بلدي نيوز- (علي حاج أحمد)
"الشجرة الذهبية" هو الاسم الذي أطلقه السوريون على شجرة الفستق الحلبي، لما تقدمه من الخير الوفير والرزق الكبير للمزارعين.
فقد صنّفت سوريا عام 2010 كرابع دولة في العالم في إنتاج الفستق الحلبي، بعد إيران والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، ووصلت مساحة الأراضي المزروعة بالفستق قبل الثورة السورية إلى نحو 60 ألف هكتار، تحوي أكثر من عشرة ملايين شجرة.
تشتهر محافظتا إدلب وحماة عموماً بزراعتها لاسيما ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي، الذي يعتبر الآن أحد أهم المناطق العسكرية، بسبب المعارك الأخيرة بين قوات الأسد والثوار، ولقد بلغ عدد أشجار الفستق في آخر إحصائية نهاية عام 2010 أكثر من 200 ألف شجرة، في مزارع مدن وبلدات (كفرزيتا - اللطامنة - صوران - مورك) التابعة لريف حماة الشمالي، كما أنها تنتج أكثر من 80 ألف طن من الفستق سنويا، وتعد بلدة "مورك" التي تتبع إلى ناحية صوران بريف حماة الشمالي، أكبر منتج للفستق الحلبي في سوريا.
تستعر الآن على أرض الريف الشمالي لحماة معارك شرسة بين الثوار وقوات الأسد، ونتيجة لاستمرا هذه المعارك فقد اضطر أهالي هذه البلدات للنزوح منها، منذ أكثر من شهرين حيث حقق الثوار تقدماً كبيراً وحرروا العديد من المدن والبلدات من أيدي قوات الأسد، فما كان من الأخير إلا الانتقام من المدنيين، بقصف هذه المدن والبلدات وتهجير 90 % من سكانها، مع اقتراب جني محصول الفستق الحلبي، الذي يشكل الدخل الرئيسي للأهالي.
(أبو ياسر) من بلدة صوران بريف حماة الشمالي والتي تدور فيها معارك شرسة بين الثوار وقوات النظام، يقول لبلدي نيوز: "لدي أرض مساحتها 80 دونماً، مزروعة بأشجار الفستق الحلبي، وهي مصدر رزقي الوحيد، ومع اقتراب جني الموسم أصبحت قوات الأسد تستهدف بساتين الفستق بقذائف المدفعية، لتمنع الأهالي من جني المحصول، وتحتل تلك البساتين، وذلك بعد إعلان الثوار عن معركة تحرير ريف حماة الشمالي من أيدي قوات الأسد".
ويضيف (أبو ياسر): "لقد حفرت قوات الأسد الخنادق وأقامت السواتر في بستاني، والبساتين المجاورة، وبدأت تتحصن وتكسر الأشجار واقتلاعها وسرقة الثمار، وكل من يقترب من بستانه تطلق النار عليه، لم نحرم من جني المحصول هذا العام فقط بل حرمنا من تلك الأشجار التي يزيد عمرها عن 30 عاماً، حيث أصبحت تتمركز بينها الدبابات والراجمات والمدافع وأصبحت مزارعنا ثكنات عسكرية لقوات الأسد".
المزارع "عمار الحسين" من بلدة طيبة الإمام بريف حماة الشمالي المحررة، قال لبلدي نيوز: " لم يكتف نظام الأسد وحلفائه باستهداف منازلنا وتدمير البلدة بالطيران والمدفعية وتهجير سكانها، بل عمد الى شن غارات جوية تستهدف بساتين الفستق الحلبي، وقصفها بالراجمات والمدفعية علما أن الثوار لا يتحصنون ضمن تلك البساتين، لدي بستان يبعد عن البلدة 10 كم شمالا وليس هناك أي وجود للثوار فيه، ولقد استهدف بعشرات الصواريخ من راجمات الأسد، ولقد أحرقت هذه القذائف عشرات أشجار الفستق المثمرة، ومحصول تلك الأشجار يقدر بحوالي 500 كغ ولقد وصل سعر الكيلو غرام الواحد من الفستق الحلبي إلى 3000 ليرة سورية، وكانت خسارتي حوالي المليون ونصف ليرة نتيجة إحراق وتضرر الأشجار بقذائف قوات الأسد".
بسبب حرب النظام تراجع انتاج الفستق الحلبي في سوريا، وأصبحت تلك الأشجار والبساتين مهددة بخطر كبير، وحال أبو ياسر وعمار ليس أفضل حالاً من مالكي بساتين الفستق الحلبي في ريفي حماة الشمالي، وريف إدلب الجنوبي، الذين لم يتمكنوا من جني محصولهم، وكانت بساتينهم ميدانا للمعارك وهدفا لقوات النظام باستهدافها بشتى أنواع الأسلحة، وكانت الخسائر كبيرة جداً.
كما أن هناك أشخاصاً يملكون بساتين بريف حماة الشمالي، قريبة من حواجز قوات الأسد ولم يتمكنوا من قطف ثمار بساتينهم منذ ما يزيد عن 3 سنوات نتيجة قنص كل من يقترب من الحاجز، ولقد تعمدت قوات الأسد إلى اقتلاع أعداد كبيرة من تلك الأشجار وتجريف مساحات واسعة واقامة السواتر الترابية، وفتح الطرق أمام الدبابات والآليات، فضلاً عن استيلاء الشبيحة على ما تبقى من محصول هذه الأشجار.