لماذا يخرج الأطفال غير باكين من تحت ركام زلزال سوريا وتركيا - It's Over 9000!

لماذا يخرج الأطفال غير باكين من تحت ركام زلزال سوريا وتركيا


بلدي نيوز

أبكت ردود أفعال الأطفال الذين تم إنقاذهم من تحت الأنقاض، جراء الزلزال بسوريا وتركيا الملايين، فإحداهن تحكي أن جميع من معها متوفون، وهي الوحيدة الناجية، وأخرى تم إنقاذها مع والدها تطلب الكثير من الكولا، موجهة قبلة جميلة في الهواء، ربما هي "قبلة الحياة" كما وصفها وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة.

الدكتورة وفاء محمد أبو موسى المتخصصة في الدعم النفسي للكوارث والأزمات، والحاصلة على دكتوراه في الدعم النفسي بالسيكودراما، تحدثت عن أهمية الدعم النفسي لهؤلاء الأطفال وتأثير هذه الكارثة على الناجين منها، لموقع الجزيرة نت.

وقالت أبو موسى، إن ما نراه ظاهرا على أطفال الزلزال الناجين، يعبر عن الصدمة النفسية التي تعرضوا لها بالأساس.

وأضافت أن أعراض الصدمة النفسية تختلف من حدث إلى آخر وحسب ما مر به الطفل بالفعل خلال هذه الصدمة، كما يختلف بناء على شخصية كل طفل وبنيته النفسية التي تتبع للبيئة التي نشأ فيها، والظروف التي مر بها خلال وقوع الصدمة.

وتابعت "لذا نجد أن هناك أطفالا تلقوا الصدمة بذهول وفقد للوعي، وأطفالا تلقوا الصدمة من خلال الصمت والبكم والتبلد الكامل دون أي رد فعل، أما النوع الثالث فهم الأطفال ممن يصرخون ويبكون ويعبرون عن آلامهم".

وشرحت أنه لكل نوع من هذه الصدمات طريقة للتعامل معها، لكن جميعها يحتاج فيها الطفل إلى الدعم الفردي والجماعي، وإتاحة الفرصة للتعبير عما حدث بشتى الطرق من خلال السيكودراما، والرسم أو الكتابة التعبيرية أو الحكي أو غيرها.

وقالت إن صبر بعض الأطفال على هذا البلاء، هو ناتج عن البنية النفسية والطبيعة الشخصية لهم، فالصدمة تكون أهون على الأطفال الذين حضنهم والداهم أثناء الزلزال، أو حموهم من وقوع الأحجار والأتربة عليهم، وبخروج هؤلاء الأطفال من تحت الأنقاض تكون الأعراض لديهم مختلفة عن الأطفال الذين مات والداهم أمامهم، أو من كان أبواهم بعيدين عنهم.

كذلك، فإن الأطفال الذين تلقوا رعاية واهتماما وبيئة حاضنة من الأهل، يكونون أقدر على تلقي الصدمة وأكثر شجاعة، أما الأطفال أصحاب البنية النفسية الضعيفة، فهم يتلقون الأمر بفجع وذهول وعدم تحمل، لأن قدراتهم النفسية غير متينة لمواجهة الصدمة وفقا للدكتورة "أبو موسى".

وحول تأثير بقاء بعض الأطفال الناجين بجوار جثث أحبائهم، ساعات طويلة قبل الإنقاذ، قالت "لكل طفل قصة ومشهد صعب عاشه تحت الأنقاض، وقد سُجل في النفس والذاكرة بمؤشرات ووصلات عصبية سوداء ليس من السهل محوها ولا يتم تجاوزها إلا بالدعم النفسي المتخصص".

وأضافت أن ذلك مؤلم جدا وله أثر نفسي سلبي كبير، وعلى الرغم من تلقي العلاج والدعم النفسي، فإنها ستبقى ذكرى مسجلة إلى الأبد في أدمغة هؤلاء الأطفال.

وأكدت أن "أول شيء يجب منحه لمن يتم إنقاذه من الموت -سواء كان صغيرا أو كبيرا- هو التبسم في وجهه، فهي أولى خطوات الأمان، ثم لفه ببطانية لأنه يخرج من تحت الأنقاض مرتجفا مليئا بالخوف، والشعور بالخوف يحتاج إلى الأمان والاحتضان".

وتابعت بعد ذلك يتم نقله إلى مكان آمن وتفقد أي جروح وأي ألم جسدي، ثم البدء في الاطمئنان عليه وطرح بعض عبارات المساندة مثل "الحمد لله على سلامتك"، "أنت موجود معنا الآن"، "نحن معك".

