هل من الممكن أن يمثل بشار الأسد أمام العدالة؟ - It's Over 9000!

هل من الممكن أن يمثل بشار الأسد أمام العدالة؟

The Reporter - (ترجمة بلدي نيوز)
هنالك العديد من العناصر السيئة في سوريا، ولكن لا شيء أسوأ من رئيس الحكومة بشار الأسد، والذي ارتكب جرائم حرب، منتهكاً بشكل صارخ القانون الإنساني بشكل لم يسبق له مثيل: هجمات القناصة على المتظاهرين السلميين في تظاهرهم السلمي من أجل نيل الحرية خلال الربيع العربي، اعتقال وتعذيب الآلاف من المدنيين، استخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة دولياً ضد المدنيين والمقاتلين، إسقاط البراميل المتفجرة على الأحياء المدنية، تجريف مدن بأكملها، محاصرة وتجويع المدن ومنع وصول مساعدات الامم المتحدة أو أي مساعدة إنسانية ماسة إليهم، لقد ترأس الأسد بكل برود سياسة تدمير بلاده.
لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط الكثير من المستبدين الذين قاموا بأعمال شنيعة ضد شعوبهم من أجل الحفاظ على هياكلهم السياسية والإيديولوجية، ومنهم الديكتاتور بشار الأسد الذي واصل بشتى الطرق الدموية التعامل ببطش مع شعبه، في حين يظهر لامبالاته لمعاناة البلاد.
وليس من الخطأ التساؤل عما إذا كان سيلقى العدالة في يوم ما، أو ما إذا كان سيتم جلبه إلى المحاكمة، أي محكمة، خصوصا محكمة جنايات الدولية، والتي يمكن لها أن تحكم بحكم يليق بجرائمه، ومع ذلك، فإن الفرق السورية والدولية التي تعمل على إعداد المذكرات القانونية ولائحة الاتهام الموثّقة والموجّهة للأسد، آملين في التغلب على اثنين من العقبات الأساسية، التي يتوجب وجودها في المحاكمات لأشخاص كالأسد، وكما سبق في المحاكمات السابقة للشخصيات السياسية المجرمة: أولاً، تجميع الأدلة الموثقة على الجرائم المرتكبة، وثانيا، الربط الحقيقي والواضح بين الأحداث ويد الأسد.
ففي كثير من الأحيان قد يستغرق الأمر سنوات لتجميع وثائق وشهادات الشهود لإدانة مجرمي الحرب، و قد جمعت إحدى المجموعات الكثير و الكثير من الأدلة، إذ أن شحنة واحدة من الوثائق التي تم تهريبها من سجون الأسد كانت تحتوي على أكثر من مئة ألف سجل وصور فوتوغرافية، والتي كانت مخبأة في الكهوف والمباني المهدمة، والتي هرّبت لاحقاً من قبل كريس إنجلز، محقق جرائم الحرب الذي يعمل لدى لجنة العدالة الدولية والمساءلة، المنظمة المستقلة والتي تأسست في عام 2012، حيث أن عدد الوثائق المستخرجة من قبلها حتى الآن وصلت إلى أكثر من 600.000.
إن تلك الدلائل التي تم جمعها يمكن القول بأنها من نوعية استثنائية، لأنها تتكون من الوثائق الأصلية التي قدمت من قبل شخص يعمل داخل حكومة دمشق، في جماعة تسمى بخلية إدارة الأزمات المركزية، والتي أنشأها الأسد للإشراف على تنفيذ مهام الحرب، ولهذا السبب، يصبح من الممكن ربط الديكتاتور السوري بكونه المسؤول عن القتل والتعذيب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
إن ربط الأدلة، والذي يمكن أن يكون في بعض الأحيان صعب الإثبات، واضح جداً في الأدلة المقدمة من خلية إدارة الأزمات، حيث أن الخلية ترسل مقترحاتها للأسد للموافقة عليها، والتي تعود مع توقيعه، بل أن هنالك أوامر وقعت من أعلى الشخصيات في الحكومة، وتقارير تبلغ عن الآمرين بتنفيذها، وفقاً لستيفن راب، السفير المتجول لمحكمة جرائم الحرب للتقصي عن الادلة، فإن هنالك ما يكفي من الأدلة التي توثق ارتباط أشخاص في أعلى المستويات بقتل حوالي 10.000 نسمة.
لقد وفّر تدفق اللاجئين من سوريا أيضاً الفرصة لمقابلة العديد من ضحايا عنف الأسد، وسماع الكثير من الشهادات المباشرة والتحقق من شخصيات الضحايا بل وحتى الآثار الملموسة للتعذيب، وإذا ما تم التغلب على العقبات في الأدلة، فإن العقبات السياسية للمحاكمة قد تكون أكثر إزعاجاً، فمعاهدة روما التي قامت على إثرها المحكمة الجنائية الدولية، وضعت صلاحية بأن تُأمَرَ النيابة العامة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث أن هنالك أعضاء دائمين اثنين "روسيا والصين" والذين من المرجح جداً أن يقوموا بالاعتراض على أي محاكمة للزعماء المستبدين، ففلاديمير بوتين المستبد بنفسه سيعارض ذلك، وعلاوة على ذلك، فقد أصبحت روسيا حليفاً لنظام الأسد، و قامت بتمكينه في سوريا.
وفي حين أن جزئاً من المجموعة الدبلوماسية الأساسية تعمل من أجل إيجاد حل للحرب الأهلية السورية، قامت روسيا في العام الماضي فقط بإمداد جيش الاسد بالأسلحة والعتاد والطائرات الروسية، والتي ساعدت في ضرب ليس فقط المناطق التي يسيطر عليها الثوار، ولكن أيضاً البلدات والأحياء الأخرى التي يخشى النظام السوري أن تقع في ايدي الثوار، ونتيجة لذلك، فإن أفضل فرصة حتى الآن لإجبار الأسد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات قد فقدت.

