لعبة "الأسد" المكشوفة.. حفلات غناء وإقبال على الذهب هل سوريا بخير؟ - It's Over 9000!

لعبة "الأسد" المكشوفة.. حفلات غناء وإقبال على الذهب هل سوريا بخير؟


بلدي نيوز - (فراس عزالدين)

"سوريا بخير".. مقولة لطالما دندن وعزف عليها رأس النظام بشار اﻷسد، وجوقته من المسؤولين الموالين، في معظم المناسبات، ورغم أنها بقيت في إطار "الشعارات" حتى وقتٍ قريب، إﻻ أنّ ملامح جديدة، تشكلت مؤخراً، على الساحة السورية في الداخل، أفضت إلى طرح سؤال؛ "سوريا إلى أين؟".

تقارب تركي – سوري

مع التسريبات والتصريحات التركية، حول إمكانية التعاون مع نظام اﻷسد، وما تبعها من جدلٍ، سواء من ناحية النظام نفسه أو حتى من طرف حكومة أنقرة، إﻻ أن مراقبين، يؤكدون إمكانية حلحلت "الملف السوري" تدريجيًا وفق خطوات وتوافقات دولية، تبدأ في "حل ملف اللاجئين"، و"المختفين قسريًا"، ودون شك "التطمينات الداخلية" من طرف "بشار اﻷسد" نفسه.

رسائل تطمين

الخدمة الإلزامية

عمليًا بدأ اﻷسد، منذ شباط/فبراير الفائت، خطوة في هذا اﻻتجاه، عبر إصدار مرسوم تسريح دفعة جديدة من ضباط وصف ضباط وأفراد من قواته الاحتياطيين، وما تحمله معها من معانٍ، ورسائل للداخل، توحي بأن "الحرب" انتهت.

تبع تلك الخطوة، مؤخرا، ما يشابهها، حيث أصدر رأس النظام بشار الأسد، يوم الاثنين 29 آب / أغسطس، مرسوماً بقبول عدد من طلاب كليات الطب ومن حملة الإجازة في الطب كملتزمين بالخدمة لدى الجهات العامة.

وبحسب المرسوم، يعين الخريج المشمول بأحكام هذا المرسوم في إحدى الجهات المعنية بالقطاع الصحي دون الحاجة إلى مسابقة، ويلتزم المقبول بالخدمة مدة عشر سنوات، وتعد خدمة العلم من مدة الالتزام. وهذه النقطة اﻷخيرة هي الغاية اﻷساسية التي أراد النظام السوري، قولها، والتصريح بها.

ما يعني أن "الخدمة اﻹلزامية" أصبح من الممكن تأديتها في دوائر حكومية مدنية!

حفلات غناء ورقص

ورغم ما تؤكده التقارير اليومية الصادرة عن اﻹعلام الموالي، بشقيه الرسمي والرديف، حول تدهور اﻷوضاع المعيشية واﻻقتصادية، وتردي الوضع الخدمي، إﻻ أنّ التهليل مؤخرًا تحوّل للحديث عن إقامة "حفلات غنائية" بحضور المطرب المصري "هاني شاكر"، وما سيحمله حضوره من "رسائل تطمين" سياسي ومحلي.

اللافت أن تهليل اﻹعلام الموالي، لمثل تلك الحفلات "المكلفة" مقارنة مع "جيوب السوريين الفارغة"، ومع "خواء اﻷمعاء"، يؤكد صحة ما اتجه إليه نشطاء ومراقبون للقول بأنّ "النظام" ﻻ يسعى إﻻ للتأكيد على مقولته القديمة "سوريا بخير".

بالتالي؛ حسم ملف اللاجئين في دول اﻻغتراب، والدفع بتلك الدول المستضيفة ﻹعادتهم تحت مسمى "البلاد آمنة".

الذهب له بصمته

وعلى نفس الوتر، عزف رئيس جمعية الصاغة بدمشق، غسان جزماتي، في تصريحٍ له، زعم فيه إقبال الناس على شراء الذهب، خلال هذا الموسم والعام الفائت.

واستعجل جزماتي في بث الرسالة ذاتها وبأسلوبٍ واضح، حين قال؛ "هذا مؤشر أن سوريا بخير"!

بالمقابل؛ أغفل جزماتي، أن لجوء الناس للذهب ليس مؤشرًا اقتصاديًا على تحسن اﻷوضاع المعيشية، بل على العكس، في منطقة تشهد انهيار سعر العملة الوطنية، وتوقعات بمزيد من تردي اﻷوضاع المعيشية، يصبح التوجه للمعدن اﻷصفر، أو الورقة الخضراء "الدوﻻر اﻷمريكي" أحد حلول الحفاظ على رأس المال، أو "خطوة لضمان المستقبل".

ويؤكد مراسلنا أن معظم الزيجات اليوم، لم تعد فيها المهور تدفع بالليرة السورية، وإنما بـ"الليرة الذهبية"، بل إن التوجه مؤخرا من بيع العقارات وتسديد الذمم الكبيرة من ديون وغيرها تحول إلى التعامل "بالذهب".

حقوق اﻹنسان تقول كلمتها

وبعد مرسوم اﻷسد السابق، بيومٍ واحد، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء 30 آب/أغسطس، تقريرها السنوي الحادي عشر عن الاختفاء القسري في سوريا، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يصادف 30 من آب من كل عام.

