جوراسليم بوست – (ترجمة بلدي نيوز)
تروج إذاعة صوت الشباب الحكومية السورية وصفحات الفيسبوك الموالية لها، إلى تجمّع "ديسكو" ضخم في الميدان الرئيسي في العاصمة دمشق، ويبدو أن هناك انفصالاً "شيزوفرينياً" واضحاً ما بين العناوين المُحبطة في وكالة أنباء النظام السوري حول الأطفال الذين قتلوا في هجوم لقوات المعارضة على مدرسة، والدعوة المتزامنة للشباب من قبل المحطة الإذاعية للنظام ذاته للخروج والرقص احتفالاً.
إن الأطفال الخمسة الذين لقوا حتفهم خلال ما وصفته "سانا" بالهجوم الإرهابي على مدرسة في درعا يوم الثلاثاء، كانوا من بين الوفيات الأخيرة لذلك اليوم في حصيلة تفوق 500،000 في الحرب السورية، والتي باتت الآن في عامها السادس، إن وفاتهم تتزامن مع حصيلة يومية تنذر بالخطر تسببت فيها أسلحة جو النظام السوري والقصف الروسي الدموي والمليشيات الداعمة للأسد، بما في ذلك ما يحدث مؤخراً للمدنيين والمستشفيات في شرق مدينة حلب المحاصر، ومع ذلك فإن بعض المقرّبين من نظام الأسد يعتقدون بأن الوقت قد حان " للـعربدة والرقص".
ضحكة دمشق 18 - صفحة الفيسبوك الموالية لنظام الأسد، تعلن بأن حدث يوم الجمعة- والمعروف باسم "هيا لنرقص سوريا" - سيكون "المهرجان السوري الأضخم، حيث سترون العديد من المفاجآت، ابقوا معنا، وأخبرونا كيف ستقومون بالإعداد ليوم الجمعة، سترون أقوى الفرق السورية"، كذلك وَعَدَت.
"نحن في طريقنا إلى تغيير ساحة الأمويين إلى ديسكو"، كذلك يضيف المنظّمون، واعتباراً من بعد ظهر يوم الخميس تم تسجيل 3704 شخصاً في الفيسبوك للذهاب إلى ذلك الحدث، ولكن العديد من مستخدمي الفيسبوك، بما في ذلك أنصار النظام يعتقدون بأن هذا الاحتفال الآن رديء الذوق، كتب هلال ناصر : "في أي بلد من بلدان العالم، حين يكون هناك ضحايا وسفك دماء في إحدى المدن التي أصابتها الحرب، أي هجوم أو كارثة، فإن غيرها من المدن تدعمها مادياً ومعنوياً"، مضيفاً: "أهذا هو النوع من التضامن مع المدن الأخرى المدمرة في سوريا؟"، وإذا ما كان الاحتفال سيحدث كما هو مخطط له، فإنه سيكون الاحتفال الكبير الثاني بتشجيع من النظام في غضون أسبوع.
وفي أكتوبر قام 8 آلاف شخص معظمهم من الشباب بفعاليّة "أنا أحب دمشق" حيث أقيم المهرجان أيضاً في ساحة الأمويين، كثيرون من الشباب قاموا بارتداء الملابس المناسبة للمهرجان وتلوين وجوههم، كما رقصوا وصفّقوا للموسيقى المتفائلة، مع انتشار الغبار الأرجواني والبرتقالي من حولهم، كما أُطلقت البالونات الملوّنة في الهواء، وفقاً لمقاطع مصوّرة شاركها المنظمون، بينما بدا الجمهور هناك مسترخين حقاً وسعداء.
وقال أحد المنظّمين الذين تمّت مقابلتهم في مقطع فيديو مصوّر "إننا نتطلع بفارغ الصبر إلى عام 2017، كما أننا سعداء تحت ظل حماية الجيش العربي السوري"، في الواقع فإن رسالة الاحتفالات المدعومة من قبل النظام لم تكن حَذِقَة بشكل كبير بل كانت واضحة جداً أمام كل مشاهد لتلك الفعاليات: نحن نقوم بمكافحة الإرهابيين (الثوار) و نقوم بكسب الحرب.
إن رفع وتعزيز معنويات مؤيّدي النظام السوري يزداد لأنهم يدركون بأن النظام لا يزال يحظى بدعم روسيا الثابت، في حين أن الولايات المتحدة -باهتمامها الآن نحو حملة الانتخابات الرئاسية- لا تزال متردّدة وغير فعّالة في دعمها للثوار، مما يعطي النظام السوري الدفع للاعتقاد بأنه سيفوز في الحرب، وتهدف تلك المشاهد من التمتّع، والحياة الطبيعية لإبراز معنى النصر المتنامي، وهذا ما يفسّر قيام البرامج التلفزيونية لنظام الأسد بإبراز صور لأشخاص يقومون بتناول الطعام مستمعين في مطاعم دمشق.
"إنه يوم مجيد، نحن على قيد الحياة" كذلك عُنونَ نصّ مرفق لمنشور على موقع يوتيوب من مهرجان "أنا أحب دمشق"، "إنه أمر ممتع، بأن تشعر ببلدك"، كذلك قال أحد مرتادي المهرجان، ولكن معظم التعليقات على موقع الفيسبوك كانت سلبية: حيث كتبت ميس الشام "لاحترام أرواح شهداء الطرفين، يجب أن لا يكون هناك مثل هذه المهرجانات على الإطلاق"، و حتّى مؤيدي النظام كانوا منتقدين للأمر بشدة، حيث كتب أحدهم "أنا شخصياً لا أستطيع أن أفهم السبب وراء هذه النشاطات، إنها بائسة حقاً".
كيف تستطيعون القيام بمثل هذه الأشياء في حين أن هناك أولئك الذين يدافعون عن الأمة بينما أنتم تقومون بالاحتفال، ألا تخجلون من أنفسكم؟"، كذلك كتب ريمون مخلوف، كما كتب عبد الهادي جراد حول خطط الرقص "إن الهراء في الأمر هو هذا الرقص، يجب أن يكون هناك مهرجان للقراءة، إذ أننا لسنا بحاجة للرقص، نحن بحاجة للوعي، إن هزّ الأجساد في هذا الوقت هو هراء، كل المجتمعات تأخذ من المجتمعات الأخرى الإيجابية وتنبذُ السلبية منها ، إلا نحن.. إننا نأخذ فقط ما هو سلبي".
إسماعيل بلال قام بنشر صورة لشاب من مهرجان "أنا أحب دمشق"، بينما كان مملوءاً بالغبار البرتقالي من ذلك الاحتفال، واقفاً بجانب امرأة شابة تبتسم، مرفقة بصورة أخرى لجنود وهم مغطيين بالأتربة، حيث علّق قائلاً: الفرق بين "غبار الشرف"، و "غبار البغاء".
بينما وصف آخر بأن حدث "الديسكو" في دمشق هو عمل غير مسؤول، لكن وفي خضمّ هذه الأحداث كانت هناك تعليقات منفصمة عن الواقع وعن كل ما يحدث في سوريا، إذ لربما يظنّ موالو النظام من هذا الصنف بأنهم يتواجدون في دولة أخرى، بانعدام أي شعور بأنهم يرقصون على دماء مئات الآلاف من الأطفال الذين أودت بهم حملات النظام ومليشياته وحلفاؤه الباطشون، إذ كتبت علا محمد: "سنستمتع بالاحتفال"، بينما علقت روان دمشقو قائلة: "هيا للرقص حبيبي"!!!