سي إن إن – (ترجمة بلدي نيوز)
في السنوات التي كنت أكتب فيها وأتحدث عن السياسات والسياسة العامة، تعلمت درساً واقعياً جداً، أنه من المستحيل تقريباً جعل الناس يهتمون حتى بأكثر المشاكل قلقاً ورعباً إذا ما كانت تحدث في الجانب الآخر من العالم.
ومن المفهوم طبعاً بأن لدينا مشاكلنا الخاصة كأمّة وكأفراد، ما إذا كنا نستطيع دفع الفواتير، رعاية الوالدين المسنّين، مساعدة صديق للابتعاد عن الممنوعات، الصمود أمام الطلاق، أو التأقلم مع السرطان، إن القائمة تطول وتطول من الهموم المباشرة واليومية التي غالباً ما نواجهها، تاركة مساحة لا تذكر في رؤوسنا وقلوبنا لمحنة شعب في عالم بعيد بعض الشيء.
لقد كنا قادرين على تجزئة محنة الشعب السوري لسنوات، وعلى وجه الخصوص في عام الانتخابات، حيث كان تركيز كل مرشح ينصب على جعل حياة الأمريكيين أفضل، وأصبح الأمر أكثر سهولة عندما قام ترامب بصبّ جل اهتمامه بشأن سوريا خلال هذه الانتخابات الرئاسية للإشارة إلى درجة العداء التي يجب علينا تركيزها ضد اللاجئين الذين قد يكونون إرهابيين.
ولكن الانتخابات قد حسمت الآن، وحان الوقت للاعتراف بما قمنا بتجاهله كأمة لفترة طويلة جداً، فالآثار المترتبة على السماح لسوريا بالدخول في دوامة من الجمود هي هائلة جداً، في حين أننا وعلى الصعيد السياسي، نسمح لروسيا وإيران بدعم الجزار الدموي، في الوقت الذي يقع فيه حلفاؤنا في المنطقة تحت ضغط اقتصادي هائل ناجم عن تدفق اللاجئين، ويستغل فيه تنظيم "الدولة" والجماعات الإرهابية الأخرى فراغ الفوضى ذلك ليصبّ في صالحها، إننا لسنا بمنأى عن هذه المشاكل.
إن دونالد ترامب يرث الآن ما فشل الرئيس باراك أوباما بحلّه لسنوات طويلة، نعم إن الأمر معقّد حقاً، ولكن هذا ليس عذراً مطلقاً لعدم المحاولة.
في الواقع، هنالك 8.5 مليون سبب يدفعنا للمحاولة، وهذا هو عدد الأطفال السوريين الذين هم في أمس الحاجة لمساعدتنا العاجلة، أكثر من نصف مليون سوري قد قتل، أكثر من 50،000 منهم من الأطفال، لقد بتنا متأخرين جداً، في حين أن النظام السوري المدعوم بالعضلات الروسية، يقصف دور الحضانة والمستشفيات والمدارس والأهداف المدنية الأخرى لسنوات، وفي بعض الحالات باستخدام الأسلحة الكيميائية المروّعة والقنابل العنقودية لخلق أكبر قدر ممكن من التأثير.
إن صور الأطفال السوريين، وأبرزهم صورة الطفل الذي توفي غرقاً قبل أن يحمله الموج إلى الشواطئ التركية في محاولته للهرب من ذلك الجحيم المستمر في بلاده، والصبي الآخر عمران وهو يجلس صامتاً مصدوماً في الجزء الخلفي من سيارة الإسعاف، هي تذكير مفجع للإبادة الجماعية المستمرة التي تحدث أمامنا وعلى مرأى من أعيننا في كل يوم.
ومع أخذ هذا الواقع في الاعتبار، يجب علينا أن نقنع إدارة ترامب والكونغرس بمناقشة الحلول السياسية والدبلوماسية، وبالطبع الحلول العسكرية أيضاً في محاولة لوقف هذه الأعمال الوحشية الإجرامية، ولكن أولاً وقبل أي من ذلك، يجب علينا أن نظهر للسوريين بأننا أمة تهتم بهم حقاً.
لقد جعل ترامب من الواضح خلال سير الانتخابات بأنه لن يقبل بأي لاجئ سوري، في حين أن هذا ليس الموقف الذي أتمنى بأن يتّخذه، ولكن وفي نهاية المطاف، فإن الحل الإنساني والعملي الذي يستطيع ترامب القيام به لتأييد وجهة نظره هو بتأمين منطقة آمنة داخل سوريا حتى يمكن للبلدان الأخرى، تخفيف أزمة اللاجئين في المقام الأول، في الواقع فإن أحد أكثر الأمور وضوحاً والذي يمكننا القيام به بل والأكثر أهمية، هو منح السوريين وسيلة آمنة للعودة إلى ديارهم، ووطناً آمناً دون أي قتل أو ديكتاتورية أو إرهاب، ذلك الأمر الذي يمكن أن يوافق عليه ترامب والكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
وتحقيقاً لهذه الغاية، فقد شاركت في حملة توعية تدعى #HelpMeGoHom، لغرض وحيد ألا وهو الضغط على القادة السياسيين من أجل الدعوة لفرض مناطق آمنة كلياً، إذ أن علينا البدء بالحل من نقطة ما، وأرى بأن هذه النقطة ستكون خطوة جيدة.