بلدي نيوز
كشف السفير التركي السابق في سوريا، عمر أونهون، تفاصيل آخر زيارة وزير الخارجية التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو إلى دمشق، حيث التقى بشار الأسد في التاسع من آب ٢٠١١.
وقال "أونهون"، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حمل وزير خارجيته أحمد داود أوغلو، رسالة إلى رئيس النظام بشار الأسد، حيث بدأ اللقاء بالتأكيد على المصير والتاريخ والمستقبل المشترك بين تركيا وسوريا، وأوضح أن هذه الفكرة كانت الخلفية لبيانات أردوغان قبل بضعة أيام، حيث انتقد كيفية تعامل قوات النظام واستخدامها للقوة المفرطة وغير المتناسبة.
وأوضح أن الوزير شدد على أن مكافحة الإرهاب وحماية المواطنين هي واجب كل دولة، ولكن من غير الصحيح أن نسمي الجميع "إرهابيين" ونتعامل معهم على هذا النحو، فهذا سيفاقم الوضع، وأعاد التأكيد على أن تركيا مستعدة لمساعدة سوريا بأي طريقة ممكنة لإنهاء الأزمة بطريقة جيدة.
وأشار إلى أن رئيس النظام قال إن قواته الأمنية تكافح الإرهاب، وإنها ربما ارتكبت بعض الأخطاء في عملها، لكن هذا يرجع بشكل أساسي إلى قلة الخبرة، وبالفعل عوقب بعض أفراد الأمن على أفعالهم، وأنه سيتم إجراء إصلاحات في البلاد، إلا أن القتال ضد الإرهابيين سيستمر، وأكد أيضا أن الجيش لم يدخل حماة لتدمير المدينة، بل لاستعادة الأمن.
ووفقا للسفير التركي، زعم الأسد أن هناك عناصر ينتمون إلى تنظيم القاعدة من العراق والأردن وإيران في دير الزور وبعض الأماكن الأخرى، وكانوا يخططون لنشر الإرهاب في كل مكان.
وأوضح أن داود أوغلو سأل عما إذا كان سيُسمح للمعارضين الممنوعين من دخول سوريا بالعودة إلى البلاد للمشاركة في عملية الحوار الشامل، وكان رد الأسد أن من خالف القوانين سيحاكم وفقا للقوانين، ولكن ليس هناك ما يمنع أنصار المعارضة أو المعارضين السياسيين من التقدم إلى السفارة للحصول على جوازات سفر سورية، أو تجديدها والعودة إلى البلاد، واستمر الأسد في قول إنهم وللأسف يفضلون عدم العودة لأنهم يخافون، مضيفا أن اللقاءات والاجتماعات التي عقدتها المعارضة داخل سوريا تثبت أن مخاوفهم غير مبررة.
وأوضح أنهم غادروا غرفة الاجتماع، حيث عقد داود أوغلو والأسد اجتماعا ثنائيا استمر لمدة ثلاث ساعات، ثم استدعوهم بعد ذلك للعودة لغرفة الاجتماع، وقدم أوغلو خارطة طريق للأسد، والأخير قبل بها، بحسب موقع المجلة.
ولفت إلى أن داود أوغلو كان متفائلا بأن خارطة الطريق هذه ستكون ناجحة، مشيرا إلى أن الوزير ووفده غادروا دمشق في المساء، وأشار إلى أنهم في بداية صباح 10 أغسطس/آب، توجهوا إلى حماة بسيارتين حيث رافقهم زملائهم من السفارة وفريق الأمن.
وكان في استقبالهم عند مدخل مدينة حماة القنصل العام التركي في حلب، حيث قام أولا بزيارة مكتب محافظ النظام "عباس النعيم" والتقى به، حيث كانت هناك آثار رصاص عند مدخل المكتب وعلى الدرج المؤدي إليه، وقال "النعيم" إن هذه الآثار نتيجة هجمات من قبل جماعات مسلحة، وفي وقت لاحق، رافقهم في جولة بالمدينة.
وأوضح السفير التركي أنه أجروا جولة في أحياء قبق والحميدية وسرجاوي والصابونية التي قيل إنها كانت مركزا للأحداث، ثم أخذهم محافظ النظام إلى مخفر الشرطة وفرع المرور ودار القضاء ونادي الضباط، حيث كانت هذه المباني محترقة كليا أو جزئيا، وكان هناك آثار رصاص على الجدران وسيارات محترقة في مواقف السيارات، وزعم إن المتظاهرين والجماعات المسلحة هم من فعل ذلك.
