بلدي نيوز – (منى علي)
دعا وزير الخارجية الكندي ستيفان ديون، في بيان صادر عنه اليوم الجمعة، إلى ضرورة التحرك لمنع أعمال العنف والجرائم التي يرتكبها نظام الأسد وحلفاؤه في سوريا.
وقال ديون"رسالتنا واضحة إلى نظام الأسد وداعميه، وهي أنه لا يمكننا السماح باستمرار هذه الأزمة المروعة".
وأشار إلى أن 72 دولة برئاسة بلاده أعربت عن قلقها المشترك والعميق إزاء عدم قدرة مجلس الأمن الدولي على تلبية الإحتياجات الإنسانية للسوريين ووقف الهجمات ضد المدنيين، ودعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد اجتماع طارئ بخصوص سوريا.
ومع تراجع الأدوار التقليدية للأقوياء في العالم، والإحجام عن تدخلهم بشكل حاسم في إنهاء الأزمات والصراعات الدولية، ومع الشلل التام الذي أصاب الهيئة الأممية الأعلى المنوط بها "حفظ الأمن والسلم الدوليين"، مجلس الأمن الدولي، تنامت أدوار قوى إقليمية ودولية كانت هامشية، أو كانت تتجنب الزج بطاقتها في حل المعضلات الدولية.
وتشكل الأزمة السورية القضية الأكثر تعقيداً في العالم، إذ وصلت طريقاً مسدوداً مع الاستخدام المتكرر لحق النقض "الفيتو" من طرف الروس والصينيين في كل المناسبات التي دعت إلى إدانة نظام الأسد أو وضع حد للمأساة التي يعيشها المدنيون السوريون.
ما جعل دولاً فاعلة في الملف السوري تهدد باللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتحسم الأمر بعيداً عن ظلم "الفيتو" الذي أصبح نصيراً للدكتاتوريات ووسيلة لاستمراء قتل الشعوب بلا رادع، وقد هددت دولة قطر باللجوء إلى الجمعية العامة إلا أنها لم تفعل لاحقاً، كما هددت بذلك يوم أمس المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، سامنثا باور، رداً على احتمال استخدام روسيا حق النقض تجاه مشروع إسباني نيوزلندي مصري سيطرح قريبا على مجلس الأمن يتضمن إقرار هدنة مدتها 10 أيام في حلب.
المفاجأة الكندية
إلا أن كندا فاجأت الجميع، ولم تنتظر ما سيكون، فتقدمت يوم أمس الخميس بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، حيث طلبت كندا عقد دورة استثنائية للجمعية العامة بشأن سوريا، بعد الهجمة العنيفة على مدينة حلب من قبل قوات النظام وروسيا.
وأعلن ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن بان كي مون ينظر حاليا في الطلب المقدم من كندا لعقد دورة استثنائية للجمعة العامة بشأن الأزمة السورية.
وقال دوجاريك إن "الأمين العام يشعر أن للجمعية العامة دورا مهما في كسر هذا الجمود العسكري الذي نراه في سوريا".
وكانت كندا قد وزعت على أعضاء الجمعية العامة بالأمم المتحدة مساء الخميس، مشروع قرار يطالب بـ"وضع نهاية فورية وكاملة لجميع الهجمات العشوائية وغير المتناسبة على المدنيين في سوريا".
وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة، "من المتوقع أن يتم التصويت على مشروع القرار في الجمعية العامة يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري".
الناشطة في مجال حقوق الإنسان، عفراء جلبي، بدت متفائلة حيال التدخل الكندي، ورأت أن "كندا تاريخيا لها مواقف مميزة واتخذت عدم انحياز وقت الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا وكان والد ترودو الحالي (رئيس الوزراء) من القيادات التي كرست هذا وكرّست دور كندا كصانعة سلام"، مذكرة بدور كندا في "خلق بند حماية المدنيين".
وقالت الناشطة السورية المقيمة في كندا لبلدي نيوز إنه "مع هذه المعطيات ومجيء الليبراليين مرة أخرى إلى الحكم، ومع إرث ترودو الأب، ومع مجيء ترمب إلى الحكم، سيكون طبيعيا أن تحاول كندا العودة لسياستها المستقلة وأن تكون فاعلة أكثر على المسرح الدولي".
دعم مؤسساتي وتاريخي
الطلب الكندي جاء معززاً بدفع قوي من 224 منظمة دولية ومدنية، توجهت قبل ساعات من الطلب الكندي برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالطلب ذاته لحل المعضلة السورية وإنقاذ الأبرياء بحلب من المذبحة.
فهل تنجح كندا عبر الجمعية العامة وخطة "أتشيسون" بتحقيق ما عجز العالم عنه؟ وهي التي كانت الدولة الأنجح حتى الآن في إدارة ملف اللاجئين السوريين.
التاريخ يقول إن ذلك ممكن، فالخطة التي وضعها السياسي الأمريكي "أتشيسون" عام 1950، هي مختصة بحل مثل هذه المعضلات، عندما يقدم عضو دائم العضوية في مجلس الأمن على استخدام "الفيتو" بشكل متكرر إزاء قضية ما، وبالتالي يكون قرار الجمعية العامة الذي تشارك في اتخاذه كل الدول الأعضاء (كل دول العالم) ملزما.
وقد سبق واستخدمت خطة "اتشيسون" 3 مرات تاريخياً، هي العدوان الثلاثي على مصر 1956، وضد تدخل حلف "وارسو" العسكري السوفييتي في هنغاريا 1958، وخلال طلب الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية بالاعتماد على القانون، بخصوص جدار الفصل العنصري في فلسطين المحتلة عام 2003.