الأسد "الطبيب " الذي يشن حرباً بربرية على أطباء سوريا! - It's Over 9000!

الأسد "الطبيب " الذي يشن حرباً بربرية على أطباء سوريا!

الإيكونيميست ( ترجمة بلدي نيوز)

حول الأسد المستشفيات السورية إلى ما يشبه المسالخ، كجزء من سياسته في "الركوع أو تجويع"، ففي صباح شتوي من شهر شباط، أطلقت الطائرات الحربية لنظام بشار الأسد سلسلة من الصواريخ على مستشفى ميداني في شمال سوريا، وتسابق المسعفون نحو سحابة كثيفة من الغبار الرمادي الذي انتشر فوق المبنى، قبل أن يتجمعّوا فوق الأحجار المُدَمّرة والأشجار الساقطة لسحب الجرحى من تحت الأنقاض.
وبعد حوالي 40 دقيقة، قامت المقاتلات إما الروسية أو السورية، بالتحليق والدوران لمرّة أخرى وإسقاط قنبلة إضافية على المسعفين وهم يعملون، لقد قتلت تلك الضربات الجوية 25 مدنياً حينها، بينهم ثمانية من العاملين في المجال الطبي، مما يجعله أحد أكثر الهجمات دموية على العاملين في المجال الطبي منذ بداية الحرب في سوريا في عام 2011، ومن ثمّ تتبّعت المقاتلات سيارات الإسعاف التي كانت تنقل الجرحى إلى مستشفى ميداني آخر يبعد خمسة كيلومترات نحو الشمال، غير راضية عن محصّلة القتلى التي ارتكبتها للتو، حيث ضربت مدخل المستشفى بصاروخ وبعد ذلك، وعقب مرور عشر دقائق، قامت بإسقاط قنبلة أخرى، يقول الطبيب (أحمد طرقجي) رئيس الجمعية الطبية الأميركية السورية، والتي تقوم بتمويل المستشفى الثاني الذي ضُرِبَ في ذلك اليوم: "ليس هنالك أي شك، من أنهم لم يكونوا على دراية بما اقترفوا في ذلك اليوم".

وفي المعجم الملطف للحرب، تُعَرّفُ هذه الهجمات بأنها هجمات "النقر المزدوج" أو الهجمات "ذات النقر الثلاثي"، إن هذا التكتيك المدمر والمُستخدم لضرب المدارس والمخابز والأسواق، أصبح سمة شائعة من سمات الحملة الجوية للنظام السوري، والتي قامت أيضاً بتحويل المستشفيات السورية لشِركِ موت، فقد استهدفت القنابل البرميلية والمدفعية والضربات الجوية أكثر من 265 من المرافق الطبية منذ بداية الحرب، في الشهر الماضي والذي لربما كان الأكثر دموية منذ بدء الحرب، فإن القنابل والصواريخ التي أطلقها النظام بحملته، أصابت مستشفى أو عيادة ميدانية في كل 17 ساعة، ويرى الخبراء بأنه لم تشهد أي حرب سابقة مثل هذا القبيل من الاستهداف المُنَظّمِ على نطاق واسع للمستشفيات والعاملين في المجال الطبي.

بل هنالك اعتقاد كبير بين جماعات حقوق الإنسان ومسؤولي الأمم المتحدة بأن غالبية تلك الهجمات كانت مُتعمّدة، وهنالك أيضاً اعتقادات حول الجهة المسؤولة: إذ تقول الهجمات الموثقة على المنشآت والمرافق الطبيّة بأن النظام السوري وداعمه الروسي قاموا بشنّ أكثر من 90٪ من تلك الهجمات، "نحن لا نقول بأن المستشفيات لم تُقصَف في أفغانستان واليمن والصومال والسودان، ولكنّنا نشير إلى التعمُّد والنيّة والاستراتيجية باستهدافها كأداة للحرب على مستوى آخر، إذ أن حكومة الأسد تقوم بتصويب سلاحها على أي منشأة تعنى بتقديم الرعاية الصحية"، كذلك تقول سوزانا سيركين، الطبيبة في منظمة حقوق الإنسان، والمؤرخة الإخبارية للفظائع في سوريا، والتي تتخذ من نيويورك مقراً لها.

طبيب الموت
ومن خلال فرض حصاره على المناطق التي يسيطر عليها الثوار وقصفه للمباني المدنية، سعى الأسد إلى جعل الحياة لا تطاق بالنسبة للمدنيين المحاصرين في مناطق الثوار، وهو الأسلوب التقليدي الذي اتّخذه في مكافحة الثورة ضده، استجابة تقشعر لها الأبدان لمقولة الزعيم الصيني "ماو تسي تونغ" أنه يجب على حرب العصابات أن تحدث في أوساط السكان كما تسبح السمكة في البحر، إذ قامت سياسة الأسد "بالركوع أو التجويع"، والتي عُرِفت عقب تلك الشعارات التي كتبها مؤيّدو الأسد على الجدران، تمّ تصميمها لحرمان الثوار من البحر الذي أرادوا السباحة فيه.

