بلدي نيوز
كشفت مصادر متقاطعة عن تفاصيل ومجريات الاجتماع الأمني الذي عُقد في مدينة تلبيسة شمالي حمص يوم الخميس، حيث أكدت حضور اللواء "حسام لوقا"، رئيس المخابرات العامة التابعة للنظام السوري، وقالت إن وجهاء المدينة كرروا تقديم طلباتهم خلال الاجتماع، كما خرجت مظاهرة غاضبة في المدينة ردا على شروط النظام وفرض التسوية بالقوة.
وأكد نشطاء ووجهاء من المدينة في حديثهم لـ"شام"، إن من بين الشخصيات التي حضرت الاجتماع من طرف النظام السوري، رئيس اللجنة الأمنية والعسكرية اللواء "أحمد معلا" وقائد شرطة النظام بحمص العميد "أحمد فرحان" ورئيس فرع الأمن السياسي العميد "فائق أحمد"، يُضاف إليهم رئيس فرع المخابرات الجوية العميد "رضوان صقار".
وحسب مصادر فإنّ من مخرجات الاجتماع إعلان النظام السوري، فتح مركز للتسوية اعتباراً من يوم الأحد المقبل 14 تموز/ يوليو الجاري، على أن يستقبل الراغبين بالتسوية من مدينة تلبيسة والقرى المحيطة بها لمدة أسبوعين متتاليين، وتشمل تسوية أوضاع العسكريين المنشقين عن قوات النظام.
وتنص "التسوية الجديدة" على منح مهلة لمدة 30 يوماً للالتحاق بالقطعة العسكرية، ويمنح المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية مهلة مدة 6 أشهر، وأما "المطلوبين أمنيا" تتم تسوية أوضاعهم بشكل مباشر، ويشترط على "المسلح" تسليم للجنة التسوية.
ويروج مسؤولين أمنين لدى النظام بأن هناك "مكرمة من رأس النظام الإرهابي بشار الأسد خاصة بمدينة تلبيسة" من حيث التساهل في إجراءات التسوية، ومنح المدينة خصوصية مزعومة ضمن التلاعب والمراوغة التي يمارسها نظام الأسد في مثل هذه العمليات التي تعتمد على الحرب النفسية وتقديم الوعود الوهمية.
وحسب المناقشات التي دارت في الاجتماع الأخير، فإن نظام الأسد يتعهد بمنح المطلوبين قضائيا مهلة مدة 6 أشهر لمراجعة الأمن الجنائي والمحاكم القضائية المختصة دون أن يتم التعرض له أو توقيفه، مقابل تكرار وعود النظام الكاذبة بشأن كشف مصير المعتقلين.
ويتوعد نظام الأسد في حال رفض التسوية وعدم القبول بها سيكون هناك عمل أمني واسع النطاق، بحجة ملاحقة "المطلوبين الذين يقومون بأعمال الخطف والسلب وقطع الطريق ومن يقوم بحمايتهم ومؤازرتهم"، وخلال الاجتماع قال اللواء "حسام لوقا"، إن "هذه التسوية هي الفرصة الأخيرة لأبناء المدينة"، ويصف نظام الأسد الأسد هذه التسوية بأنها استثنائية.
بالمقابل يطالب الأهالي بتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، وكشف مصير المعتقلين وتقديم ضمانات حقيقية للتسويات وعدم ملاحقة الشبان والتعهد الكامل بعدم توقيف أي شخص وتوفير فرص العمل وانسحاب النقاط العسكرية من داخل المدينة لعدم لزومها بعد التسوية والاهتمام بملفات التعليم والصحة والأحوال المدنية وغيرها.
وحسب مصادر مقربة من نظام الأسد فإن تشديد الأخير على تجديد التسوية في مدينة تلبيسة يعود إلى تكرار ما وصفتها بأنها "الاعتداءات المتكررة على الاتستراد الدولي واعمال الخطف والسلب وتجارة المخدرات وقطع الطريق الدولي حماه - حمص"، إلا أن مصادر محلية تؤكد عدم صحة هذه الحجج كون النظام هو الراعي الرسمي لعصابات الخطف والتشليح والمخدرات.
