم الأمريكي والبالغ عدده 7 ملايين فشلاً ذريعاً في التعبئة الكافية لمساعدة السوريين، ولم ينجح في الضغط على البيت الأبيض والكونغرس بأي بطريقة مجدية، ولا حتى بالضغط على المشرعين لتنفيذ مناطق حظر الطيران أو إنشاء ممرات إنسانية من شأنها أن تسمح للسكان المدنيين من الفرار من الدمار الواسع النطاق.
وعلى الرغم من أن مجتمعنا المسلم الأمريكي قد جمع ملايين الدولارات لجهود الإغاثة سوريا من خلال المآدب وجمع التبرعات، كنا غير قادرين على الاستفادة من رأس المال السياسي لدينا لمطالبة البيت الأبيض والكونغرس باتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية.
وكانت واحدة من عدد قليل من المنظمات والتي أعطت بصيص من الأمل هي الجمعية الطبية الأمريكية السورية، التي وفرت الخدمات الطبية الأساسية لأكثر من 2.3 مليون شخص داخل سوريا و320،000 لاجئ سوري العام الماضي.
إن هناك آية معروفة جداً في القرآن الكريم تنص على أن: "من ينقذ حياة شخص واحد، فإنه كما لو أنه أنقذ البشرية جمعاء" وعلى الرغم من أن هناك مسؤولية تضامنية تجاه مجتمعنا العالمي الإسلامي بأسره ، إلا أن الاستجابة كانت ضعيفة بشكل مأساوي تجاه المذابح المستمرة ضد الشعب السوري، أدعو الله أن يغفر لنا، فنحن نعيش حياة كريمة بينما ملايين السوريين يحاولون جاهدين كل يوم البقاء على قيد الحياة .
الكاتب: أرسلان افتخار، محامي في القانون الدولي ومؤلف كتاب "كيف تساعد الإسلاموفوبيا أعدائنا وتهدد الحريات لدينا"