وأشار إلى أنهم وبناء على طلبهم، توجهوا إلى مستشفى الحوراني، الذي اشتهر بمعالجة الجرحى من المتظاهرين، حيث كانت جدران المشفى مليئة بآثار الرصاص والنوافذ محطّمة، وأخبرهم شهود عيان أن قوات الأمن والمعارضين الذين يحمون الجرحى في المستشفى كانوا قد اشتبكوا في تبادل لإطلاق النار.
ثم توجهوا إلى زاوية مسجد السرجاوي، حيث وقعت اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل كثير من الأشخاص، وقال محافظ النظام إن هذا المكان خطير وهناك مجموعات مسلحة حولهم يمكنها إلحاق الضرر بهم، وبينما كانوا ينظرون إلى المسجد من بعيد، أخذهم "النعيم" إلى مسجد عمر بن الخطاب في وسط المدينة وغادر حتى يتمكنوا من التجول، إلا أنهم وفور مغادرته عادوا إلى مسجد السرجاوي، وشاركوا الأشخاص داخل المسجد والبالغ عددهم 50 إلى 60 شخصا، التجارب التي عاشوها، وأخبروهم أن اليوم هو اليوم الأول الذي يسمح فيه بفتح المساجد منذ عدة أيام، ويبدو أن السبب وراء ذلك كان زيارتهم للمدينة، إذ أراد النظام أن يُظهر لهم أن الأمور عادت إلى طبيعتها.
وذكر أنهم وبينما كانوا ينظرون إلى المسجد من بعيد، أخذهم "النعيم" إلى مسجد عمر بن الخطاب في وسط المدينة وغادر حتى يتمكنون من التجول، إلا أنهم وفور مغادرته، عادوا إلى مسجد السرجاوي.
وأضاف، أنهم شاركوا الأشخاص الموجودين داخل المسجد والبالغ عددهم 50 إلى 60 شخصا التجارب التي عاشوها، وأخبروهم أن اليوم هو اليوم الأول الذي يسمح فيه بفتح المساجد منذ عدة أيام، ويبدو أن السبب وراء ذلك كان زيارتهم للمدينة، إذ أراد النظام أن يُظهر لهم أن الأمور عادت إلى طبيعتها.
ونوه إلى أن هؤلاء الأشخاص اصطحبوهم إلى قسم النساء في الطابق العلوي من المسجد، وإلى غرفة دروس القرآن في الطابق السفلي، وأفادوا بأن قوات الأمن اقتحمت المسجد بالقوة، وحطمت أبوابه ودمرت كل ما بداخله، وألقت المصاحف والكتب والمقتنيات الأخرى على الأرض، وحطمت أجهزة التلفاز والأجهزة الإلكترونية، إضافة إلى ذلك، تعرضت منارة المسجد إلى التدمير جزئيا بنيران الرشاشات الثقيلة.
وأوضح أنه بجانب المسجد كانت هناك حديقة، دفن الناس فيها موتاهم، لأنه لم يُسمح لهم بنقلهم إلى المقابر، حيث أحصوا هناك 16 قبرا لأشخاص قتلوا أثناء المظاهرات على أيدي قوات الأمن، وهنالك طبيب تحدثوا معه وأخبرهم أنه كان يعمل في مستشفى الريس، حيث كان يعالج المصابين داخل الأروقة بسبب نقص المساحة، وأن 700 شخص قتلوا في حماة منذ بداية الأزمة.
وأشار المتحدث إلى أنه كان عليهم التحقق من عدم وجود عربات مصفحة في المدينة، فعلى الرغم من أن المحافظ أكد عدم دخول أي عربة مصفحة تحت أي ظرف من الظروف، إلا أن آثار المركبات المصفحة كانت واضحة جدا على الطرق الرئيسة والثانوية، والمعلومات التي استطاعوا جمعها من الأهالي ومن مصادرهم الخاصة تفيد أن معظم المدرعات التي استخدمت في العمليات بمدينة حماة، كانت ناقلات جند من طراز "BMP-1" مع رشاشات ثقيلة ومدافع مصفحة، ومضادة للطائرات من طراز "ZSU-23"، ونُشرت أيضا دبابات في محيط المدينة وساحاتها الرئيسية.
