بلدي نيوز - (مصعب الأشقر)
يحتفل الصحفيون حول العالم 3 أيار بيوم حرية الصحافة، حيث يتعرض العاملون بالإعلام لانتهاكات جسيمة في بلدان عدة من العالم ومنها سوريا، التي برز فيها دور المواطن الصحفي مع انطلاقة الثورة في 2011، حيث عمل الصحفيون والنشطاء على توثيق الانتهاكات بحق المدنيين بكافة أشكالها خلال الـ11 الماضية.
وخلال سنوات الثورة، تميز العاملون في الإعلام الثوري السوري، ووصلوا بالكثير من الأعمال إلى مستوى عالمي، إلا أن ذلك كان رهين الخوف من الاعتقال أو الموت من قبل السلطات الحاكمة التي سعت بكل السبل لاستهداف الصحفيين.
ويعمل الصحفيون والنشطاء في سوريا بظروف وقوانين مختلفة تحكم عملهم، بحسب الطرف العسكري المسيطر على الأرض، ما بين نظام الأسد والمعارضة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وبالتالي يعمل كل صحفي ضمن قانون وظروف تختلف من منطقة لأخرى.
ومنذ العام 2011 حتى العام 2021 وصل عدد الانتهاكات بحق الإعلاميين إلى 1421 انتهاكا مارسته كل أطراف النزاع في البلاد، وذلك بحسب "رابطة الصحفيين السوريين"، التي وثقت مقتل 462 صحفيا وإصابة 345 آخرين، إضافة لـ 374 حالة احتجاز واعتقال وخطف، في حين وصل عدد الانتهاكات ضد المؤسسات الإعلامية إلى 125 انتهاكا.
تحديات
يقول السكرتير العام لرابطة الصحفيين السوريين "صخر إدريس" في اتصال مع بلدي نيوز، "نشأت في سوريا صحافة مهنية مستقلة رغم وجود بعض القيود، ولاتزال تحتاج إلى تدريب وتمكين وبناء قدرات، ولا يمكن تجاهل أن سوريا تعتبر أيضا أخطر بلد في العالم للمراسلين الصحفيين، علما أن العديد من الصحفيين والمواطنين يخاطرون بحياتهم لتوثيق الأحداث فيها".
ويضيف "إدريس"، أن من أبرز عوائق العمل الصحفي أن سوريا مقطعة الأوصال حاليا وترزح تحت عدة سلطات ولا يوجد بيئة حقيقية للصحافة الحرة مع انعدام قانون ناظم يردع الانتهاكات بحق الصحفيين في ظل فشل الدولة.
ويرى أنه بالرغم مما ذكر؛ فإن الصحفيين السوريين يواجهون هذه التحديات بشتى الوسائل، إذ يتطلب الوضع من كافة المؤسسات والوسائل في القطاع الإعلامي أن تتضافر أيضا مع منظمات المجتمع المدني لتخفيف من حدة انتهاكات حرية الصحافة.
وخلال السنوات الماضية، ولدت مؤسسات تعنى بحقوق الصحفيين، إلا أن التحديات لاتزال موجودة بميدان العمل مع استمرار الصراع في سوريا وتدخل أطراف إقليمية ودولية فيه وتغذيته.
وبحسب رئيس المكتب التنفيذي في "رابطة الإعلاميين السوريين"، فإن هناك عدة عوامل تحول دون وجود صحافة حرة بمعناها العام، أبرزها رعب كافة الجهات المسيطرة على الواقع السوري، وخاصة النظام السوري من القلم والعدسة الحرة التي تكشف كل تجاوزات هذه السلطات، خاصة أن جميعها عندها من الأخطاء ما عندها وإن اختلفت النسب بينها.
أمنيات وواقع مرّ
من جانبه، يرى عضو الأمانة العامة في مكتب حماة الإعلامي الصحفي محمود أبو راس، أن أي صحفي في سوريا يتمنى أن يأتي اليوم الحقيقي الذي تكون فيه حرية صحافة في سوريا وتكون الأخيرة برأس الهرم للدول التي تتمتع بحرية الصحافة.
وبخصوص تطبيق مبدأ حرية الصحافة في الواقع السوري الحالي، يرى "أبو رأس" بحديثه لبلدي نيوز ذلك "أمرا صعبا" وذلك مرده لتنوع مناطق السيطرة في سوريا "وتدخل دول أجنبية في تلك المناطق، و لا يمكن الحديث عن حرية صحافة وغياب السلطة الواحدة أو التي يمكن تسميتها السلطة الوطنية".
ويضيف "لكن رغم ذلك يجب أن يكون هناك خطوات عملية من قبل سلطات الأمر الواقع لضمان حرية عمل الصحفيين دون أي عرقلة وعقبات، وأن يكون هناك حرية للكلمة وفتح سجلات السلطات أمام الصحفيين".
ويؤكد أن الصحفي لا يتمتع بحرية العمل الإعلامي بالمطلق في جميع مناطق السيطرة بسوريا.
مهنة المخاطر
وبحسب مؤشر حرية الصحافة للعام الحالي الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، والذي يقيم ظروف ممارسة هذه المهنة في 180 دولة ومنطقة حول العالم، جاء ترتيب سوريا في المرتبة 171 بعد أن كان 173 في العام الفائت في حين كانت سوريا تحتل المرتبة 176 في العام 2012 على ذات المؤشر.
يتصف العمل بمهنة الصحافة محفوفا بالمخاطر نتيجة ملاحقة النظام للصحفيين واستهدافهم إضافة للهاجس الأمني والحياتي الذي يعيشه الصحفي، وهذا يؤثر على تقدم الصحافة وتطورها، بحسب ما قال مدير المركز الصحفي السوري "أكرم الأحمد".
ويرى "الأحمد" في حديثه لبلدي نيوز، أن السبيل لتطوير العمل الصحفي داخل سوريا يكون من خلال دراسة الواقع لمعرفة متطلباته، ووضع خطط طويلة الامد لتطوير قطاع الصحافة.
ويتابع "بشكل موازٍ يجب تشكيل روابط وهيئات تكون بعيدة عن السلطات لتنظيم العمل الصحفي وتطويره، مع وضع قواعد عمل واضحة يتفق عليها الصحفيون، بحيث تكون منظمة للمهنة ككل والاستفادة من الكوادر والخبرات السورية الموزعة على دول العالم، وهذه ميزة تضاف لميزة الصحفيين السوريين الذين اطلعوا على ثقافات وقدرات الصحافة الغربية وكيف تطورات لدى بعض الدول وكيف اصبحت فاعلة وبناءة".