ومطلع الشهر الجاري قطع شبان من تلبيسة اتوستراد حمص حلب الدولي من أجل المطالبة عن شخصين اعتقلهما النظام السوري منذ حوالي الشهرين ليتدخل وجهاء المدينة ويتم فتح الطريق مع وعود بالافراج عن الشخصين، وسط تجدد مثل هذه الحوادث التي تتيبب حالة من التوتر في المنطقة بشكل عام.
وتشهد منطقة الريف الشمالي لمحافظة حمص بين فترة وأخرى توترات أمنية سواء على صعيد جرائم السرقة أو حتى التصفية أو حتى الخطف مقابل الفدية المالية، بالتزامن مع غياب أي دور لأجهزة أمن النظام.
وفي تموز من العام 2023 أفادت مصادر محلية بوقوع انفجار قرب مقر "لجنة التسوية" في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي التي افتتحه نظام الأسد مؤخراً، ناتج عن عبوة ناسفة زرعها مجهولون قرب مدخل المدينة الغربي، وسط معلومات عن تفكيك عبوة أخرى كانت معدة لاستهداف مفرزة أمن الدولة في المدينة.
وأعلن تلفزيون النظام السوري بتاريخ 20 حزيران/ يونيو 2023، عن بدء ما وصفها بأنها "عملية تسوية جديدة"، في مدينة تلبيسة، وأرجع النظام ذلك لإتاحة الفرصة و"فتح الباب أمام من لم تسمح لهم ظروفهم بتسوية أوضاعهم"، وفق تعبيره.
وسبق أن أرسلت قوات الأسد تعزيزات عسكرية جديدة خلال العام الماضي، تركزت حول مدينة تلبيسة بريف محافظة حمص وسط سوريا، وذلك على ضوء تطورات الأوضاع والشروط التي يفرضها النظام السوري، وسط تهديدات باقتحام المدينة حينها.
وكان أصدر عن "مجلس عوائل تلبيسة"، بيانا ختاميا جاء فيه تعهدات بمعالجة الفساد ومحاسبة المتورطين، وكف أيديهم عن هذه التجاوزات والوقوف بحزم لمكافحة ظواهر انتشار لعصابات الخطف والسلب والإتجار بالمخدرات، كما تعهد الأهالي بمحاسبة من يخالف البيان الختامي.
هذا ويرمي النظام من هذه التهديدات بالسيطرة الكاملة على مدينة تلبيسة شمالي حمص، وسحب السلاح من المدينة، وضمان عدم وجود أي تهديدات على طريق حمص-حماة الدولي، بحجة إنهاء ظواهر انتشار فوضى السلاح والمخدرات والخطف، ويعتبر نشطاء بأن هذه الحجج إعلامية بحتة إذ من المعروف وقوف النظام خلف هذه الظواهر بشكل مباشر.
ويذكر أن نظام الأسد كان أمهل الأهالي في تلبيسة خلال العام الفائت مدة 15 يوما لتنفيذ مطالب يعلق بعضها بتسليم سلاح ومطلوبين للنظام، مهددا باقتحام المدينة أو التهجير للشمال السوري، بحال عدم التسليم والرضوخ للمطالب، وطالما يرسل النظام تعزيزات عسكرية في مثل هذه المفاوضات، محاولاً الضغط على الأهالي شمال حمص، وسط حالة من التوتر المتصاعد تُضاف إلى حالة الفلتان الأمني التي تعيشها المنطقة منذ سيطرة النظام وروسيا عليها في أيار 2018.
وتشير مصادر إلى أن المنطقة تشهد فوضى أمنية ملحوظة منذ سيطرة قوات النظام عليها في عام 2018، الأمر الذي ساعد على انتشار الجريمة وعلى رأسها جرائم السرقة ويذكر أن عصابات السرقة تتجاوز كل الخطوط الحمراء، من ناحية عدم الخوف من ارتكاب تلك العمليات كونها تحتمي بحماية عناصر أمن النظام الذين يتقاسمون معهم المسروقات وعوائد الخطف والسلب.