وأوضح أن معظم المركبات المصفحة غادرت المدينة الليلة الماضية، وغادر البعض الآخر في وقت مبكر من صباح اليوم، وتم سحب جميع تلك المركبات إلى ثكنات خارج مدينة حماة، وأرسل البعض الباقي إلى الريف ومناطق أخرى لاستخدامها في العمليات.
وقال إن الحواجز والرشاشات الآلية توزعت في الساحة في مدخل حماة، وفي الشوارع الرئيسة، خصوصا في ساحة العاصي حيث يقع مكتب المحافظ، وكانت تفتش كافة المركبات التي تمر من هناك، ويجري تفتيش المشاة جسديا، وكانت حركة المرور بطيئة وعدد المشاة قليل جدا في المدينة، وتم إغلاق جميع المتاجر تقريبا.
وقال لهم المحافظ، إن المتظاهرين حطموا أعمدة الكهرباء من أجل استخدامها في إقامة المتاريس، فيما شاهدوا كثيرا من المباني التي تحمل آثار طلقات الرصاص، إضافة إلى بعض المنازل التي أصيبت بالقذائف، حيث أكد الناس هناك أن المركبات المصفحة استهدفت المباني بشكل عشوائي لترويع الناس ونشر الخوف.
وأوضح "أوهون" أنهم عادوا فيما بعد إلى مسجد عمر بن الخطاب، الذي كان أكبر مسجد بالمدينة، وهو المكان الذي خرجت منه أكبر المظاهرات، أجروا مقابلات مع نحو 60 شخصا كانوا موجودين هناك، وقالوا فيها إن هذا المسجد كباقي مساجد حماة، فُتح اليوم لأول مرة منذ بدء العمليات، وحدثوهم عن دخول القوات الأمنية للمسجد خلال العمليات وتسببها في دماره، كما قرأوا الشعارات التي كتبتها القوات الأمنية على جدران المسجد، مثل: "سوريا والله وبشار"، و"أهل حماة إذا خرجتم إلى الشارع نعود"، و"رجال الأسد مدينة الأسد".
وعرض لهم الناس صورا للاشتباكات وقال أحدهم إن ابن عمه قتل برصاص قوات الأمن أثناء العمليات، ومرت فوقه عربة مصفحة ثلاث مرات، بعد إطلاق النار عليه وتسببت في قطع جسده إلى قطعتين، وأرشدهم بعض الشباب من لجان التنسيق وأخبروهم بما حدث، وأثناء تحرك موكبهم في المدينة، تم تسليمهم أقراصا مدمجة وبطاقات ذاكرة، تحتوي على صور للاشتباكات في المدينة.
وفي وقت لاحق، عند أطراف مدينة حماة، أكد أحد مصادرهم أن اللواء المدرع 47 دخل مدينة حماة واستخدموا أساليب قمع قاسية ضد المتظاهرين، وتم تحويل مصنع السيراميك الموجود خارج المدينة إلى مركز اعتقال واستجواب، وقيل لهم إن صرخات المعتقلين داخله كانت تُسمع ليل نهار.
وذكر أنهم غادروا مدينة حماة نحو الساعة الخامسة والنصف مساء، خلال وجودهم في مدينة حماة، أجرى اتصالا هاتفيا عبر الأقمار الصناعية مع الوزير داود أوغلو لإطلاعه بإيجاز على مجريات الزيارة، وبعد عودته إلى السفارة، أرسل تقريرا مكتوبا إلى وزارته
وقال في التقرير باختصار "شهدت مدينة حماة مأساة أخرى، حيث قتل وأصيب كثير من الأشخاص من المعارضة، والبعض من النظام. كنا قادرين على التحرك في حماة دون قيود، إذ حافظ الرئيس الأسد على وعده بهذا الصدد، لقد انسحبت المركبات المصفحة ولكن إلى مواقع قريبة، ومن المرجح أنها ستعود إذا اقتضى الأمر، وتنتشر الوحدات العسكرية وقوات الأمن بوضوح في المدينة عند حواجز التفتيش وغيرها".
ولفت إلى أن الحكومة التركية اعتبرت أن الأسد كان يماطل ولا ينوي الوفاء بوعوده واتخاذ الخطوات اللازمة لوقف الأزمة، وتدهورت العلاقات بين البلدين تدريجيا وبشكل متزايد، إلى أن علقت تركيا علاقاتها مع النظام أخيرا في مارس/آذار 2012، فأغلقت أبواب السفارة في دمشق وعادوا إلى أنقرة.