سي إن إن - (ترجمة بلدي نيوز)
في مقابلة له مع قناة (CNN) الأمريكية، ظهر زميلٌ سابقٌ للديكتاتور السوري بشار الأسد، درس معه سابقاً في كلية الطب، الطبيب زاهر سحلول رئيس لجنة المجتمع الطبيّ السوري-الأمريكي، والذي سألته المذيعة الإخباريّة في قناة (CNN) عن عدد المرّات التي رأى فيها الأسد الابن، أجابها بأنه "كان زميلاً لي في الدراسة، إذ كنّا وإياه ندرس في الصفّ ذاته في كلية الطب العام، لقد التقيت به ولعدّة مرات، حيث كنّا نلقي بالتحيّة على بعضنا البعض، ونتحدث ببعض الأحاديث العارضة، وبعد أن أصبح رئيساً التقينا ثلاث مرات، كجزء من مؤتمرات المجتمع الطبيّ السوري-الأمريكي، حيث اعتدنا على القيام بمهمّات طبيّة في سوريا، وأذكر في أحد المراّت أنّ الأسد ذكر بأنه يفضّل أن يكون طبيباً عاملاً مثلنا، على أن يكون رئيساً."
كما وصف سحلول بشار الأسد عندما كان طالباً في كليّة الطب، بأنه كان "شخصاً متواضعاً، لم يكن لديه أي من المشاكل، حيث لم يُنظَر إليه حينها بكونه وحشِيّ، أو عديم الرّحمة، أو ذو شخصيّة متغطرسة، حيث أنّ معظمنا لم يكن يتوقّع له بأن يصبح هذا الشخص الذي أصبح عليه الآن".
وأردف الطبيب سحلول قائلاً بأن "بشار الأسد، يُنظر إليه الآن على نطاق واسع بأنه الشخص الذي دمّر أكثر من نصف بلاده، والذي قتل أكثر من نصف مليون مواطن، وكان السّبب في نزوح وتهجير أكثر من 12 مليون مواطن سوريّ، مُدمِّراً الكثير من المدن السوريّة، والكثير من المعالم التاريخية السوريّة، حيث لم يكن أحد منّا ليتوقّع أن يصبح الأسد وحشيّاً إلى هذه الدرجة."
وحينما شدّدت مذيعة ال (CNN) على التقاء بعض زملاء الأسد السّابقين به في عام 2011 عقب اندلاع الثورة الشّعبية ضده، وعن قراءتهم لما كان يجول في خاطر الأسد حينها، أجاب الطبيب سحلول قائلاً: "لقد شعروا بأن الأسد كان يشعر بالخذلان، وبأن هنالك مؤامرة كبرى ضدّه بقيادة الولايات المتحدّة، المملكة العربية السعودية، وتركيا، وبلدان كثيرة أخرى."
كما عقّب بأن "الأسد كان على علم حقيقي بما يحدث في سوريا، وكيفيّة قيادة كلّ من مدنها"، كما استطرد الطبيب في سرده لقصّة على لسان بشّار الأسد حيث ظهر فيها شعور اللّامبالاة والوحشيّة التي تكمن في نفس الأسد، قائلاً بأن "هنالك إحدى القصص التي قد تساعدنا في كشف كيفيّة رؤية الأسد لما يحدث، حيث قام أحد أصدقائي بسؤاله عن الطفل حمزة الخطيب، (ذلك الطفل الذي عُذِّب حتى الموت، في أقبية مخابرات نظام الأسد في دمينة درعا)، حيث نظر إليه الأسد ومن ثمّ أجابه دون أي مبالاة، أتعلم كم من الأخوة لحمزة الخطيب؟، حيث فوجئ صديقي حينها بشدّة لهذا الردّ غير المتوقّع، بينما أضاف بشّار قائلاً له: إن لديه 13 أخاً، قبل أن يبدأ الأسد بالضحك، وفي ذلك الوقت علم صديقي بأن تلك الإجابة لم تكن بطبيعيّة على الإطلاق، وإنني أظنّ بأن تلك هي الطريقة التي يفكّر بها الأسد، بأنه وفي بعض الأحيان تقوم بخسارة الأطفال ولكن ذلك ليس بالأمر الهامّ إذا ما كنت تنظر للأمر بشكل مجمل."
لقد كانت قسمات وجه المذيعة تدل عن صدمة وحيرة، حيث علّقت على أن ذلك التصرّف للأسد كان غريباً بالفعل، بينما سارعت بسؤال الطبيب سحلول عن زيارته لحلب قبل عدّة أسابيع، بالرغم من الطريق المحفوف بالمخاطر وخطر المكان بحدّ ذاته، وكيف أنّه قام بالمخاطرة بحياته للمساعدة في معالجة بعض المصابين، وعن شهادته لما رآه في زيارته لمدينة حلب المنكوبة.
أجاب الطبيب على ذلك السؤال واصفاً: "لقد كانت هذه "خامس" مهمّاتي في حلب، حيث أنني أؤكّد لكم بأنّها كانت الأسوأ بالمقارنة مع زياراتي السابقة للمدينة، ومّما جعل من الأمر أكثر سوءاً وتعقيداً هو أن طريق الكاستيلّو، الطريق الوحيد القادم من تركيا إلى مدينة حلب، يتعرّض للقصف في كل يوم، حيث كان هنالك العديد من الإصابات إثر ذلك، لقد رأيت ضحايا للبراميل المتفجّرة، كما أنني عملت في مستشفى تقع تحت سطح الأرض، لأنها قُصِفت ل 17 مرة متتالية في السنوات الأربع الماضية، لقد قمت بزيارة أربع مستشفيات تم استهداف كلّ منها من قبل سلاح جو نظام الأسد وروسيا، ولعدّة مرات."
وعن شهادته في مدينة حلب، أضاف الطبيب متأثّراً: "لقد رأيت طفلاً يُدعى "أحمد"، يبلغ من العمر خمس سنوات، والذي كان يعاني من إصابة في العمود الفقري، بسبب إصابته بشظية من برميل متفجّر، حيث كان متواجداً في غرفة العناية المشدّدة، موصولاً بجهاز العناية الطبي، لقد توفّي أحمد في اليوم الذي تلا مغادرتي متأثراً بإصابته عقب معاناته من سكتة قلبيّة، طفل ذو خمس سنوات، إن ذلك أمر جلل، لم يكن الأول، وللأسف فلن يكون الأخير في ظل ما نشهده من تخاذل."
في النهاية، شتّان ما بين طبيب قاتل، وطبيب إنسانيّ يخاطر بحياته ليحاول فعل ما يستطيع لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المدنيين، لربما تتشابه الظروف والعوامل لدى الكثيرين، ولكن وكالمثال الموجود أمامنا، فإن وجود الإنسانية والرحمة، تعلو على كل المناصب والثروات والسلطات.