بلدي نيوز – درعا (مهند الحوراني)
لطالما كانت حماية المرافق العامة والمواقع الأثرية من أبرز الصعوبات التي تواجه الثوار في سوريا عموما ودرعا خصوصا، وذلك نتيجة المساحة الجغرافية الكبيرة للمناطق المحررة وبُعد المواقع الأثرية عن بعضها وانتشار السلاح بأيدي المدنيين، الأمر الذي أدى لحصول العديد من التجاوزات، والتي كان آخرها العبث بالخط الحديدي الحجازي الذي يعتبر من أقدم خطوط السكك الحديدية، والذي كان قد أنشئ في عهد الدولة العثمانية بداية القرن العشرين، رابطا بين تركيا والشام والأردن وصولا للحجاز والأماكن المقدسة حتى المدينة المنورة، واستمر تشغيل هذا الخط إلى أن دُمِّر سنة 1916م خلال الحرب العالمية الأولى.
وانتشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر أجزاء من السكة بين بلدتي أم المياذن ونصيب بالريف الشرقي لدرعا، وقد فككت، في محاولة قال البعض إنها تهدف لبيع حديد السكة أو للتنقيب تحتها عن الآثار واللقى الذهبية التي تنتشر بكثرة على طول الخط الحديد بحسب سكان المنطقة.
المحامي عبد المنعم فالح الخليل، مدير المكتب القانوني لمؤسسة يقين الإعلامية ومديرها سابقا تحدث لبلدي نيوز عن الظاهرة قائلاً: "إن السبب وراء انتشار هذه الظواهر أخلاقي بالدرجة الأولى، فاللصوص لا يملكون أخلاقا ولا يمتنعون عن فعل السوء والإضرار بالبشر والممتلكات العامة والخاصة في سبيل الحصول على المال بدون أي جهد أو عناء".
وقد ساعدهم على ذلك، بحسب الخليل "فوضى السلاح وامتلاكهم له وعدم وجود الرادع الديني والأخلاقي والقانوني، وعدم وجودة قوة من الفصائل المسلحة المختصة والمكلفة بالحفاظ على المنشآة والأملاك العامة، لتبقى هذه الأملاك مرتعا خصبا للصوص وضعاف النفوس الذين يضمرون الشر والخراب لهذا الوطن، ناهيك عن ضعف السلطة القضائية المتمثلة بدار العدل في حوران، فهي غائبة تماما عن الساحة ولا تعرف بهذه التجاوزات إلا من خلال شبكة التواصل الاجتماعي، وتغمض عينيها وكأن شيئاً لم يكن".
بينما اعتبر باسل المفعلاني، وهو ناشط إعلامي من درعا، في حديثه لبلدي نيوز، أن "مشكلة السكك ثانوية بمقابل التجاوزات التي تتم على خطوط المياه أو الكهرباء، ومع ذلك لا يوجد سلطة بسبب انتشار السلاح الكبير بين الناس، كما أن انتشار العصابات تحت مسميات مختلفة وحماية هذه المسميات للعصابات كان لها الدور الأكبر في ذلك".
يذكر أن اتساع رقعة المناطق المحررة وضعف الإمكانيات المتوفرة لدى تشكيلات الثوار لحماية السكة الحديدية (الخط الحديدي الحجازي) وكثرة وجود الآثار القديمة في محافظة درعا، أدى إلى كثرة عمليات التنقيب العشوائي في المحافظة، وذلك للبحث عن اللقى الأثرية والليرات الذهبية المدفونة في المنطقة كما يشاع.
ولا تزال تشكيلات الثوار تسعى جاهدة للحد من هذه الظواهر عبر تيسير دوريات ليلية وخصوصا في البلدات الأثرية والقديمة كبصرى الشام، إلا أن هذه الجهود تفتقر للكفاءة في ظل الخبرات المتواضعة لدى الثوار لتشكيل دوريات أمنية عالية المستوى لتكون قادرة على حماية الآثار والقبض على المتورطين في هكذا عمليات وتسليمهم لدار العدل.