وفي وقت سابق، أوضح الديكتاتور السوري عن نيته بمواصلة القتال حتى استعادة قواته للسيطرة على كافة الأراضي السورية، وبالنسبة للمستقبل القريب، فإن الملاحقة القضائية بناءً على تفويض من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ليس وارداً، وثمة خيار آخر هو محاكمة من قبل الحكومة السورية في مرحلة ما بعد الحرب، وبموجب معاهدة روما التي من شأنها أن تكون العامل الرئيسي، يمكن اللجوء حينها إلى محكمة العدل الدولية في المقام الأول، كما في الحالات حيث فشلت السلطات المحلية في محاسبة مجرمي الحرب، ولكن ونظراً لجميع الأطراف المعنية في الصراع السوري، بما في ذلك اعتبار القوى الإسلامية والإقليمية مثل تركيا والسعودية وإيران وقطر، فإن إعادة تشكيل حكومة شرعية في مرحلة ما بعد الصراع في سورية ستكون عملية صعبة وطويلة.
ووفقاً لتقرير هيومن رايتس ووتش فإن النيابة العامة قد تعقد محاكمة سريعة، حيث يمكن محاولة محاكمة منتهكي حقوق الإنسان عندما تفشل المحاكم المحلية بالقيام بذلك، تلك السابقة التي استخدمت في حالة الدكتاتور التشيلي السابق جيستو بينوشيه خلال تسعينيات القرن المنصرم، كما حوكم المخالفون في البوسنة ورواندا في المحاكم الأوروبية وأمريكا الشمالية، وعلى الرغم من التعقيدات الدبلوماسية فقد تمت محاكمة مجرمي الحرب في السلفادور في المحاكم الأمريكية، ومن الممكن بعد ذلك أن تقوم السويد، فرنسا وألمانيا وبعض البلدان أيضاً أن تحاول محاكمة منتهكي حقوق الإنسان السوريين، ومن المرجح أن يكون هنالك أعضاء سابقين ذو مراتب صغيرة عملوا لدى النظام.
هيومن رايتس ووتش تقوم برفع قضية المحاكمة وفقاً لمبدأ الولاية القضائية العالمية على هذا النحو:
المحاكمات الوطنية التي تقام في محاكم بلدان طرف ثالث، حيث أنها تقوم بأكثر من مجرد معاقبة الأفراد "إنها إشارة إلى المسؤولين عن جرائم الحرب في نظام الأسد بأنهم هم أيضاً، يمكن أن يجدوا أنفسهم في قفص الاتهام، كما أنها تقدم العدالة أيضاً لضحايا سورية، والذين ليس لديهم حالياً أي مكان للإنصاف، وبإمكانية المحاكم المحلية في الدول المضيفة للاجئين أن توفر لهم الفرصة الحاسمة لتحقيق العدالة.
وفي الوقت نفسه، فإن لجنة العدالة الدولية والمساءلة، وغيرها من المحققين الوطنيين والدوليين يستعدّون لحين تغيّر الظروف السياسية، بأن يقدموا الأسد وأعضاء نظامه المتورطين بجرائم الحرب، وأعضاء خلية إدارة الأزمات المركزية إلى المحاكمة بتهم ارتكاب جرائم الحرب.
وفي الوقت نفسه، فمن الأهمية عدم الوقوع في الفخ الذي نصبه الأسد للعالم بأجمع، وذلك في مقارنة تنظيم "الدولة" كبديل وحيد لنظام الأسد، وأن يقع الاختيار على الأسد باعتباره أهون الشرين، ولأجل شعب سوريا وشعوب الشرق الأوسط الكبير يجب أن نبدأ بتعبيد الطريق الطويل نحو الديمقراطية والأمن والاستقرار والذي لن يتم إلا بالتخلص من الاثنين معاً : الأسد وتنظيم الدولة .

مقالات ذات صلة

"التفاوض السورية" للاتحاد الاوربي: التطبيع مع النظام ينسف القرار 2254

الحسكة.. "قسد" تطلق عملية في مخيم الهول

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

إيران تشتكي إسرائيل للأمم المتحدة بسبب استهداف معبر المصنع الحدودي

رأس النظام يعين فيصل المقداد نائبا له

تركيا تنفي تحديد موعد ومكان لقاء أردوغان وبشار