وقالت فيه إنَّ قرابة 111 ألف مواطن مختفٍ قسرياً منذ آذار 2011 حتى آب 2022، غالبيتهم العظمى لدى النظام السوري، مما يشكل جريمة ضد الإنسانية، ولفتنا إلى تفاصيل التقرير بشكل منفرد ومفصّل، حيث توثق أرقامًا هائلة في هذا الجانب.

ثقة مفقودة:

وفي السياق ذاته؛ تعددت الحوادث التي تشير إلى ثبات النظام على سياسته اﻷمنية، بحق اللاجئين السوريين، ممن قرر العودة إلى البلاد، تحت ظروفٍ مختلفة، من جملتها تصديق الدعاية اﻹعلامية التي يقدمها النظام، حول تحسن اﻷوضاع، وبما فيها ما يسمى "مرسوم العفو".

ووفقًا لمراسلنا؛ فإن أحد الشباب يدعى محمد درباس، راودتهم نفسه بالعودة فعاد ومات في المعتقل وآخر في ريف دمشق، عاد بعد تسوية وضعه، وحصوله على بطاقة أمنية من "مطار حميميم" بلغت تكلفتها ما يزيد عن 6 ملايين ل.س، ولا يعرف مصيره اليوم، بعد استدعائه إلى أحد اﻷفرع اﻷمنية للمراجعة كما جاء في طلب اﻻستدعاء.

بالمحصلة؛ شريحة كبيرة ممن يوصفون بـ"الرماديين"، فقدوا الثقة، بـ"حكومة النظام" و"النظام نفسه"، أمام المشهد السابق.

سجن عدرا يغني:

آخر الحفلات الغنائية، وفق اﻹعلام الموالي، كان في "سجن عدرا" أحد ما يصفه الحقوقيون بالمسالخ البشرية، على اختلاف شدّة التعامل فيه مقارنة باﻷفرع اﻷمنية وأقبيتها.

ويرى حقوقيون في حديثهم لبلدي نيوز؛ أن مثل تلك الرسائل، واضحة المعالم، يسعى من خلالها نظام اﻷسد للتأكيد على مراعته لـ "حقوق اﻹنسان" وتحديدًا "السجناء"، إﻻ أنه أغفل مصير "سجناء الرأي" القابعين منذ عقد على اﻷقل في أقبية اﻷفرع اﻷمنية.

ويشار إلى أن سجن عدرا "سجن جنائي" لا رمزية له في ملف الحراك الثوري السوري.

إلى أين؟

البوصلة تؤكد أن اﻻتجاه العام للتطبيع مع اﻷسد قائم، إﻻ أن اﻷحداث العالمية، في مقدمتها وعلى رأسها الصراع الروسي - اﻷمريكي، في الساحة اﻷوكرانية، سيلقي بأثره بشكلٍ واضح على تحوﻻت سياسية وعسكرية في "سوريا" ضمن بسط أجندات الطرفين، واﻻتفاق على "قاسمٍ مشترك" عبر التفاوض، وﻻ قيمة أو معنى "لحفلات الغناء والرقص أو حتى إقبال السوريين على الذهب"، أمام وقائع صادمة و"دولة على حافة اﻻنهيار خدميًا واقتصاديًا".

ما مصير اللاجئين؟

أمام المشهد السابق يبقى "السؤال مقلقًا" بالنسبة لمصير "الملايين من اللاجئين السوريين"، وما يحسم الجدل حوله يتلخص في ما أورده نص "اتفاقية حقوق اللاجئين" التي وقعت عليها كافة الدول الخاضعة لشرعة الأمم المتحدة، عام 1951 بنص صريح وواضح، لا يمكن لدولة أو زعيم سياسي أو جهاز أمني في الدولة المضيفة، من بين مئة وتسع وثلاثين دولة وقعت على اتفاقية حماية اللاجئين، من إعادتهم قسرًا إلى موطنهم الأصلي.

زوبعة في فنجان

ختاما، الوضع الرهن في سوريا، سيبقى قائمًا، ما لم يحدث اتفاق دولي حقيقي، بين الأطراف الكبرى اللاعب الحقيقي على الساحة، وكل ما سبق يبقى في إطار الدعاية اﻹعلامية، وكما يقال "زوبعة في فنجان"، خاصةً أن مقومات الدولة منهارة من جهة "الخدمات واﻻقتصاد" وارتفاع وتفشي مظاهر مختلفة للفساد، والتشدد الأمني وتوغله في مفاصل المجتمع والقطاعات المختلفة، التي ستصد أي فكرة بالرجوع إلى ما يسمى بـ"حضن الوطن".

ومعظم المؤشرات التي سقط فيها إعلام النظام، عبر الترويج للفساد الحكومي، بصورةٍ يومية، وضخ مئات التقارير بهذا الجانب، تفند مقولة وشعار "سوريا بخير".

مقالات ذات صلة

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

أردوغان: لدينا تواصل مستمر مع الإدارة الجديدة في سوريا

تجار هولنديون يبدون رغبتهم لتجديد تجارتهم في سوريا

قسد تقترح حلا لمدينة عين العرب شمال شرق حلب

مشروع خط غاز "قطر - تركيا" يعود إلى الواجهة من جديد

أزمة حادة في اليد العاملة بتركيا بعد عودة عدد كبير من العمال السوريين إلى بلدهم

//