وأكدت أن "الأطفال لن يفقدوا طفولتهم أبدا، لكنهم يتفاعلون مع ما مروا به كل حسب شخصيته وبنيته النفسية، فالبعض واجه الموقف بشجاعة وساعد المنقذين على إيجاده، والبعض تعرض للانهيار".

وتابعت "لكن نظرا لصعوبة الحدث فسيتأثر الجميع، على الرغم من اختلاف نفسياتهم ومهما كانت قوتهم، وفي النهاية فإن الدعم النفسي المتخصص قادر على مساعدة وإحياء نفوس هؤلاء الأطفال من جديد على الرغم من الفقد والألم الذي مروا به، وفقا للخبيرة النفسية".

وحذرت من وضع للأطفال الذين فقدوا جميع أهلهم في الحاضنات الجماعية المعروفة باسم "دور الأيتام"، خصوصا في المراحل الأولى بعد إنقاذ حياتهم، بل يجب تهيئة بيئة آمنة تماما بعيدة عن أي استفزازات أو اعتداءات أو أي نوع من أنواع العنف الممارس.

وأوضحت أنه يجب وضع هؤلاء الأطفال مع عائلات من أقاربهم أو أي عائلة أخرى مهيأة لمساعدتهم، ومن المهم في هذه المرحلة أن يشعر الطفل بالوجود العائلي بعد فقده أهله.

ولفتت إلى أنه يجب أن يعيش الطفل حياة اعتيادية بمكان آمن لفترة لا تقل عن أسبوعين على الأقل، مع وجود متخصصين مجهزين لردود الفعل التي قد تخرج منه خلال هذه الفترة لأنها أهم فترة بعد الصدمة، وخلالها يبدأ الطفل في الاستفاقة من الصدمة وتبدأ الذاكرة في استحضار ما حدث، في هذه البيئة الآمنة المتخصصة يمكن مساعدته على تجاوز الصدمة والكرب الكبير الذي مر به.

وبينت أنه حتى في حال كان الطفل يتصرف بشكل طبيعي وليس لديه رد فعل، فهذا لا يدعو إلى الاطمئنان لأنه يوجد خلف هذه السلوكيات العادية الكثير من ردود الفعل النفسية المكتومة، التي يجب مساعدته على التعبير عنها من خلال المتخصصين.

وعن نوعية الدعم النفسي الذي يقدم لهؤلاء الأطفال على المديين القصير والبعيد، قالت الخبيرة النفسية إن الدعم النفسي يعتبر بمثابة "المضاد الحيوي" لتجاوز الصدمة والدعم النفسي الأولي، يقدمه المنقذون والمسعفون ومن يستقبل الطفل الناجي من الصدمة، ثم يتم وضعه في مكان آمن حتى يفيق من الصدمة التي تستغرق من 3 أيام إلى أسبوعين حتى يستوعب ما حدث، ويحتاج الطفل إلى التعاطف بشكل رئيسي خلال هذه المرحلة "مرحلة ممارسة الحزن".

بينما الدعم النفسي المتخصص الذي يقدم للطفل بعد أسبوعين أو 10 أيام حسب الأعراض وحالته الظاهرة، وهنا يتم التفاعل مع الطفل ومحاولة مساعدته على التعبير عن الصدمة والأزمة من خلال بعض الطرق، وكذلك حثه على وصف ما حدث معه من مشاعر وأفكار متعلقة بالزلزال.

ولفتت أن الدعم المتخصص  يساعد على تخطي ما حدث له من صور الاضطرابات ما بعد الصدمة، مثل فقد القدرة على النوم أو الكلام أو تخطي مرحلة البكاء والصور التي تلح على الذاكرة وفقدان الشهية والتصرف بعنف وغيرها من صور.

وبينت أن تجاوز الأزمة يحتاج إلى وقت طويل، والمتخصصون هم من يحددون ذلك بناء على حالة كل طفل وحسب ما مر به من صدمات، وبشكل عام يكون التجاوز المبدئي من أسبوع إلى أسبوعين، أما تجاوز اضطرابات ما بعد الصدمة فيحتاج إلى عام وأكثر.

المصدر: الجزيرة نت

مقالات ذات صلة

لافروف"اختلاف المواقف بين دمشق وأنقرة أدى إلى توقف عملية التفاوض"

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي

حريق منزلي في ميزتلي التابعة لولاية مرسين يودي بحياة عاملين سوريين

نجاة طفلين سوريين من حريق منزلي في تركيا

تركيا تطالب مجلس الامن بوضع "الكردستاني" وأذرعه في سوريا على لوائح الإرهاب

تعديلات قانون العمل وتأثيرها على العمالة السورية في تركيا