بلدي نيوز – (غيث الأحمد)
يسود اعتقاد لدى المسؤولين الأمريكيين أنه كلما غرقت روسيا أكثر في سوريا ستحتاج إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإخراجها، لكن اليوم الوضع بات مختلفاً، فالدولتان تقفان على طرفي نقيض، والعلاقة في ذروة التوتر بعد رفض موسكو لأي محاولة من واشنطن لوقف القصف على حلب وفتح مجال للعملية السياسية.
يقف الجانبان في المنطقة الصفرية ينتظر أحدهما الآخر لأخذ المبادرة، واضعين في الحسبان خطر استخدام القوة، على الرغم من التهديدات الأمريكية باستهداف مواقع عسكرية لنظام الأسد وتزويد المعارضة السورية بمضادات الطائرات، والتي جاء الرد الروسي عليها باعتبار أن تلك الأنباء هي ألعاب خطيرة تقوم بها واشنطن وتهدد الأمن القومي الروسي.
أما "الفيتو" الروسي الأخير الذي كان متوقعاً ضد مشروع القرار الفرنسي - الإسباني، فقد وضع روسيا في عزلة دولية، وذلك بعد أن امتنعت الصين هذه المرة عن التصويت والتي كانت قد استخدمت حق النقض "الفيتو" أربع مرات سابقة رفقة روسيا، وأبطلت روسيا بذلك تأييد تسع دول للقرار من أصل 15، والذي كان من شأنه منع مواصلة المقاتلات الحربية من قصف حلب، والإلزام بفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وهو ما اعتبرته الدول الأوروبية إلى جانب الولايات المتحدة بمثابة فتح مواجهة جديدة.
وتبدو واشنطن أكثر قدرة على أخذ المبادرة من منافستها، بعد أن ساد إحساس لدى قادة البنتاغون والمخابرات الأمريكية أن هيبة الدولة قد ضاعت بسبب المواقف الرخوة من قبل الرئيس باراك أوباما تجاه الملف السوري.
وتحاول واشنطن أن تشن "هجمات محدودة" ضد مواقع عسكرية لنظام الأسد، وذلك بهدف لجم المحاولات الروسية والصينية من استغلال الموقف العاجز لأوباما عن اتخاذ أي قرار بعد أن دخل في الوقت الضائع من عمر ولايته، حيث يحاول بوتين فرض واقع جديد في الشرق الأوسط، إضافة إلى محاولات الصين بسط سيطرتها على بعض الجزر في البحر الجنوبي.
ويأتي ذلك كله في ظل محاولة عربية دبلوماسية أخيرة لإنقاذ ما يجري في حلب، وذلك بالتوجه إلى الجمعية العمومية في الأمم المتحدة، بعد أن اتخذت الجامعة العربية قراراً تطلب فيه من المجموعة العربية في نيويورك التحرك نحو الجمعية العامة للحصول على قرار تحت بند "الاتحاد من أجل السلام"، حيث من الممكن تجاوز مجلس الأمن عبر قرار يمرر في الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ثلثي الأصوات ويكون قراراً ملزماً للجميع بما فيها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وقد استخدم هذا الخيار سابقاً في الخمسينيات من القرن الماضي عندما عجز مجلس الأمن عن الوصول لقرار بخصوص الأزمة الكورية بسبب "الفيتو" الروسي المتكرر.