بلدي نيوز – (نور مارتيني)
تواجه محافظة إدلب تحدياً جديداً، نتيجة تركّز قصف النظام والطيران الروسي على البنى التحتية في المحافظة، والتي تشكل أهمّ عامل استقرار لأهالي المحافظة.
فالأسواق الشعبية، المخابز، والجامعات، والمؤسسات الخدمية، كلّها قد استهدفت أثناء الهجمة الأخيرة على المحافظة، غير أن الضربات الأقسى كانت موجهة للمشافي والمنشآت الطبية، وتجهيزاتها، في كافة أرجاء المحافظة، ما أسفر عن خروج عدد من المشافي في المحافظة من الخدمة، وخروج جهاز التصوير الطبقي المحوري من الخدمة؛ الأمر الذي تسبّب بتعقيد علاج الحالات المرضية الباردة، بعيداً عن الحالات الساخنة، الناجمة عن إصابات الحرب اليومية.
حول أداء المؤسسات الطبية في محافظة إدلب، يقول الطبيب "منذر خليل" مدير الصحة في محافظة إدلب الحرة: "تعمل المنظومة الطبية في محافظة إدلب بأقصى طاقة ممكنة،لإنقاذ كل ما يمكن إنقاذه من حياة البشر، وتحسين نوعية الحياة، حيث يقدر عدد العمليات الجراحية المجراة شهرياً بـ /8500 / عمل جراحي، ويقدّر عدد المستفيدين من كل الخدمات الطبية المجانية للمشافي، والمراكز الصحية، ومنظومات الإسعاف، وبنوك الدم، ومراكز السل والتلاسيميا، وغيرها بحوالي /300000 / مواطن شهرياً"، ويؤكّد "خليل" على تأمين اللقاحات لأطفال المحافظة، موضحاً أنه "يقدر عدد الأطفال المستفيدين شهرياً من برامج اللقاحات الشاملة والحملات الجوالة بحوالي/ 350000/ طفل شهرياً، وينفذ هذه الحملات أكثر من /2000/ متطوع"، لافتاً إلى أن المديرية "تسعى لتأمين خدمة الرعاية الصحية الثلاثية، من خلال افتتاح بعض المراكز الطبية التخصصية، وقدرة هذه المنظومة على الصمود يعتمد على الكثير من العوامل، يعتبر أهمها إيمان الكادر الطبي بقضيتهم، ومواجهتهم للأسلحة الحارقة والمدمرة".
ويؤكّد مدير صحة إدلب الحرة، أن عوامل عديدة، تؤدي إلى عرقلة أداء المؤسسات الطبية في إدلب، وعلى رأسها: "القصف الممنهج والمستمر للمنشآت، والبرامج الطبية، واستهداف الكوادر"، لافتاً إلى أن هذا التحدي يعتبر الأكبر ﻷنه السبب الرئيسي "لخروج الكثير من المشافي والمراكز الصحية عن الخدمة، وتوقف العديد من البرامج الطبية ". كما أنه السبب الرئيسي لكل المعوقات الأخرى.
ومن وجهة نظر د.خليل فإنه من بين أهم المعوّقات الأخرى: "استنزاف الكوادر الطبية المستمر نتيجة الاستشهاد، أو الإعاقة، أو الهجرة، ونتيجة انهيار المؤسسات التعليمية وعدم وجود رافد جديد للحقل الطبي"، مع العلم أنه تم افتتاح كلية طب بشري وكلية صيدلة ومعهد طبي في محافظة إدلب، خلال السنة الماضية، باﻹضافة للعديد من الدورات الطبية والبرامج التدريبية، مشيراً إلى أن "هذه الخطوات تساعد في حل مشكلة الكوادر، على مستوى الكوادر التمريضية والفنية، إلا أنها تحتاج إلى سنوات لحل مشكلة الأطباء وهذا ما سيؤدي لفجوة بالنسبة للأطباء خلال السنوات القليلة القادمة"، ويضيف على العراقيل التي تعترض عمل المنظومة الطبية في إدلب: "نقص التمويل وعدم رغبة المجتمع الدولي عموماً، والمانحين، بدعم مشاريع إستراتيجية تساعد على الاستقرار واقتصار الدعم على مشاريع الطوارئ والمشاريع الإسعافية"، وأن حالة عدم الاستقرار وحركات النزوح المستمرة، و"تدني مستوى الخدمات عموماً وتدمير البنية التحتية للمجتمع عموماً، جميعها تنعكس بشكل سلبي على صحة الناس، وعلى تقديم الخدمة الطبية المناسبة".
في السياق ذاته، يييّن "أحمد أبو اصطيف" مشرف قطاع إدلب في منظومة شام الإسعافية، أهمية الخدمات المقدّمة من قبلهم، لرفد القطاع الطبي في المحافظة: "منظومة شام الإسعافية تتوزع على/ 6/ قطاعات: إدلب المدينة /3/ سيارات، معرة النعمان /6/ سيارات، خان شيخون/3/ سيارات، دركوش/3/ سيارات، أريحا/3/ سيارات، الدانا /3/ سيارات"، وكل سيارة كادرها مؤلف من "سائق ومسعف خاضع لدورات إسعاف مكثفة، طبعا السائق مسعف والممرض أيضا".
حول خسائر المنظومة الإسعافية، المادية والبشرية، نتيجة الاستهداف المتكرّر، يؤكد مشرف قطاع إدلب، أنه "حاليا ًهنالك سيارتان في مدينة إدلب المدينة خارج الخدمة، وكذلك سيارتان في خان شيخون، ولكننا نغطي العجز من قطاعات ثانية، ففي أوقات القصف تتوجه السيارات القريبة للمدينة، وإذا اضطر الأمر من الممكن أن نستنفر كامل المنظومة"، أما فيما يتعلّق بمعوقات عملهم يوضح "أحمد أبو اصطيف" أن أهم ما يعترض عملهم هو "النقص في المسكنات والأدوية، فسياراتنا مجهزة بشكل كامل، حيث يوجد في كل قطاع سيارة مجهزة بتجهيزات عناية مشددة، وطاقم عناية مشدّدة"، وأكّد أنّ معاناتهم الأكبر تكمن في "شدّة وتيرة القصف عندما نذهب لإخلاء المصابين من مكان القصف، حيث نتعرض لغارة ونحن نقوم بعمليات الإنقاذ مكان القصف، وهو ما تكرّر مراراً"، مؤكّداً أن منظومة شام الإسعافية قد خسرت طاقماً بالمعرة بالقصف مرتين في نفس المكان، قبل عام .
أعباء كثيرة يتحمّلها القطاع الطبي والإسعافي في محافظة إدلب، يواجهها العاملون في القطاعين بكلّ الوسائل المتاحة، وبدل أن يتم دعم هذين القطاعين، يجهد المجتمع الدولي في استنزافهما، من خلال صمته عن المجازر التي يرتكبها الطيران الروسي وطيران النظام من استهداف منظم لهذه المنشآت، التي يضاف إليها عبء جديد هو عبء تقديم الخدمات للمهجّرين من بيوتهم، برعاية الأمم المتحدة، والذين هم أحوج ما يكونون للرعاية الطبية، بعد سنوات مضنية من الحصار.