بلدي نيوز – (علاء نور الدين)
بدا واضحاً في الأيام القليلة الماضية محدودية أو غياب التغطية الجوية الروسية لقوات النظام ضمن المعارك الدائرة في جبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية، والتي أسفرت عن تقدم فصائل الثوار في المنطقة، علاوة عن انخفاض عدد الطلعات الجوية باتجاه الشمال السوري.
تراجع التغطية الروسية فتحت الأبواب للتساؤل حول الاسباب التي تسعى روسيا من ورائها بتخفيض أو ترك قوات النظام والميليشيات الشيعية على الأرض دون تغطية جوية، حيث ظهرت النتائج جلية في ريفي حلب الجنوبي واللاذقية الشمالي، ومن خلال المعارك الدائرة في هاتين المنطقتين استطاع الثوار السيطرة على مناطق استراتيجية مهمة، وتكبيد ميليشيات النظام وإيران خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
مراقبون ومحللون عزوا السبب في النهج الروسي الأخير إلى رسائل يريد الروس توجيهها لعدة أطراف محلية وإقليمية ودولية ذات علاقة بالملف السوري وسير الأحداث على الأرض.
راني جابر، وهو المحلل العسكري في شبكة بلدي نيوز قال أن انخفاض مستوى الدعم الجوي الذي يحصل عليه النظام في حلب والساحل، ما هو إلا ضغط روسي على النظام أكثر من أي شيء أخر، فروسيا تدرك مستوى قدرة قوات النظام على الصمود بمفردها، ما يعني أنها تضغط على النظام بالسماح بخروج عدد من المناطق من يده، وبخاصة في الساحل، والتي تعتبر المنطقة الأكثر حساسية للنظام ومواليه وقربها من حواضنه الأساسية، وإلا فلا وجود لسبب منطقي عسكري لتخفيض مستوى الضربات الجوية الروسية حالياً.
ويرى الجابر أن روسيا ربما تسعى للضغط على النظام للتخلي عن إيران أو تخفيض ارتباطه بها، أو إظهار إيران بمظهر العاجز، فهي لا تستطيع الصمود بمفردها في الساحة السورية.
ويعتقد الجابر أن تخفيض التغطية الجوية الروسية تبدو محددة بفترة زمنية ما، وستعاود روسيا تكثيف ضرباتها الجوية، بمجرد انتهاء السبب الذي دفعها لتخفيفها، ما يعني أن الثوار يجب أن يستغلوا الوقت للتقدم لأقصى حد ممكن خلال فترة انخفاض الدعم الجوي للنظام.
من جانبه، يرى وائل الأحمد، أحد الضباط المنشقين عن قوات الأسد أن روسيا تعلم حقيقة ما يسمى "الجيش السوري"، وأنه ليس بمقدوره الصمود في أي معركة مهما كانت بسيطة لفساده بالأساس، وتحوله إلى مجموعة مكونة من مجموعات ميليشياوية وعصابات عقائدية أكثر ما هي "جيش"، ولذلك روسيا تريد أن توجه رسائلها لجميع الأطراف المقاتلة إلى جانب النظام، وتعريتها أمام نفسها قبل العالم.
ويؤكد الأحمد لبلدي نيوز أن "جيش الأسد" يفتقر الآن لكل قدرة جوية صاروخية أو طيران يمكنها أن تسد جانباً من أي فراغ روسي للمعارك الدائرة على الأرض، و"كلنا يعلم حقيقة الخردة التي يقاتل بها نظام الأسد والتي كدسها من جيوب السوريين على مدى عقود"، على حد قوله.
في السياق، يرى مراقبون أن الرسالة الروسية الأهم موجهة لإيران وعلى وجه الخصوص "حزب الله"، بعد تنامي خطاب متزعم الميليشيا مؤخراً، واعتبار حلب معركة الحزب "الكبرى"، مؤكدين بذلك على أن الميليشيا وبعد يومين أعلنت عن "استحالة" محاصرة حلب أو السيطرة عليها.
ويذهب آخرون إلى أن التوافقات الدولية بين روسيا وتركيا واسرائيل، أحدثت تغييرا في المعادلة على الأرض، ومن خلالها تريد روسيا أن تثبت للأطراف المتصالحة معها مدى قدرتها في التحكم بزمام الأمور على الأرض السوري وعلى مختلف الأصعدة.