للأسف فقد كانت استراتيجيّته تلك فعّالة، ففي المنطقة الشرقية المحاصرة من مدينة حلب، والتي كانت سابقاً أكبر مدن البلاد، يقول السكان هناك بأنهم باتوا يعيشون داخل "دائرة من الجحيم"، أقل من ربع مستشفياتها تستطيع العمل الآن، بينما أصبح وقود المولدات اللازمة لتشغيل المعدات الحيوية شحيحاً جداً، عندما ضربت الغارات الجوية بنوك الدم و اسطوانات الأوكسجين في المدينة، تاركة بكلّ بساطة المرضى ليلقوا حتفهم، كما لم يبق سوى أقل من 35 طبيباً لعلاج سكّانها الأكثر من 300،000، بينما خرج بقية الأطباء أو قتلوا أو اعتقلوا أو تم قتلهم تحت التعذيب، وفي بلدة مضايا التي يسيطر عليها الثوار، لم يبق سوى اثنين فقط من طلاب طب الأسنان والبيطرة لعلاج عدد سكانها الذين يفوق عددهم 40،000، "لقد صُمِّمَت هذه الهجمات لترويع المدنيين أثناء الحصار، فقد أصبح الناس غير راغبين بالتبرّع بالدم، إنهم يفضّلون الاحتفاظ به لأنفسهم، كثيرون منهم خائفون جدّاً من الذهاب إلى المستشفيات، لأنهم يعلمون بأنهم سيكونون مستهدفين هناك"، كذلك يقول الدكتور حاتم، وأحد أطباء الأطفال القلّة المُتبقّين في شرق مدينة حلب.

لقد تشبّث الثوار بمدينة حلب، على الرغم من شدّة الغارات الجوية الروسية والسورية، ومع ذلك ومن جهة اخرى، فقد أثبتت استراتيجية الأسد الدموية الكثير نجاحها حتى الآن، ففي السادس والعشرين من شهر آب وافق الثوار في أحد ضواحي دمشق -داريا، على الخروج من المدينة، وذلك بعد تعرضهم لحصار قاسي دام أربعة أعوام، شهدوا فيه اضطّرار السكان لأكل العشب للبقاء على قيد الحياة، قبل أسبوع من إخراجهم، حيث قصفت القوات الجوية التابعة للأسد المستشفى الأخير المتبقّي في داريا، بأسلحة حارقة، ومن الجدير بالذكر بأن الأسد بنفسه كان طبيباً في وقت سابق!

إن تدمير النظام الصحي السوري والذي كان متطوراً في وقت سابق، أجبر الأطباء والجمعيات الخيرية الطبية على التوصل إلى طرق مبتكرة للنجاة من القصف اليومي، فقد بنت وكالات المعونة المموّلة من الغرب بضعة مستشفيات سريّة تحت الأرض، بينما حفر غيرهم في جانب أحد الجبال لبناء عنابر داخل الكهوف، ولكن التكاليف كانت باهظة جداً.

إن إرث هذه الحرب واعتداءات النظام المتكرّرة والتي لا هوادة فيها على المرافق الصحية والعاملين في المجال الطبي يمكن أن تكون لها انعكاسات أوسع، فقد أدى فشل المجتمع الدولي في وقف الهجمات لمخاوف من أنّ الاستهداف المُتعمّد للمرافق الطبية سيصبح معياراً جديداً في الحروب المستقبلية واستراتيجيّة حربية جديدة، يقول ويدني براون من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "لقد صيغت قوانين الحرب لحماية المدنيين، لجعل الحرب أقل الجهنمية، بينما أصبحت تتآكل هذه القوانين في سوريا"، كما يضيف "عندما لا يفرض أحد ما هذه القوانين، وعندما لا تتم محاسبة أولئك الذين يقومون بارتكاب جرائم حرب، فما هي الرسالة التي ستقوم هذه الاستراتيجيات بإرسالها؟"

لقد فشلت الجهود الدولية لإخضاع النظام السوري وداعميه الأجانب للمساءلة القانونية، فقد عملت روسيا والصين دون إحالة نظامه إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2014 باستخدامهم لحق النقض، في حين أن الحكومات في الغرب بدأت النظر في إطلاق تحقيقاتها الخاصة في جرائم الحرب، آملةً في مقاضاة الأفراد المسؤولين عن تلك الجرائم تحت الولاية القضائية الدولية، ولكن إنشاء هيئة مستقلّة للتحقيق في كل هجوم يحدث على مستشفىً سوريّ هو بمثابة حلم.

"ودون تقديم العدالة الحقيقيّة، سيكون من المستحيل التخلّص من هذا الشعور برغبة الانتقام"، كذلك وصف الدكتور (رامي كلزي)، جراح الأعصاب الوحيد الذي يعمل في شرق مدينة حلب، كما أضاف مُعَقِباً "دون تقديم العدالة، فإن الناس سيفقدون ثقتهم بالمجتمع الدولي تماماً، سيفقدون ثقتهم بكل شيء، عدا السّلاح".

مقالات ذات صلة

بيان قمة المنامة.. وجوب تطبيق قرار الأمم المتحدة 2254 في سوريا

الملك الأردني يشتكي من ممنوعات النظام في القمة العربية

مرتبط بالحزب اللبناني.. اغتيال تاجر ممنوعات في درعا

لجنة التحقيق الدولية تعلق على إعادة لبنان للاجئين سوريين

لقاء بين فيصل المقداد ووزير الخارجية السعودي في المنامة

مقتل مسؤول مفرزة الأمن العسكري في درعا